الأخوة التونسيون لا يقبلون الكلام ولو بكلمة إيجابية واحدة عن الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ويحسبونه كما يرونه وعاشوا أيامه، و"أهل مكة أدرى بشعابها"، ولا أكتب عنه مديحا وتمجيدا، وإنما أقارن حالته بأحوال الحكام العرب الذين ذاقوا مصيرا مهينا من بعده. فالرجل ربما استيقظ (أو جاءه الأمر، أو الجيش أجبره على المغادرة)، فركب الطائرة وتاه في الفضاء يبحث عن مهبط ومأوى، وترك الأوضاع على حالها للشعب الذي ثار عليه، أن يقرر مصيره. وربما حصل ما حصل قبل ذلك لكنه أدرك أن لا فائدة من التحدي والمكابرة والعناد، وفعلها بهدوء وصمت وسرية باغتت الجميع. اقرأ المزيد
الثورات العربية تأكلها الكراسي وتجهضها المآسي وهي لا تزال في مهدها، فالقِوى الثائرة ما أن تثور وتُسقط نظام الحكم، حتى تتوهم الإنجاز والانتصار فتستيقظ فيها نزعات ورغبات أنانية استحواذية، لا تعنيها المصلحة الوطنية والمنفعة العامة المشتركة، وإنما أن تحقق المكاسب والتي معناها السلطة، أي أنها تريد الإحلال مكان السلطة التي تغيرت، وتعبئة السجون التي أفرغت. ومعظم الثورات العربية إن لم نقل جميعها قد تم سرقتها من قبل قوى لا تعرفها وما شاركت فيها، والمشكلة المرعبة التي تعانيها القِوى الثائرة، أنها تنتكس عند أول استجابة من السلطة أو نظام الحكم، وتبدأ بالبحث عما ستجنيه، وهذا السلوك يضعها في محنة التصارع والاستنزاف الداخلي،. اقرأ المزيد
الوطن العربي الكبير بتاريخه العريق وحضارته وشعبه يعيشون هذه الأيام أوضاعاً متضعضعة ما بين الربيع العربي والحروب الداخلية والانقلابات، والكثير من هذه الأوضاع التي لم يعهدها هذا الجيل الجديد من العرب، كل ذلك جاء من اجل تطبيق صفقة القرن وفرضها علينا بكل الطرق والوسائل. أمريكا تصدر القرارات وتطبقها وتَمَثَل ذلك في إعلان القدس عاصمة لإسرائيل والجولان أرضاً غير محتلة، وأزمات كثيرة افتعلها الغرب، من أجل إضعاف الوطن العربي من خلال ما يسمى بالربيع العربي، ومعظم دول العالم بين رافض ومؤيد لهذا الوضع الجديد، وداعم للهيمنة الأمريكية على العالم بشكل لم يسبق له مثيل، وخصوصاً بعد تولي ترامب سدة الحكم في أمريكا. اقرأ المزيد
الأمة وكأنها لم تنفخ في وعيها روح السماء، فتمَوْمَأتْ (من المومياء) وراحت تنتظر عودة الروح إليها، وهي خامدة هامدة في مقابر الأيام الكسيحة الظلماء. وعودة الروح فكرة مصرية قديمة أوجدت علم الطب للقيام بالتحنيط والتطبيب، وعلم الهندسة لإنشاء المقابر الحافظة للأبدان المحنطة بانتظار رجوع الروح إليها وانطلاقها في الحياة من جديد، أي أن الموت كان في مفهومهم رحلة إلى عالم آخر والعودة منه ثانية إلى الحياة. وربما كانت فكرة البعث تتمثل بعودة الروح إلى الأبدان التي أمعنت في موتها. اقرأ المزيد
إذا طالت التظاهرات فإنها تتطور وتتعثر وينحرف مسارها وتتجه نحو العنف والمواجهات الدامية، وهذا ما يؤكده السلوك الجمعي للبشر في أي مجتمع، سواء كان متقدما أو متأخرا. وأقرب دليل على ذلك ما حصل في باريس، وقبلها في عدد من المجتمعات المتقدمة، التي احتشد فيها الناس وتكرر احتشادهم، مما ترافق بتصرفات عنيفة وأعمال عدوانية وتخريبية ذات خسائر فادحة. والفرق ما بين المجتمعات المتقدمة والمتأخرة في هذا الشأن، أن الأولى ذات أنظمة حكم دستورية مستقرة تتيح للقانون أن يُفرض بقوة وصرامة، فتحسم الموقف بتوجيه التهم ضد الذين قاموا بسلوكيات مناهضة للسلامة والاعتداء على الممتلكات العامة. أما في الثانية فإنها ذات أنظمة حكم فردية أو حزبية، اقرأ المزيد
التغيير قرار سياسي ولا يمكنه أن يكون منطلقا من الأسفل إلى الأعلى، وإنما يجب أن يكون إرادة مفروضة من الأعلى على ما تحتها، وهذا يعني أن الثورات العفوية مهما بلغت من القوة والقدرة فإنها لن تُحدث تغييرا، إذا افتقدت للقيادة والعقل الرائد المستوعب لتطلعاتها والقادر على استحضارها والعمل بموجبها، فالثورات العفوية الخالية من القيادة الموجهة لها هي ثورات مقطوعة الرأس. اقرأ المزيد
الشعب الجزائري يعلمنا درسا قد غفلناه منذ تأسيس دولنا خلاصته، أن مجتمعاتنا محكومة بكراسي فاقدة الصلاحية الدستورية والقانونية والسياسية والنفسية والفكرية والعقلية، أي أنها تضم أرهاطا (الجماعة من ثلاثة أو سبعة إلى عشرة) من المعوقين نفسيا وسلوكيا، مما تسبب بتحقيق أفظع التداعيات والامتهانات للوجود الإنساني في دول المنطقة. ومَن يدرس سلوك الكراسي منذ بداية القرن العشرين وحتى اليوم سيتضح له مدى عَوَقها وفقدان صلاحياتها للعمل، وهذا يفسر ما أصاب الدول التي استحوذت على مصائر أهلها، وحولتها إلى موجودات لا تصلح لمكانها وزمانها. اقرأ المزيد
ما تخوضه الجزائر هذه الفترة من انتخابات للعهدة الخامسة، قسم من الشعب الجزائري يرفضها والقسم الأخر يؤديها، نزل الشعب إلى الشوارع لإبداء رأيه الحر دون أي ضغوطات خارجية بعدما رفض الشعب والجيش والمعارضة أي تدخل خارجي. الجزائر دولة عربية وهي مهتمة جداً بفلسطين ودائماً تعلن بان القدس عاصمة فلسطين، وفي خضم هذه المظاهرات في الجزائر اللافت والمميز أن العلم الفلسطيني مرافق (مُتعانق) مع العلم الجزائري، وهذا إن دل على شيء يدل على أن الشعب الجزائري واعٍ لحجم المؤامرة على هذا البلد ويرفض التطبيع، ويرفض أن تُمرر صفقة القرن من خلال احتجاجات سلمية، لانتخابات رئاسية حرة ونزيهة كما أعلنتها الجزائر. والمواقف المناصرة والمؤيدة لفلسطين من الجزائر دائماً تكون محط أنظار العالم، واهتمام الجزائر حكومة وشعباً بالقضية الفلسطينية اقرأ المزيد
"البَطحُ: البَسْطُ. وبطحه على وجهه يبطحُه بطحاً أَي أَلقاه على وجهه فانبطح". والانبطاح هو الاستلقاء أرضا ، ويقال بطحته أي ألقيته أرضا. وفي بلادنا هناك مدن يستخدم فيها الصبية كلمة "نتباطح" بمعنى نتصارع وأيهما يمكنه أن يلقي الآخر أرضا. والتباطح قد يكون بين الأقوياء، أو بينهم وبين الضعفاء الذين لا طاقة لهم على مواجهة صولاتهم وعنفوانهم. والشعوب المبطوحة هي المَلقية أرضا في حلبات التباطح المعاصر، حيث يريد القوي ما يريد، والجماهير الغفيرة تصفق وتنتشي بالبطح الحضاري الرائع، كما أنها تتصف بالتبعية والإذعانية والخنوع لإرادة فردٍ ما، يحركها وكأنها الدمى أو الأرقام الجامدة. اقرأ المزيد
التبعية عبودية والمتبوع يستثمر في التابع ويسخره لتحقيق مآربه وتطلعاته، ولا يعنيه من شأن التابع إلا أنه يمثل إرادته ويحقق أوامره وينجز مشاريعه، وأي خلل في هذا السلوك يعني التخلص من التابع واستبداله بآخر وهكذا دواليك. وعلة بعض المجتمعات العربية أنها تستلطف التبعية وتتلذذ بعدم المسؤولية، فهي تريد أن تكون بريئة رغم اشتراكها الفظيع بالجريمة، وتتوهم بأن المجرم هو المتبوع الذي فعل ما فعل، وتحسب أن تظلمها سيقيها من المخاطر والتداعيات ويضع على رأسها تاج الأمنيات، وهي في غفلة من المتبوع الذي يأخذها لتلقى مصيرها في سلال المهملات. فكل تابع مشلول الإرادة وكل متبوع مستبد الإرادة ومطلق القرار، وهذا قانون ينطبق اقرأ المزيد