ذات يوم في ثمانيات القرن العشرين كنت أتابع حوارا تلفازيا مع الكاتب المصرية الدكتور يوسف إدريس رحمه الله, فسأله المحاور عن السياسات العربية, فكان جوابه: "مفيش سياسة"!! وبقيت العبارة تتردد في ذاكرتي كلما تأملت ما يجري في بلاد العُرب أوطاني, فأجد أن الجواب الجامع لكل ما يحصل من أحداث وتداعيات وانهيارات عاصفة يكمن في "مفيش سياسة"!! اقرأ المزيد
الواقع العراقي خصوصا والعربي عموما يتمتع بظاهرة غريبة توالت على الحياة السياسية منذ أن استقلت الدول العربية, وتتلخص بأن أنظمة الحكم تأتي بانقلابات تسمى ثورات أو انتفاضات, والقائمون بها من الذين بلا خبرة سياسية وقدرة على إدارة الحكم, فيخضع المجتمع لرحمة تجاربهم وأخطائهم ومزالقهم وخطاياهم, وبمرور بضعة سنين يتعلمون شيئا من السياسة وفنونها بعد أن أحرقوا الأخضر بسعر اليابس, وحالما يحاولون التكفير عن مآثمهم بإصلاحات وطنية ذات قيمة ومنفعة للناس يجدون رؤوسهم قد أينعت وحان قطافها, اقرأ المزيد
هذه خاصية سائدة في المجتمعات المتقدمة ومعدومة في المتأخرة، وتبدو كعلامة فارقة متميزة، تفصل بين التأخر والتقدم. فالمجتمعات المتأخرة تئن وتتظلم وتتشكى من زيادة عدد السكان، وكأنها لا تعي ولا ترى الصين والهند والدول الأخرى ذات المجتمعات المليارية الأعداد، وقد أجادت ابتكار الوسائل الاستثمارية بالأفكار والإنسان وتطورت وتقوت بها وتمكنت من الحياة الحرة العزيزة الكريمة القوية. وقد رأينا ذلك واضحا في مجتمعاتنا التي تجهل قياداتها اقرأ المزيد
من العلامات الفارقة التي تميز التأخر عن التقدم هي آليات التفكير التي تتحكم بالرؤى والتصورات السائدة في المجتمع, ففي العالم المتأخر تهيمن آليات التفكير الماضوية العقيمة, وفي العالم المتقدم تتفاعل آليات التفكير المستقبلية الواعدة المتجددة المنطلقة نحو آفاق متواكبة. وهذا الفارق جوهري وأساسي ويحدد مسارات الحركة ويتحكم بمصير الأجيال, ويرسم خارطة سلوكها وما يتحقق في مواطنها. فالعالم المتأخر محكوم بما مضى, ويستهلك قدراته وطاقاته في نبش الأجداث واستحضار إرادة الغابرات, ومحاولة إدارة عجلة الزمن اقرأ المزيد
التعريف المعاصر للذكاء لا يأتي من المقاييس والتقديرات الاختبارية, بل من مدى القدرة على رؤية المستقبل, فالذي يمتلك هذه القدرة يكون متفوقا ومتقدما على غيره, لأنه يتصرف بآليات ذات تأثيرات متوافقة وإيقاعات الآتي الأكيد. ومن المعروف أن المخلوقات الأرضية ذات قدرات حسية وإدراكية محدودة, وهي في حقيقة وجودها مقيدة أو محبوسة في مديات تلك الحواس والمدارك, فهي لا ترى كل شيء ولا تسمع كل صوت, أو تدرك كل فكرة وحالة قائمة في واقعها الأرضي, وإنما هي ذات قابليات نسبية قد تتفاوت بينها لكنها تبقى مقيّدة ومحصورة في داوائر ضيقة. اقرأ المزيد
اللصوصية \KLEPTOCRACY !! مصطلح معناه أن المجتمعات يتم حكمها باللصوص, إذ يتم وضعهم في كراسي السلطة, ويُحسبون قادة وسياسيين, بشعارات خداعة لتمرير العبث بثروات البلاد والعباد وسرقتها, وتجريد المواطنين من قدرات الرفاه الاقتصادي, وحشرهم في أنفاق الركض المرهق وراء الحاجات. وبهذا الأسلوب يتم تراكم الثروة الشخصية واحتكار السلطة السياسية من قبل المسؤولين, الذين يدينون بعقيدة الفساد كآلية مفضلة للحكم. اقرأ المزيد
العلاقة وطيدة بين الإقلاق والإملاق, فلكي تفقر مجتمعا عليك أن تقلقه بأية وسيلة متاحة وفاعلة في حياته. والإقلاق سياسة معروفة اتخذتها القوى المهيمنة على الشعوب, لإشغالها بتفاعلات ضيقة واستنزافية ترهقها وتبدد طاقاتها وتمنعها من التفكير بحاضرها ومستقبلها, فتتحول إلى موجودات مقهورة ومأسورة بخنادق الويلات والتداعيات. اقرأ المزيد
ما قرأت كتابا أو دراسة لمفكر عربي ومنذ عصر النهضة وحتى اليوم, إلا ووجدت آلية التفكير تدور في نمطية واحدة راسخة متكررة مفادها, أن أسباب التخلف تضرب بجذورها في أعماق التأريخ العربي ولقرون عديدة, ويتم ربطها بحالة أو بأخرى حصلت قبل أكثر من أربعة عشر قرنا. وتتعجب من هذا الاقتراب والقالب الذي لا يمكن الخروج منه, فأبرز المفكرين والمصلحين ساروا عليه وما استطاعوا الفكاك من قيوده, ولا أدري لماذا لم يتساءلوا: ماذا فعلت المجتمعات الأوربية عندما اقرأ المزيد
التحدي من قوانين الخلق الذي يسري بقوة وعنفوان بين الموجودات الساعية فوق التراب, ولا يمكن للحياة أن تتواصل إذا انتفى التحدي من سلوكها, لأنها ستفقد الحماس والغاية وتعيش في مستنقعات البهتان والتفسخ والانحلال والانقراض. فالتحدي ضرورة حتمية وسلوك دائب يحفّز الأحياء على التفاعل والتجدد والرقاء. وهذا ينطبق على المخلوق الفردي والجمعي, بمعنى الجماعة أو الشعب والأمة, وكما نسميها الدولة أو الوطن, وما إلى غير ذلك من التوصيفات التجمعية الحاصلة في دنيا البشر. اقرأ المزيد
المحنة المعاصرة العاصفة في الدنيا تتلخص بسيادة السمع على الإصغاء, بمعنى أن ما نسمعه من بعضنا البعض لا يتجاوز الأذنين, بل ربما لا يطرقها أو يدخل في دهاليزها, ولا يلامس طبلة الأذن إلا فيما قل وندر. وتلك معضلة خطيرة ستأخذنا إلى حيث لا تحمد عقباه, فالبشر ما عاد قادرا على الإصغاء للبشر, وكل فرد يريد سماع ما يتلجلج فيه من الأفكار والتطلعات, ويأبى أن يتصور أو يتخيل أو يقبل غير ذلك, وهذا يحصل على مستوى الأفراد والجماعات والشعوب والأمم, وما بين المعتقدات والأحزاب والفئات والمذاهب. اقرأ المزيد



