الأيام الفائتة كانت أياما جحيمية... هذا أقل ما يمكن أن توصف به هذة التجربة التي سأحاول أن أنقلها في السطور القادمة وإن كان ذلك في غاية الصعوبة نظرا لحساسية الموضوع.
أسبوعان كاملان من الإرجاز المستمر والمتلاحق أو -بأرجز على روحي- كما وصفت للطبيب، شعور عارم بالإحراج. تفكير في الجنس ليل نهار أي حاجة تثيرني حتى الأشياء العادية التي لم يكن لها نفس التأثير سابقا، وأشياء عادية غير متعلقة بالجنس من قريب أو من بعيد، أستيقظ ليلا فجأة على رغبة مريعة. حتى أحضان ابنتي وقبلاتها أصبحت ألما بالغا بالنسبة لي، حيث أنها تسبب تغييرات مخيفة في جسمي، فأتحمل قليلا ثم أدفع المسكينة بيدي وأشيح بوجهي عنها.
بدأت أفكر، لا أستطيع التحمل. أريد الخروج من حفرة الجحيم هذه، أريد الخروج بأي ثمن.
بدأت أخاف من نفسي، بدأت أحس بأني وحش وخطر على الناس ونفسي، يمكن كلمة بدأت هي كلمة غير دقيقة. الرغبة العالية متواجدة من فترة كبيرة، المفاجأة التي صدمتني فعلا. هي أن منحنى الرغبة كان يعلو وتواصل في الصعود بحيث أنه في رمضان كان أعلى من كل الأيام التي سبقته ومن كل نوبات الرغبة التي عرفتها في حياتي. يكفي أني شعرت خلالها إني ممكن أتهجم على العامل الذي يساعدني في العمل وعلى رجال آخرين، عرفت فيما بعد أنها فكرة وسواسية. – فكرة خبيثة لا أكثر-
بدأت في تناول حبوب منع الحمل لتأخير الدورة في رمضان وقرأت ضمن قراءاتي المتعددة لإيجاد حلول لهذا الموضوع، أن هذه الحبوب تقلل الرغبة الجنسية، قلت لا مانع من التجربة وأنا الكسبانة. وبالفعل انخفضت الرغبة -بالتقريب- بعد العشر أيام الأولى من تناول الحبوب. لم أهنأ كثيرا بالصيام والعبادة والتركيز فيهما، حيث كنت أتناول دواء ما لم آخذه قبلا، قرأت في نشرته عند بداية تناوله أنه يقلل فاعلية الحبوب ولم أنتبه وقتها للموضوع. نزلت الدورة الشهرية بالطبع وظلت الرغبة منخفضة، وارتفعت -كما اعتدت- بعد اليوم الخامس من بدئها.
كان موعد ذهابي للطبيب وأخبرته باعتدال وهدوء بأن الرغبة عادت وأنا -خائفة– من ارتفاعها بشكل مرهق، وأخبرته عن استعدادي لتناول حبوب منع الحمل طوال عمري -وإن كنت لا أحتاجها- إلا لهذا الغرض فقط.
الطبيب رفض الحبوب كحل وعرض علي أدوية الم.ا.س.ا التي رفضتها بشدة في جلسات عديدة منذ بداية الموضوع - خوفا – على حالتي العقلية من التدهور أكثر من ذلك.
عرض الطبيب أن يبحث لي عن أعشاب طبية تقوم بنفس الدور والتي نرجو أن تكون أقل ضررا، ووافقت.
من هنا وبعد هذة الجلسة بدأت الأرجزة الكثيرة المتلاحقة في أوقات كثيرة، منها الغريبة –كعند الحديث العادي مع عدد من المحارم- ومنها غير المناسب -مع الميكانيكي أو طبقة الصنايعية- مثلا أثناء تصليح السيارة أو في رحلات البحث عن قطع غيار، كنت أشعر وفي منتهى الخوف بأنه ممكن يظهر على وجهي رغبتي أو ارجزتي فيستغل الموقف -فكرة وسواسية- كانت تتملكني فكرة تبدو قريبة وحقيقية أنه إذا لمسني عرضا أو استهبالا سأتجاوب معه -فكرة وسواسية- .
طبعا كنت غرقانة في الأفكار التي لم تبد وقتها أفكارا أصلا –أعتقد أن هذه نقطة مهمة– لكن شكيت للحظات وإن لم أرجح أنه وسواس.
ومن هنا يبدأ الفصل المشوق من المسرحية...، هنا تبدأ الميلودراما، كل الوسواس والقهورات اللي عرفتها في تاريخي ظهرت كلها، لكن على خفيف. كل ما يتعلق بالخوف وتجنب الإفرازات البشرية، عدم دخول دورة المياة أبدا خارج المنزل والتدقيق جدا داخله، الحرص في لمس ابنتي إذ ربما تكون ملابسها غير طاهرة.
وساوس الطهارة: الاستنجاء مع العد حتى3و7 وتكرار العدد، وغسل أجزاء أخرى من الجسم غير موضع الاستنجاء، والتساؤل هل أحتاج اغتسالا بعد كل هذه الانقباضات والإفرازات؟ والصلاة: الشك في عدد الركعات وقراءة الفاتحة، ووساوس أخرى لا أتذكرها الآن. كنت أتغلب على هذه الوساوس في مرات وأخفق مرات أخرى.
لما اشتد موضوع الرغبة والتفكير في الجنس حاولت استدعاء بعض القهورات بنفسي ربما أنشغل بها وتنسيني، مثل غسل الأطباق أكثر من مرة، تنظيف الحمام أكثر من 20 مرة عند الاستخدام الواحد، التركيز في الصلاة لإبعاد الأفكار الجنسية خلال الصلاة –والذي كان يسلمني بالطبع للشك في عدد الركعات والقراءة والركوع والسجود... الخ- لكن الأفكار الجنسية استمرت وبضراوة والإرجاز مستمر ومتكرر عمال على بطال.
أحسست بأن وسواسي الأليف وحبيبي الوحيد قد تخلى عني. فعلا كان هذا هو شعوري، لم تستطع قهوراتي التي استدعيتها إسعافي. وبكيت.... بكيت فعلا لأجله، لأجل وسواسي خاصة. وكانت جلستي مع طبيبي: بصي يا بنتي.
أنا: نعم؟
الطبيب: ما دامت الأرجزة عمال على بطال أو كما تقولين "على روحي" يبقى منشأها غير جنسي.
أنا مندهشة: نعم؟؟
الطبيب: أقولك.
أنا بعصبية: لأ متقولش.
الطبيب: ذا وسواس.
أنا مصعوقة: إزاي؟؟
الطبيب: سأفهمك.
أنا مقاطعة بعصبية: لأ متفهمنيش.
..........
.......
بصراحة كنت أخاف على أفكاري، كنت أشعر أن بها أماني "الأمان" بالرغم من أنها عذبتني عذابا كبيرا لا يحتمل.
الوسواس ضحك عليّ و"اداني على قفايا".. وطالع بأكثر من وجه، طالع بأكثر من منظر في حياتي، وعلي إني أختار أكمل معاه، ولا كفاية وكل واحد من طريق؟
لا أعرف.
أنا: طب ربنا يخليك نسد الحفرة دي، استسلمت، اكتب لي أي حاجة.
الطبيب بعد مناقشات: نسد الحفرة دي.
اقرأ أيضاً:
فوائد الوسواس القهري2