حكت لي فقالت: "لن تصدقي ما حدث مع ابنتي بالأمس، فقد قررت ابنتي سلمى المشاركة في انتخابات اللجنة الاجتماعية في المدرسة، وحينما عدت من عملي وجدتها قد قامت بعمل لوحات كبيرة، كتبت عليها "انتخبوا زميلتكم سلمى، رمز الفراشة" تقول الأم: فأبديت إعجابي بالأمر وقمت بتشجيعها، ولكنني وجدتها تقول، بقي أمر واحد لأضمن نجاحي في هذه الانتخابات، الرشوة الانتخابية" فسألتها الأم في ذهول: "ماذا تقولين؟" قالت الفتاة ذات الأحد عشر ربيعاً: بالطبع يا أمي، يجب أن أشتري كميات كبيرة من الحلوى لشراء أصوات زملائي"... تقول الأم: فلم أستطع التعليق من شدة ذهولي.
ضحكنا جميعاً بمرارة على هذه القصة المضحكة المبكية، فما فعلته هذه الطفلة ما هو إلا نموذج مصغر وأثر مباشر للثقافة السائدة بيننا حول الانتخابات.
في ذلك اليوم المحدد لإجراء انتخابات مجلس الشعب المصري ذهبت مع أختي إلى لجنة الانتخاب في دائرة..... لا يهم، فالمشهد واحد في جميع الدوائر تقريبا. وكانت المرة الأولى التي أرى فيها تلك الصورة المزرية للانتخابات المصرية رأي العين، كانت الأموال توزع جهاراً نهاراً بلا أي بقية من حياء، بل &ndashوهذا ما رأيته بأم عيني- كان هناك من يقف على باب اللجنة ويقول بصوت عالٍ: انتخبوا رقم كذا والصوت بثلاثين جنيها!!!!! والآخر قد قام بطبع مجموعة من الكوبونات التي تحمل صورته بحيث يستلم الناخب الكوبون عند خروجه من باب اللجنة ويبرز إصبعه المغموس في الحبر الفوسفوري ليستلم بهذا الكوبون... المعلوم.
أما الآخر فقد استخدم أسلوب "البطاقة الدوارة" وهو مصطلح متعارف عليه عند المزورين، بحيث يعطي للناخب قبل دخوله بطاقة تم تظليل الاختيارات فيها بحيث لا يتعب الناخب نفسه في الاختيار فالخيارات محددة مسبقاً... ولا عزاء للشرفاء.
ولذا لم يكن غريباً أن ترى أن معظم من أقبلوا على لجان الانتخاب هم من المدمنين والمرتزقة والمستويات الاجتماعية المتدنية.
وحقيقة شعرت بكثير حسرة على بلادي حينما رأيت تلك المشاهد المخزية، وحينما سألني أحد المرشحين: "هل انتخبت؟" فقلت له بلا كذب ..."نعم ، بالتأكيد..... إنتَ خِبت"
اقرأ أيضاً:
تجربة 2003 / رجل وأربع نساء / مغامرات في هيئة الأمم (2).