يوم الأربعاء الماضي استيقظت على مكالمة هاتفية من زميل صحفي يخبرني فيها بأن حزب الغد يحترق وروى لي بعض التفاصيل المدهشة عن رجال موسى ورجب حميدة والألفاظ البذيئة وكيف كانوا يزغردون ويتهللون وحزب الغد بميدان طلعت حرب يحترق مؤكدا علي أنه لو كان هؤلاء يدافعون عن أحقيتهم وشرعيتهم في الحزب فكيف لهم أن يفرحون لاحتراق ما يرونه حقا لهم. وكان سبب مكالمته هو سؤالي عن مكان أعرف أصحابه يمكنهم أن يصوروا منه بعد أن استولى ضباط أمن الدولة على الأشرطة التي صوروها لعملية الاحتراق منذ بدايتها ولم يكتفوا بذلك بل استولوا على كل ما بحوزتهم من شرائط حتى الفارغ منها.
وكان السؤال البديهي هو: ما هي مصلحة أمن الدولة في منع إذاعة الشرائط الخاصة والتي تقدم الحقيقة حول احتراق حزب الغد. والمنطق طبعا لا يمكن أن يوصلنا إلى أن أمن الدولة يريد أن يحمي فريق أيمن نور. إذن المنطق أيضا يوجهنا إلى أن الاستيلاء على تلك الشرائط هو لإخفاء الحقيقة ويؤكد تورط الأمن في تلك الحادثة حتى ولو كان الحريق قد تم على أيدي بلطجية محترفين. وفي المساء اتصلت بصديقتي جميلة كي اطمئن عليها فوجدتها بالنيابة وعلمت منها أن لا موسى ولا رجب حميدة قد استدعيا للتحقيق...
غصة عميقة وألم حقيقي يسيطر على النفس وأجدني تلقائيا استرجع يوم الاستفتاء على تعديل المادة 76 الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية وكيف تعرضت الناشطات والصحفيات لهتك عرضهن على أيدي بلطجية محترفين أمام ضريح سعد باشا زغلول رحمه الله ونقابة الصحفيين وما نتعرض له نحن النساء الآن من تحرش يومي في الشوارع.
إن إطلاق العنف والبلطجة بدوافع سياسية وأمنية خطر محيق يدفع كل فرد في المجتمع ثمنه. إنها لعبة خطرة غالبا ما تنقلب على صاحبها تماما كما رأينا السادات يدفع ثمنها حياته عندما لعب بالتطرف الديني العنيف في مواجهة القوى الوطنية المعارضة وشهدته بأم عيني عندما كنت أدرس في جامعة القاهرة حيث كان الأمن يتواطأ ويتغاضى عن الجنازير في مواجهة طلبة النشاط الفني والمسرحي الطلابي.
نقطة أخرى دامغة حول التواطؤ الأمني مع هؤلاء البلطجية والمستفيدين منهم وهي المسيرة التي قاموا بها من مكتب النائب العام بشارع رمسيس وحتى ميدان طلعت حرب فالواقع والممارسات السابقة تؤكد أن الأمن يمنع التجمعات والدليل على ذلك المكالمة التي أتت إليّ الآن من صديقي الذي يمتلك مكتبا تجاريا بشارع طلعت حرب يطلب مني عدم المشاركة في الوقفة التضامنية مع فريق أيمن نور وضد حرق مقر الحزب لأن قوات الأمن وفرق الكاراتيه التابعة للأمن المركزي لا تنبئ بخير.والأسبوع القادم سوف أخبركم بما حدث.
اقرأ أيضاً:
نظرية الكفاح المبقوق/ أبي..