خواطر حاجّة 2
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
ها قد عدت إليكم ثانية فهل اشتقتم إلي، آسفة لتأخري عليكم كل هذا الوقت فأنتم جميعا تعلمون زحمة العيد ومتطلباته.
لنعود لرحلة العمر، أين توقفنا الحلقة الماضية؟
آه نعم تذكرت لقد صعدنا إلى الطائرة ولكن طائرتنا لم تتحرك في ميعادها المحدد بالدقيقة فما أن ركبنا الطائرة وبدأت محركاتها بالتحرك على ممر الإقلاع وأخذت أنا وضع الاستعداد بقراءة كل ما خطر على بالي من قصار السور -"فلا أخفي عليكم رعبي من صعود وهبوط الطائرة وأحيانا طيرانها"- حتى توقفت عن الحراك تماما وما سمعنا بوجود عطل في الطائرة حتى ارتفعت أصوات حجاج بيت الله الحرام تجادل المسؤولين –بالزعيق أحيانا- عن هذا التقصير فتطوع كبير المضيفين بالتوضيح قبل أن تشتعل الأعصاب بأن الطائرة سليمة وليس بها أي أعطال ولكن الجرار الذي يسحب الطائرة للخلف –حيث أن الطائرة لا تسير للخلف- تعلق بالطائرة وهكذا تحركنا في السابعة متجهين إلى المدينة ولا أذكر هل كانت السابعة تماما أم السابعة إلا خمسة دقائق.
استغللنا تلك الدقائق الثمينة في النوم حيث أننا في المطار من الساعة 12.00 صباحا وتندرنا أنا وإخوتي كثيرا على تلك الحادثة وتساءلنا عين من هذه يا ترى التي أصابتنا من أول الرحلة وكيف ستكون باقي الرحلة يا ترى "يلا مش مشكلة أهو كله تكفير ذنوب وربنا يستر".
وأخيرا وصلنا إلى مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم وأخيرا أيضا أنهينا إجراءات السكن بالفندق وإحقاقا للحق فقد كان خروجنا من المطار وانتقالنا للفندق من أسرع وأيسر ما مر بي في هذه الرحلة فقد كان منظما تنظيما عاليا.
آه هل ترون معي إنه مسجده صلى الله عليه وسلم، لم أره من قبل بهذا الازدحام إنها المرة الأولى التي أكون بها بمسجده وأصلي في الساحات الخارجية. المسجد والساحات يتسع لمليون مصلى. نعم هذه هي أمتك يا رسول الله جاءوا من كل حدب وصوب من كل فج عميق. هل تسمعهم؟ هل تراهم؟ نعم هؤلاء هم من بذلت الغالي والنفيس ليصل الإسلام لهم. لقد بدأ الإسلام بك وحدك وها قد وصل الآن إلى مليار ونصف. ولكن صدقت يا رسول الله صلى الله عليك وسلم إنهم غثاء كغثاء السيل. فها أنا أراهم يتدافعون وأرى جهلهم بتسوية الصفوف في الصلاة والتفسح في المجالس والتعامل الودود فيما بينهم، إنهم يجهلون أبسط أصول الدين. وأين في مهد الإسلام في أقدس البقاع وقبل مناسك الحج، "باختصار حالهم لا يسر عدو ولا حبيب" وخصوصا أهلي وأهل بلدي من المصريين "أجدع ناس".
بالتأكيد يسمع فهذه أصوات النساء وصراخهم وتدافعهم في روضته الشريفة وهذا صوت إحدى زميلاتي في الغرفة صارخا عندما أوقعها تدافع السيدات بجانب حجرته الشريفة – عذرا لإقحامي هذه الحادثة في حديثنا فليس أقل من تضمينها خواطري لما أخذته من أذني طيلة يومين موضحتا تلك السيدة حزنها لصراخها في المكان المقدس قائلتا جملتها الشهيرة "مطولش عليك قولي طويلي" –وهذا كله في الوقت الذي نهانا القرآن الكريم أن نرفع أصواتنا فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بجانبه.
يا ترى كيف تنظر لنا الآن يا رسول الله؟......... بحزن.
هل تبكي حسرتا على ما فرطنا؟
أهذا حال أمتك؟
ولكنك قلت وما تنطق عن الهوى "الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم الدين"، حقا وصدقا يا رسول الله عليك أفضل الصلاة والسلام فهناك أقوام من أمتك قد ظهرت فيهم الصحوة الدينية قوية وهناك من يعمل لهذه الأمة بإخلاص لوجه الله الكريم نحسبهم على خير ولا نزكيهم على الله.
وفي لحظة وجدت هاتفا في أذني يتساءل: كيف الحال إن كان كل هذا الجمع الغفير ليس من العرب ولكن من الغرب "أي أوروبا والدول المتقدمة"؟ رغم عدم موافقتي على كل مظاهر المدنية الخاصة بهم. وتدافعت بعد ذلك تساؤلات ومقارنات عجيبة أسردها عليكم المرة القادمة. ولكن قبل أن أترككم أتساءل هل يعلم أي منكم أي تجمع للغرب المتقدم لأي سبب في أقل مساحة وأكثر عدد يصفه وتصرفاتهم لنا؟
ويتبع >>>>>>>: خواطر حاجَة4
اقرأ أيضاً:
يوميات مجنون: في الحج 2040 / يوميات سحابة: أطرف المواقف في رحلة الحج / لحظات سعادة / المسلمون الروس والحج في نهاية القرن الـ19