قلت لصاحبي ناجي اليقظان لا بدّ أنك فرحٌ الآن بقدوم العيد، وأحسب ـأنك رحتَ تشتري ما طاب لك من ثياب وأطعمة وألعابـ ولا شكّ أنك بعثت رسائلك إلى القاصي والداني تُهنئ بقدوم العيد وتُبارك على جري العادة!!..
قال ناجي اليقظان وهو يتثاءب: اسمع يا صاحبي هذا العيد كما تعرف حضرتك يترافق مع أعياد الميلاد المجيد.. تصور عيد الأضحى وأعياد الميلاد!! لذلك قررت قراراً لا رجعة فيه أن يكون عيدي أو أعيادي هذه السنة بما أنها اجتمعت أعياد نوم وشخير وراحة... لن أستيقظ حتى أنام والنوم يتبعه نوم وهكذا.. فماذا ستفعل أنت في هذه الأعياد التي اجتمعت وجاءت مضمومة في باقة واحدة؟؟..
قلت: والله يا صاحبي يا ناجي اليقظان أنا لست في حيرة من أمري خاصة بعد أن مضى ما مضى من أيام بعد "أنابوليس" وبعد أن بدأ "الإسرائيليون" على جري عادتهم بالعناد مثل الأولاد الصغار لأنهم كما تدري مدللون!! ولأن غزة ما زالت محاصرة جائعة منكوبة..!!
ولأن الناس في بلادنا العربية جادون مجتهدون في شراء الثياب الجديدة والحلويات وما طاب ولذّ من طعام.. لذلك قررت أن أجلس على طرف أحد الأرصفة في أي شارع وأضحك حتى أرتوي.. أما كيف أرتوي من الضحك فهذا ما لا أعرفه.. المهم أنني سأضحك وأضحك فلا شيء أنسب من الضحك في هذا الوقت..!!
قال ناجي اليقظان: سيظن المارة أنك مجنون أو شبه مجنون!!.. فمن بالله عليك يضحك في هذا الزمن الأغبر؟؟!!.. تضحك وأنت ترى ما يحدث هل أُصبتَ بمسٍ ما؟؟..
قلت: يا ناجي أنت تعرف كما يعرف غيرك أنّ الضحك ليس دليل سعادة بالضرورة وليس دليل حزن أيضاً.. الضحك تعبير عن هذا أو ذاك!!.. ومن جهتي سأضحك فليس لديّ شيء آخر أريد فعله..!!
ارتبك ناجي اليقظان على ما يبدو فهز رأسه وقال: لكنه عيد وليس حفلة للتعارف أو للتنكر أو للسخرية من أي شيء عيد يا أخي.. عيد يفرح فيه الناس ويمرحون وينبسطون وقد تطول أفراحهم على مدار ساعات النهار.. والعيد كما تعرف سعادتك يتطلب الذهاب إلى تهنئة الأهل وزيارات القبور للترحم على من رحلوا وتبادل القبلات أحياناً وما إلى ذلك.. أما أن تجلس على رصيف وتضحك فذلك مخالف لكل الأعراف والقوانين والأشكال وما شابه.. أنا معك يا أخي إن كنتَ حزيناً لما يحدث فاجلس في البيت واذهب في أحزانك وآلامك كيفما تشاء فلن يعترض عليك أحد.. سيعرفون أنك متألم مما يحدث ويعذرونك.. لكن على الرصيف يا أخي هذا غير معقول..!!
قلت: اسمع يا صاحبي يا ناجي اليقظان.. كلٌ حرٌ في تصرفه.. وأنا سأقول لكل من أقابله "كل عام وأنتم بخير" سأُهنئ الجميع.. لكن سأضحك وأضحك وأنا جالس على أحد الأرصفة وكأنني أنتظر قطاراً ما، قطاراً لن يأتي مهما جرى، ولأنه لن يأتي سأضحك.. سأنتظر قطاراً لا سكة له، ولأنه دون سكة فهو غير موجود، لذلك سأضحك.. صدقني لن أُضايق أحداً من خلق الله.. سأضحك.. وإذا انتهيت من الضحك... هذا إذا انتهيت!!... فسأبكي بقية عمري ولن أتوقف عن البكاء...
واقرأ أيضاً:
العيد / كيف كنا نمضي العيد؟ / على باب الله: رائحة العيد / تهنئة بالعيد / بُكْرَه العيد