أخي في الله دكتور وائل؛
رغم ما نواجه في الحياة ورغم ما لدينا من علم وعقل يلزمنا بلزوم الشيء لتجاوزنا الأربعين -ولا أدري كيف مرت السنون- إلا أنا لا نداوي أنفسنا بهذا النضج والعقل كم يحزنني جلدك لذاتك وشكواك من مجانين وأحيانا ضيقك بنا كمستشارين مساكين.
تعرفت على دكتور وائل من خلال الموقع تربطنا صداقة فكرية إسلامية نتية ودين في عنقه بعزومة سمك من بضع سنين ولست في عجلة عليها فما عنده يزيد إن شاء الله وأنا مطمئنة عليها. يكفيك رضا عن نفسك وتقديرا لها إطلاقك للموقع واجتهادك بحشد المتطوعين له فلماذا أشعر أنك تتوه منا في زحام الحياة.
أخي وائل لا يجب أن يتحول الحلم إلى وحش يأكلنا فما جعلت الأحلام إلا لتسرنا فإن أسرتنا وعذبتنا اسمح لي كأختك الأقل تعليما أن أنصحك بالتخلي عنه كحلم ولو كان بمكانة أبنك.
تعيش في الحياة لله أولا ولنفسك ثانيا دون أن تنسى أن لنفسك عليك حقا وإن كنا نعتبر مجانين ساحة للدعوة وزكاة العلم فإن التطوع يكون بقدر الاستطاعة فهو خارج التكليف ولا يكلف الله إلا وسعها.
أعرف مثلك تماما أن الرضا الكامل عن الذات أول مراتب التراجع على أي صعيد فنحن يجب أن نسعى دائما للتطور ولكني أراك أبدا ساخطا على مجانين أو على نفسك بسبب مجانين مركزا على سلبياته أكثر من ايجابياته فانظر كم زاد عددنا وانظر لكم العمل المتراكم عبر السنوات الأربعة الذي يشكل رصيد نسال الله أن يتقبله الله منا جميعا كل بقدر جهده وعطائه وأنت تعرف أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه وأنت تعرف أنك لا تبخل عن نفسك إن لنفسك عليك حقا ولبيتك عليك حقا ولطلابك عليك حقا ولربك عليك حقا بأن تشكر وتتمتع بالعبادة أعرف أن الله يكرمنا بفضل تطوعنا وإن كنا اليوم قادرين فلا نعلم متى تقل قدرتنا على العطاء ولكني دائما أحزن لما تقوله عن شعورك بأن مجانين تحولت لسوط آخر من سياط حياتك فإن كنا لا نملك التخلي عما نحن مكلفون به اذن لنخفف العبء مما نتطوع به.
لن أرضى بالمناسبة وسأحزن كثيرا لو حدث لا قدر الله أن توقف الموقع فهو جزء من روتين حياتي أحبه وأرجو أن يؤنسني في قبري.
موقعك جيد العطاء فلماذا يجب أن يزداد؟ يأتي تميزه الحقيقي من الاستشارات التي أتعلم منها وغيري كذلك بالتأكيد والمقالات وهي ليست بالقليلة، صديقي أنت تبلي بلاء حسنا فقدر لنفسك هذا ولا تعتب على من تشغله حياته عن آخرته وأنا أولهم أحيانا ولكنا بشر لنا لحظات ضعف.
أخشى على مجانين من بعد حياتنا لا أثناءها فأنا أعرف أنه يعني لنا أكثر مما يظن الناس بنا أنه وسيلة دعاية لعملنا الأساسي وأضحك حين يقولون ولا أرد بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ولكني أوقنها في نفسي.
أتمنى لو كنت أستطيع بذل المزيد للمجانين كمشروع تطوعي ولكن كما يقول المثل العين بصيرة واليد قصيرة فلا أقل من أن أخبرك خفف العبء يا دكتور وائل فإن الدرب طويل وكما تعرف في شأن النوافل فإن قليل متصل خير من كثير منقطع فلا أريد للموقع أن يتطور بقدر ما أريده أن يستمر.
إياك أن تصل بمجانين أو بدونها لمرحلة الاحتراق والحمد لله رمضان قريب تجدد فيه الهمة وتسأل الله لك ولنا العون والرحمة فإنما المجانين أخوة حتى وإن تخلى عنا بعض العقلاء استمر بقدر ما تستطيع لا بقدر ما تطمح، أحلم لمجانين ولنفسك كما تريد ولكن لا تضيع حلاوة الأيام سعيا وراء الأحلام.
طبعا لو الكلام يزعل تخلص منه كما يتهمك بعض السائلين على الموقع بأنكم وحشين ومش طيبين ولا تنشرون إلا ما يوافق هواكم يعني كمان مزاجيين.
كل عام وأنت بخير بمناسبة صمودك عام آخر في مجانين وكل عام وكل المجانين طيبين ومهتدين بمناسبة رمضان الكريم أقول قولي هذا رغم أني عادة أوصف بأني ست العاقلين إلا أني لا أسلم من لسعات مجانين.
واقرأ أيضاً:
معاً لنتكاتف ضد المحتل/ التربية الجنسية والطفولة/ حياة لها معنى/ التعامل مع الأزمات