الدين واضح يسير، ولا يحتاج إلى تعقيدات وتعسيرات، ومتاهات وتحليلات وتفسيرات وآليات تجهيل وإستعمار للنفوس والعقول وسلب للأرواح والخواطر.
الدين واضح قويم، يعرفه جميع خلق الله وعباده في أرجاء الدنيا الواسعة، وأسسه وطقوسه معروفة وجلية لكل إنسان، بفطرته يدرك أو ببيئته يمسك. ومن الانحرافات الخطيرة في أي دين، تحويله إلى طلاسم ومجهولات يتخصص بفك رموزها أشخاص يدّعون المعرفة والدراية، وما هم إلا يسخّرون الدين للاستحواذ على مصير الآخرين من الناس الذين تم إيهامهم بأنهم جهلة ولا يعرفون، بل ولا يمكنهم أن يعرفوا وعليهم كُتبت التبعية إلى يوم الدين.
وبعض المجتمعات التي توارثت سلوك التبعية والإذعان، مضت في متوالية من التداعيات والتفاعلات السلبية المفضية لمزيد من الخراب والدمار والهلاك، ولا تزال في محنة أن لا تبدي رأيا أو تتصدى لحالة متأزمة ومدمرة، لأن أي سلوك لا يتوافق وإيقاع التبعية إنما هو خروج عن الجماعة واعتداء على الحرمات، وتسعى آليات الطلسمية باتهام الشخص بما لا يخطر على بال من التوصيفات والمسميات التي تدعو لإبعاده أو القضاء عليه.
وهذه المجتمعات تبقى بعيدة عن دينها وتتوهم دينا غيره على أنه الدين الذي تؤمن به، أي أنها تتعبد في حضرة الذين سخروها للتبعية والإذعان، ومع الأيام تزداد المسافة اتساعا بينها وبين جوهر دينها، ولهذا تقدم على القيام بأبشع الأفعال وترتكب أفظع الخطايا والآثام بإسم دينها الذي تغربت عنه، وأصبحت في وادٍ آخر لا يعرفه ولا يمت بصلة إليه.
وفي ذلك تتحقق الفواجع البشرية، ويكون العامل المساعد فيها والمؤجج لها هم الذين يمعنون بتجهيل الناس، وإبعادهم عن جوهر دينهم وحملهم على الاعتقاد بما يقضي عليهم ويدمر مرتكزات وجودهم الأساسية اللازمة لصناعة حاضرهم ومستقبلهم. وقد رأينا ذلك واضحا في العديد من المجتمعات التي وضع بينها وبين جوهر دينها، فانحرفت بسلوكها وتوجهاتها، وأسست لحالات خسرانية وتواصلات بهتانية ذهب ضحيتها الآلاف من الأبرياء، الذين يتدحرجون على سفوح الضلالات والبهتان وهم كالمنوَّمين بخمور الدجل والخداع، والاندفاعات المنفعلة التي تجعلهم يحسبون الجريمة دين!!
وتلك مأساة سلوكية بشرية تتكرر في جميع العصور وما استفاق منها الناس، واستعادوا رشدهم وآمنوا بأنهم أصحاب عقل وما يعقلون!!
واقرأ أيضاً:
جدار برلين ينادينا؟!! / معا وسوياً!! / الأوطان موجودات أرضية لا كيانات سياسية / يا روان!! / أنا الإنسان!!