عجبت لك أيها القلب! تحب فتصير الحياة بعينيك حقوﻻ خضراء وجنان وارفة الظﻼل بل وتتفنن في صياغة أروع الصفات لمحبوبك وإن لم تكن فيه.. وتكره فتصير الحياة بعينيك جهنم الحمراء ونيران ملتهبة تستعر بداخلك لتأكل كل ما تصل إليه من روحك.... فإلى أي مدى ستستمر في عصيانك؟ إلى أي مدى ستستمر رافعا راية العصيان؟ الحب كان في نظرك اﻷمس شيئا أصبح اليوم نقيضه!! ما بك يا قلب؟ ماذا أصابك؟؟؟
عندما كنت أتحدث إلى إحدى صديقاتي ذات مرة وأخبرتني أن لها صديقة حميمة تعرفت عليها من خﻼل موقع التواصل اﻻجتماعي (الفيس بوك) وتوطدت عﻼقتهما حتى أصبحا روحا واحدة في جسدين وأصبحت كل ما لها في الحياة_ على الرغم أن تلك الفتاة من بلد عربية ولم يسبق لها أن تحدثت إلى صديقتي ولو مرة واحدة في الهاتف ولم ترى كل منهما اﻷخرى على الإطﻼق_ كدت أنا أن أنفجر من الضحك بل وأقسمت أن ذلك ضربا من ضروب الجنون...
فكيف لها أن تتعلق إلى هذه الدرجة بإنسانة لم تسمع صوتها يوما, لم ترى صورتها ولم تشاركها يوما جنونها ومرحها, حزنها وفرحها, هدوئها وضبها, جفائها وشاعريتها.. لم تراها يوما بجانبها.. لم تمسح يوما دموعها ولم تربت على ذراعها يوم حزنها ألف لم ولم ولم...... ولم ترى منها إﻻ ما أرادت كل منهما أن تريه لﻸخرى!! نعم يا سادتي فهذا حالنا في مواقع التواصل اﻻجتماعى ﻻ نرى وﻻ نسمع وﻻ نعرف إﻻ ما أرادوا لنا أن نراه ونسمعه ونعرفه والعكس منا. ولكن السؤال الذي يؤجج اﻷفكار في عقلي هو ما الذي يدفعنا إلى ذلك؟!
كانت إجابتها لي أن الله سبحانه وتعالى عندما خلقنا في عالم الذر أو اﻷرواح جعل لكل روح منا الروح التي تألفها وتنجذب إليها دون الجميع وﻻ تكتمل إﻻ بها (اﻷرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) الحقيقة أني لم أقتنع بل وتجاهلت الرد واعتبرته أيضا ضربا من ضروب الجنون. ولكني الآن أصبح لي صديقة واثنان وثﻼثة من خﻼل تلك المواقع وأصبحت أحب هذا وأكره هذا وأتعلق بذلك وأتجاهل الآخر......
وهنا تتشكل العقدة ويحتدم الصراع... فإلى أي مدى؟ إلى أي مدى يصل تعلقنا بأشخاص ﻻ يمتون لواقعنا بصلة؟ إلى أي مدى سنظل نجري وراء هذا السراب الذي أسموه ظلما بالحب؟؟ ﻻ أدرى إلى أي الرأيين أميل؟؟ رأيي المادي الملموس أم رأيها المعنوي اﻷفﻼطوني؟ ولكن الحياة تحتاج إلى الوجود الكامل تحتاج إلى أني أرى وأسمع وأشعر بك بجواري يوم حزني قبل سعادتي.. أن ألمس وجودك في كل ما حولي... أن تقضي لي حاجتي عندما أعجز وأن أكون سندك عندما تتأزم بك الحياة بالروح والجسد واﻷهل والمال وكل ما أملك وليس فقط مجرد كلمات جوفاء ﻻ تحمل سوى متعات لحظية سرعان ما تذوب
واقرأ ايضًا:
قصيدة أصبحنا/ رئيسُ جُمْهُورِيَّةِ الجنونْ/ رسالة من إفريقي إلى إيما لازارْ/ أصواتُ العربِ !/ قـلَّـةُ فَـهْـمٍ قـليـلَـةُ الأدَبِ !