كلمة لا يختلف عليها اثنان وخاصة في مصر، فهي كلمة تعني الألم والأمل للبعض. وهي أن تقف لساعات طويلة دون أي ذنب تنتظر أن يتحرك هذا الطابور ولو حتى سنتيمترات قليلة تقرّبك للهدف المنشود. كلمة تعني الانتظار الطويل والممل جداً. حتى في أبسط حقوقك تقف في طابور؛ أنا هنا لا أتكلم عن طابور البنك مثلاً الذي تقف حضرتك فيه لساعات لتودع أو تسحب بعض الجنيهات والصرّاف "يتمنظر" عليك، مرّة دمغة ومرة ضريبة يضيّع فيها نصف المبلغ المصروف، ثم بعد هذا كله يأتي أحدهم من الباب الخلفي ويصرف نقوده بكل بساطة وأنت تحدّق باستغراب شديد لليافطة أمامك: "الرجاء التزام الهدوء ودورك في الطابور". ولا أتكلم عن أنك تقف في أي مستشفى تنتظر على الدرج لأخذ دواء، تحتاج بعده علاجاً لتتعافى منه، أو دكتور قد يأتي أو لا يأتي،
كلمة لا يختلف عليها اثنين وخاصة في مصر فهي كلمة تعني الألم والأمل للبعض. وهي أن تقف لساعات طويلة دون أي ذنب تنتظر أن يتحرك هذا الطابور ولو حتى سنتيمترات قليلة تقربك للهدف المنشود. كلمة تعني الانتظار الطويل والممل جداً. حتى في أبسط حقوقك تقف في طابور؛ أنا هنا مش بتكلم عن طابور البنك مثلاً، الواقف حضرتك فيه ساعات علشان تحط أو تأخذ كم جنيه، والصرّاف يتمنظر عليك مرة دمغة ومرة ضريبة يضيع فيها نص فلوس الشيك المصروف وبعد ده كله يجي واحد من الباب الوراني ويصرف فلوسه بكل بساطة وأنت بتبص باستغراب شديد لليافطة اللي قدام حضرتك (الرجاء التزام الهدوء ودورك في الطابور). ولا بتكلم عن انك تقف في أي مستشفى مستني على السلم علشان تاخد دواء محتاج بعده علاج علشان تتعافى منه، أو دكتور يمكن يجي أولا، ولو عايزه
ولو تحتاجه ضروري ممكن تاخد عنوان العيادة بتاعته وأكيد هتلاقيه هناك أما لو ناصح بجد تفوت كام جنيه و أنت وذوقك للتمرجي من تحت لتحت علشان تبقى ال32 بدل 51 في الطابور ولو مش عاجبك المستشفيات الاستثماري على قفه مين يشيل وادفع يا عم. ولا بتكلم عن المصالح الحكومية ده لو اضطرتك الظروف عايز تتطلع بطاقة شخصية ولا شهادة ميلاد ولا تصريح ولا بطاقة تموين علشان تاخد الدعم إللي مفهوش دعم، ولو حبيت تعترض تلاقي واحد متعرفش طلع من فين يقولك النظام يا حضرة والروتين كده وتقعد كام يوم في نفس الموال ده إذا قدرت تخلص حاجة. ولا بتكلم انك تروح المحكمة تاخد حقك يقوم يضيع حقك في طابور من القضايا اللى قدامك، ورغم كده تلقينا بنقول على المتضرر اللجوء للقضاء.
ولا بتكلم عن انك سمعت أن اللحم السوداني ولا البرازيلي ولا الرز الصيني نزل فى جمعية من الجمعيات تاخد نفسك وتقول أروح أجرّب، ومتنساش تسيب خبر في البيت انك احتمال مترجعش البيت الأسبوع ده. ولا بتكلم انك زهقت مثلاً مرة في عمرك وحبيت تغيّر جو فقلت أخد المدام والعيال ولا الشلة بتعتك نروح نصيف يومين، ولا نروح السينما نشوف الفيلم الجديد وتقف قدام شباك التذاكر تشوف "فيلم ذهب ولم يعد" وتصيّف شويه تحت الشمس علشان تذكرتين في القطار المميز وفى الأخر تأخذهم في القطار وتدفع الغرامة.
وأنا هنا لا حا أقول حتسافر في طيارة عايز لها جواز سفر ولا حتسافر في عبارة حتغرق في نص الطريق وكل خروجه وأنت طيب. حتى وأنت بتأدي أبسط واجباتك تجاه وطنك واقف في طابور الصباح بتحيي العلم وتقول تحيا جمهورية مصر العربية، ولو أنت كبرت شوية وقلت خلاص بقى وحبيت تكمل تعليمك -ما هو العلم نور برضه- تلاقي طابور التنسيق، ولا طابور دفع رسوم المدينة الجامعية، ولا الكارنية أو الكتب!
ولو مريت من دولا بسلام حتروح فين من طابور التجنيد وأداء الخدمة العسكرية- والحمد لله أني مفيش خدمة عسكرية للبنات- وإلا انتو عارفين الباقي. ولا بتكلم عن طوابير التقديم للعمل وتروح يا مسكين- رغم الكوسا وباقي الخضار- اللي في الموضوع يمكن يضرب الحظ ويحطوك في قوائم الانتظار. ولا إن حضرتك عندك تليفون ولا انك موصل الكهرباء في بيتك وآن الأوان تدفع الفاتورة وساعتها تحلف لما ترجع البيت -إن شاء الله- وتطلع من الطابور بسلام لحتقطع كل وسائل الاتصال بالعالم الخارجي بس ترجع!.
أنا ممكن أتجرأ وأتكلم عن أبسط حقوق المواطن المصري اللي أصبح بعيد المنال وحديث الأحلام، أنا بتكلم عن طابور العيش ومتفهمونيش غلط، لا بتكلم عن العيش أبو ربع جنيه ولا الأنواع التانية اللي بتتوزع في المناسبات، أنا بتكلم عن الرغيف الحديد اسماً وطعماًَ اللي في المخابز العادية اللي ممكن حضرتك تقف في الطابور يوم وأتنين وتكوّن صداقات وتتعرف على أهل الشارع اللي أنت فيها واحتمال المنطقة كلها وتشوف ناس ليك كتير ما بتشوفهمش وتشوفهم وأنت واقف وحظك حلو ولو بعد ده كله جالك رغيف، وإياك تعترض لما تلاقي حاجة كده ولا كده في رغيف العيش، ده كويس انه جالك ولو واحد ليك قيمة وواجب عند الناس يجيلك رغيف من عيش اللي أتخبز أمبارح، ولو ليك معرفة وواسطة جوا المخبز ابسط يا عم بالعيش السخن اللي ما بيطلعش لأي حد بس علشان أنت غالي عندينا يا بيه.
طابور طابور طابور كلمة حنفضل طول ما احنا عايشين سامعين وعايشين فيها، وحتى في الموت بنقف في طابور العزاء، وأنا عايزاك تبص حواليك وتشوف نفسك واقف في أي طابور!.
واقرأ أيضاً:
وبقميص النوم كمان!!/ في انتظار عدالة السماء