هناك أيام في حياة الإنسان يصعب أن تسقط من ذاكرته مهما توالت عليها السنوات وعن نفسي أري أن أول أيامي في الجامعة كان يوما لا ينسى حقا وكانت تجربة بالنسبة لي مثيرة بدأت قبل الدخول إلى الكلية بأسبوعين وكانت من عادة كلية الهندسة جامعة الإسكندرية أن تقيم حفل تعارف للطلاب الجدد يحضره عدد من أساتذة الكلية للترحيب بطلاب السنة الإعدادية وكذلك لقاء مع أعضاء اتحاد الطلبة اتفقت أنا وإحدى صديقاتي على الذهاب للحفل وكان في الحادية عشر صباحا رحب بنا أحد الأساتذة وكان حديثه لطيفا حقا وتمنى لنا التوفيق ودعانا إلى الدراسة الجادة من أول لحظة حيث أن هذه طبيعة كليتنا لم أره بعد هذا اللقاء ثانية رغم وجودي بالكلية خمس سنوات أعتقد أنه كان أستاذ في قسم الهندسة الكهربية.
كان أول أيام الجامعة ملئ بالترقب والحذر من جانبي لم أعتد الاختلاط في المدرسة وكذلك ليس لي أصدقاء اللهم إلا صديقة واحدة من أيام المدرسة الثانوية اتفقت معها على الحضور ويبدو أنها تأخرت على موعدها معي ذهبت إلى كنتين الكلية فليس لدينا كافيتريا في كلية الهندسة يبدو أنهم يعلمون أنه ليس لدينا الوقت الكافي للبقاء في كافيتريا الكلية وحين سألني البائع -عايزة إيه يا باشمهندسة-.
تعجبت من اللقب وودت لو راجعته وفجأة تذكرت أنا في كلية الهندسة الآن هذا وضع طبيعي فأنت تحصل على اللقب بمجرد دخولك للكلية حتى أن المعيد في السكشن والدكتور في المحاضرة يعطيك اللقب من السنة الإعدادية كانت أول مرة أسمع هذا اللقب الذي اعتدت عليه بعد ذلك متأخرة عن محاضرة الميكانيكا.
ذهبت متأخرة عن موعد المحاضرة خمس دقائق قررت أن أجرب حظي وأستأذن من الدكتور في الدخول لم أكد أضع قدمي في قاعة المحاضرات حتى فوجئت بالدكتور وقد وقف يشرح وبجانبه حوالي خمسة من الزملاء والزميلات بجانب السبورة لم أفهم في البداية فأشرت بيدي أن يسمح لي بالدخول فأشار إلى السبورة وقال لي:
لا انتوا حتحضروا المحاضرة جنب السبورة علشان تحرموا تتأخروا تاني.
بعدي جاء بعض الزملاء والزميلات وبالطبع كان مصيرهم مثلي حتى جاء أحد الزملاء متأخر ربع ساعة، هنا هتف الدكتور –لا أنت هات الكارنيه وأقفل الباب وأقف من بره ولو حد خبط شوف حيحصلك إيه.
في سكشن الفيزياء العملي كانت هذه أول مرة نقوم فيها بالتجارب العملية بأنفسنا كنا نقسم مجموعات لا تزيد عن أربعة لتقوم كل مجموعة بتجربة مختلفة كل سكشن وفجأة ووسط انهمكنا في أداء أحد التجارب الفذة إذا بصرخة مدوية من إحدى الزميلات: اهههههههههههه
المعيد: جرى إلى الزميلة
المعيد: إيه في إيه حد يصرخ كده في السكشن
الزميلة: اتكهربت
المعيد: الوصلات دي متكهربش دي معزولة
الزميلة: وقد رفعت أصبعها الإبهام ولونه أسود أمال ده إيه
المعيد: وقد أحرج خلاص معلش كملي شغلك
في سكشن الكيمياء العملي، كان أول سكشن الكشف عن الشقوق الحمضية والقاعدية، وبالطبع كانت أول مرة نمسك أنبوبة اختبار المشكلة أني نسيت البالطو الأبيض وده معناه مش ححضر السكشن، ذهبت إلى عم محمد المسئول عن المعمل فقد أخبروني أن لديه بالطو أبيض للظروف الطارئة، أخرج عم محمد بالطو لا أدري إن كان لونه الأساسي أبيض أم غير ذلك فقد تلوث بعدد لانهائي من البقع يصعب معها التعرف على لونه الأصلي كنت مشمئزة أن أرتديه ولكن ما باليد حيلة.
المهم لم أستطع إغلاق الزراير وإلا شكلي حيبقى صندوق زبالة متنقل فقررت ترك البالطو مفتوح لزوم الشياكة طبعا، زميلة عزيزة كنت تقوم بالكشف على أحد الشقوق وكانت تستخدم حمض الهيدروكلوريك وفجأة بعد أن انتهت وضعت أنبوبة الاختبار ولم تلاحظ أنها لم تضعها على الحامل فسأل ما فيها على ملابسي.
صرخت: باظ التيشيرت
الزميلة: آسفة أقوى
أنا : بغيظ مكتوم ولا يهمك
بعدها حرمت أسيب زراير البالطو مفتوح لأي سبب
واقرأ أيضاً:
سحر الجنون/ هيا حقق حلمك/ كلنا ليلى/ في ذكرى رحيلك/ صديقتي العزيزة تحية لك أينما كنت/ الوجه الحقيقي للحرية الأمريكية