رسالة من المتحدثة باسم بنات جيلها!
حتى لا تنكسر القوارير
بسم الله الرحمن الرحيم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذه ثاني مشاركة لي في هذا الموقع الممتاز، وأود أن أبدأ بالشكر الجزيل على مجهوداتكم الجبارة، وحثكم على المزيد... وجزاكم الله عنا كل خير.
مساهمتي هذه تأتي كمشاركة في طرح ومناقشة مشكلة الأخت الثائرة رسالة من المتحدثة باسم بنات جيلها!. أحسست بمرارة وأنا أقرأ مشكلتها، لتأكدي أن الكثيرات مثلها وأنا منهن... مثابرات صابرات على نفس وضعها.
معلوم للجميع أن الإسلام كرّم المرأة الزوجة، ومنحها الحق كل الحق في التعلم والعمل ما لم تخرج عن نطاق الشرع وتفرّط في حقوق أسرتها، وهنا "مربط الفرس"، خاصة فيما يخص حقوق الأسرة؛ حيث لا توجد امرأة عادية أو متميزة إلا وتحتاج لنوع من المساعدة من أقرب الناس إليها.
دعوني أوضح الأمر أكثر: في حالة إذا ما كانت المرأة محاطة بأهلها وأحبائها، فإن تحديات التعليم أو الشغل تكون أهون، لكن بظروف غربة الأخت صاحبة المشكلة يصبح التعليم أو الشغل تحديا من أكبر التحديات التي تواجه الزوجة المسلمة العربية... لماذا العربية؟ لأن جهود المرأة العربية المسلمة جهود جبارة في المحافظة على بيتها ومملكتها باختلاف القوميات والديانات الأخرى.
في هذه الحالة وفي وجود زوج ملتزم متفهم متعاون غير أناني، زوج يؤمن بأن نجاح وتفوق زوجته هو نجاح له وتميز لعائلته، زوج ملتزم مؤمن، يؤمن بأن عطاءات زوجته في مجال التعليم أو الشغل وشعورها بالرضا والنجاح -يعود عليه وعلى العائلة بالخير والرضا.
وكم من زوجة وأم يأخذ العمل من وقتها وجهدها الشيء الكثير، لكن بمجرد عودتها لبيتها وإحساسها بالجو المريح اللامتناهي، يُولد الجهد من جديد ويتولد الحماس، وتكون على استعداد لأن تبذل مجهودًا أكبر من ذلك الذي بذلته خارج بيتها ودونما أي تردد أو تمنٍّ.
في حالة هذه الأخت يوجد حلان لا ثالث لهما:
1- التراجع والتخلي عن الطموحات العلمية أو العملية، والاستهانة بمجهودات سنين طوال من الجد والكد، خاصة في حالة الدراسات العلمية الصعبة أو مجالات العمل الحساسة. هذا وفكروا معي للحظة ماذا عسى أن تفعل هذه الزوجة الأم في غربتها؟ قد يقول أحدنا بأن مسؤوليات الزوج والأبناء والبيت كفيلة بأن تستهلك كل وقتها! لكن ماذا عنها؟ ماذا عن كيانها وهي بعيدة عن دفء أهلها وحنانهم... فلا هي مدعوة للغذاء عند أخيها هذا الأسبوع! أو لعقد قران ابنة عمها الأسبوع الذي يليه!! ماذا عساها أن تفعل؟؟؟
2- الصبر والرباط ومحاولة الموازنة بين من تحب وما تحب وذلك على حساب أعصابها، وصحتها عموما، وستظل هذه الزوجة الأم الدارسة أو الموظفة تمني نفسها بأن يتفهم زوجها يوما، وأن يكبر أولادها، وأن يذوب هذا الشعور القاتل بالتقصير.
ودعوني أختم مساهمتي بتعليق قصير على موضوعين قرأتهما في العدد الأخير من مجلة خليجية:
الموضوع الأول: كان على لسان زوج يشتكي من قلة التجاوب الجنسي لزوجته مع أنها متفرغة له؛ حيث إنها مهتمة أشد الاهتمام بنفسها وبترتيب بيتها وما لذ وطاب من أكلات مطبخها. هي متفرغة كذلك لتربية أولادها الذين يضرب بهم المثل في حسن الأخلاق والتفوق؛ كل هذا لم يشفع لهذه الزوجة المتفرغة عند زوجها الذي يهددها بالزواج عليها، معللا خطوته بأن أية خادمة يمكنها أن تقوم بالترتيب وأشغال المطبخ، وكل أم هي أم ناجحة في تربية أبناء صالحين!!! سبحان الله!!!
الموضوع الثاني: كان عن تقصير السيدات المسلمات المتميزات عن تقديم الجديد في شتى المجالات، وغياب إصداراتهن وإنتاجهن كعنصر نسوي.
هذا الموضوع وذاك يركزان على اتهام المرأة بالتقصير، وحتى لا أُفهم خطأ، أنا لا أنزه المرأة عن التقصير، لكن ما أرجوه وأتمناه هو أن يقدر الزوج الصبر والعطاء اللامتناهيين للزوجة والأم...
وأقول أخيرًا وليس آخر:
رفقًا بالقوارير... زوجة، وأم، وموظفة.
15/10/2025
رد المستشار
الأخت الكريمة، سعدت بمشاركتك المتميزة التي تعبر عن وضع الكثير من النساء كما ذكرت، ولكني أريد أن أتفق معك على نقطتين:
أولاً: ليست هذه المشكلة قاصرة على النساء المغتربات؛ فالمرأة قد تعاني من الاغتراب حتى في وطنها أحيانًا أقصد الاغتراب بمعناه، فكثيرًا ما تأتينا رسائل من الزوجة التي تعيش بين أهلها ولكنهم لا يقدمون لها أي عون بل على العكس أحيانًا يكونون سببًا في تثبيط همتها، وإن كانت ليست هذه هي القاعدة، ولكنها صورة موجودة.
ثانيًا: أحب أن أوضح أن المرأة لا تدرس أو تخرج للعمل لمجرد ملء وقت الفراغ في غربتها، الذي تستعيض عنه كما ذكرت "بدعوة غذاء عند أخيها، أو عقد قران". لا ولكنها تخرج للعمل أو الدراسة لأهميتهما في تكوين شخصيتها وثقل خبرتها في الحياة ولتتفهم العالم من حولها، ولتكون أكثر قدرة على القيام بالأدوار الأساسية في حياتها بكفاءة وفاعلية كزوجة وأم، وكذلك تقوم بدورها تجاه المجتمع والذي تحدثت عنه في نهاية خطابك.
وفي النهاية نقول: إن جزءًا كبيرًا من الحل بيد المرأة؛ فالحقوق لا توهب، ولكنها تُنزع بالمثابرة والصبر الجميل والاستعانة بالله مع الإحسان للجميع. ندعو المجتمع إلى الرفق بالقوارير حتى لا تنكسر، وندعو القوارير لمقاومة الانكسار.