الأهل يرفضون.. فهل تهرب معه وتتزوجه؟

رد المستشار

أنا أجيب عن المشاكل على هذه الصفحة منذ ما يفوق عشرين سنة، ولقد تعلمت شيئًا هامًا وهو أنني أثناء قراءتي للمشكلة أحاول "عد" الأفكار غير المنطقية فيها، وكلما ازداد عدد هذه الأفكار تأكدت أن صاحب المشكلة يهدده خطر حقيقي؛ لأن تفكيره يعاني من أزمة كبرى، ولأن عقله فقد السيطرة على الموقف وترك زمام الأمور للمشاعر، والأهواء.. وهذا هو ما أراه في هذه المشكلة.
 أنا قُمت برصد الأفكار غير المنطقية، فوجدت أن السطور القليلة التي كتبتها تحتوي على رقم قياسي عال جدًّا من هذه الأفكار،
 
 سأعرضها عليك الآن الواحدة تلو الأخرى:
 
 1ـ "هو شاب إن ضيعته فلن أعوضه": لا يوجد شخص لا يعوض، ولكن حبك له هو الذي يوحي لك بهذه الفكرة، وهذا الحب يخفي عنك العيوب، ويُبرز المميزات، ولكن الحقيقة هي أن أي شخص يمكن أن يعوض.
 
 2ـ "أخذت على نفسي عهدًا ألا أتزوج غيره": هذه فكرة أخرى غير منطقية، فالإنسان لا يستطيع أن يقطع عهودًا لا يملكها، كما أن شخصيتك ستنضج وظروفك ستتغير مع الوقت، وإنه منالمبكر جدًّا أن تقطعي على نفسك هذا العهد غير المنطقي.
 
 3ـ "وعدني أنه سيبقى معي طول حياتي": هذه أيضًا فكرة غير منطقية، فهو أيضًا ستغيره الظروف والأيام، ومن الطرائف أنني كنت أجيب منذ خمس دقائق عن مشكلة لفتاة وعدها حبيبها أنه سيبقى معها طوال العمر، ثم فوجئت أنه تزوج تحت تأثير سكرة الحب، ولكن عندما يفيق وينتبه للظروف والحياة والمستقبل سيكون له موقف آخر.
 
 4ـ "لا أستطيع أن أعيش بدونه ولا يستطيع أن يعيش بدوني" هذه هي أكثر الأفكار بُعدًا عن المنطق!! فلا يوجد أحد لا يستطيع العيش بدون أحد، كم من ملايين الأشخاص قد فقدوا من يحبونهم عندما دعا داعي الفراق، ثم مروا بأيام أو شهور أو سنوات من العذاب والمعاناة، ثم استعادوا حيويتهم مرة أخرى وضحكوا على سذاجتهم، وأحزانهم، وآلامهم، واكتشفوا أن الحياةأكبر بكثير من الزاوية الضيقة التي نظروا إليها بها.
 
 5ـ "لا أتحمل حتى الإحساس بخسارته": وهذه تشبه الفكرة السابقة.. الحقيقة هي أن الإنسان يستطيع أن يتحمل الخسارة والآلام، والأحزان، والحقيقة أيضًا أن هذه الخسائر هي التي تصنع شخصيته، إذا قرر أن يكون ذا شخصية، والحقيقة هي أنه لا يوجد شخص على سطح الأرض لا يمر بالتجارب المؤلمة، ولكن الناس ينقسمون بعد الآلام إلى قسمين: قسم يقرر أن يستسلم للحزن والإحباط، والألم. وقسم يقرر أن يتجاوز آلامه، ويبحث عن الطمأنينة والرضا بأسلوب جديد أكثر نضجًا ومسؤولية وواقعية.
 
 6ـ "أنا متأكدة أن تركي لأهلي لن يؤثر فيهم": ربما انشغل عنك الأهل، ولكن "الانشغال عنك" لا يعني "عدم حبك" أو "عدم الاهتمام بك" فإذا قلت إن هربك معه لن يكسر قلبهم، ولن يصيبهمبالحسرة وخيبة الأمل مدى الحياة، فهذه أيضًا فكرة غير منطقية.
 
 والآن.. وبعد هذا الرقم القياسي من الأفكار المجنونة من الطبيعي أن تصبح النتيجة أيضًا مجنونة: "قررت أن أهاجر معه - فكرة الهرب لا تفارقني" لذلك -إن كنت حقًّا تريدين النصيحة-فإن أول ما أدعوك إليه هو أن تراجعي هذه الأفكار لتستعيدي عقلك مرة أخرى، وأنا أحسن الظن بك إلى أبعد الحدود، فأنت تقولين إنك "لست مراهقة" وإنك "تخافين الله".
 
 وبما أنك لست مراهقة، فإن هذا معناه أنك انتقلت من الطفولة إلى الرشد ليس بالسن أو الجسد فقط، وإنما بالعقل أيضًا،وبما أنك "تخافين الله" فإنك لن تفعلي ما يغضبه مثل الهروب والزواج دون علم أهلك، ومثل هذه الأمور التي تغضب الله تعالى.ثم بعد أن تستعيدي عقلك تبدئي في استخدامه بشكل مسؤول، وتُعيدي تقييم هذا الشخص مرة أخرى، فالحب وحده غير كاف لنجاح الزواج، أنا لا أعلم أسباب رفض الأهل، ولكن يمكنك أن تلجئي إلى شخص حكيم مقرب منك، وتحكي له بالتفصيل أسباب الرفض، وهل كان الأهل على حق فيها أم لا.
 
 فإن كان الأهل على حق، وكانت هناك أسباب منطقية للرفض مثل غياب التكافؤ الاجتماعي مثلا، فعليك هنا أن تستعيني بالله وتأخذي القرار بالابتعاد نهائيًا عن هذا الشخص الذي لا يناسبك.
 أما إن كان الأهل متعسفين فيمكنك أن تضغطي عليهم بكل الوسائل مثل الحوار والإقناع، والاستعانة بأحد الشخصيات المؤثرة عليهم.
 
 ولكن لا تنسي أنك في كل الأحوال لا تستطيعي الزواج دون إقناعهم وموافقتهم.
 يتبقى لي تعليق أخير.. حذاري أن تبيعي حياتك ومستقبلك، وأهلك لأجل شخص أيًّا كان هذا الشخص؛ لأن الصفقة في هذه الحالة خاسرة بكل تأكيد، ولأن المغامرة هنا هي أعلى درجات الطيش والجنون.
 
 اقرئي أيضًا:
 رفض الأهل لا يبرر الزواج سرا
 رفض الأهل... ليس أهم الجوانب
 المؤهل المتوسط سبب رفض الأهل
 رفض الأهل وزلزلة قرار الاختيار
 نريد شرع الله والأهل يرفضون ما العمل
 أحبها وتحبني وأهلها يرفضون!
 - الزواج مع رفض الأهل.. الاختلاف مذهبي

المستشار: د. فيروز عمر