وسواس قهري في مسألة الخلود في النار
السلام عليكم،، أتمنى أن يرد علي الدكتورة رفيف الصباغ لأني قرأت سيرتها ووجدت أنها تملك شهادات في الفقه والشريعة وتفهم في الوسواس القهري، أو على الأقل يرد علي من جمع بين الفقه في الشريعة ويكون يفهم في مرض الوسواس القهري وشكرا
مشكلتي مع فكرة دخلت رأسي ولم تخرج وسببت شكا في الدين أو وسواسا لا أدري أيهما، يعني صادفني عنوان: لماذا يخلق الله الكافر ثم يخلده في النار؟، تعالى الله عن ذلك طبعا، ومن هنا بدأت الأفكار والوساوس الإلحادية حول مسألة الخلود في النار تتهاطل عليَّ بكل الأنواع مثل تعارض رحمة الله مع الخلود في النار، تعالى الله عن ذلك طبعا، وعندما أريد تحقيق اليقين بالبحث عن جمال الإسلام والإعجاز العلمي يأتيني وسواس الخلود في النار فيهدم كل شيء، ما يزيد في كمية الرعب جدا، ثم قرأت قول ابن القيم في فناء النار والأدلة التي ساقها لذلك، ووجدت أن القرضاوي قال أن نفسه تطمئن لقول ابن القيم بسبب رحمة الله الواسعة، وعلمت أن مسألة فناء النار كانت معروفة عند السلف وأن فيها خلافا، حتى صالح الفوزان قال أن من يقول بفناء النار لا يعتبر مبتدعا لأنه يستدل بالقرآن وبعض أقوال السلف رغم أن الخلاف فيها ضعيف، يعني كنت أقرأ في هذه المسألة فقط لتخفيف شدة الشكوك والوساوس عندما تهجم علي، والآن تركت البحث نهائيا عن هذه الشبهة وعزمت على تطبيق التجاهل، وللعلم أنا لا أبحث عن الشبهات أو أقرأ في الشبهات لأني إنسان جبان جدا في هذا الباب، بل صادفني هذا العنوان على اليوتيوب أو جوجل لا أذكر ولم أبحث عنه أبدا.
مع العلم سبق لي الإصابة بوسواس العقيدة في وجود الله 4 مرات كاملة من قبل، وكل مرة أمكث عاما تقريبا للشفاء منه، وأسباب إصابتي بتلك الوساوس مختلفة، مرة عن طريق قراءة كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي في باب تلبيسه على الفلاسفة، ومرة عن طريق شبهة سمعتها فجأة، ومرة هجم علي في السجود لوحده، ومرة كان قبل 4 أشهر كنت أقرأ آية من القرآن في الصلاة فدخل علي في نفس الآية التي كنت أقرأها في صفة من صفات الله، وبينما أنا مصاب بهذا الوسواس في الصفات لمدة شهرين صادفني عنوان الخلود في النار هذا منذ شهر إلى الآن وأنا أعاني منه.
والآن لدي عدة استفسارات أرجو منكم الإفادة فيها:
رقم 1: هل من وقعت له شبهة إلحادية ولم يستطع دفعها وسببت له شكوكا وهو لا يريدها، هل هذا يكفر عند الله مباشرة حتى وإن لم يتكلم أو يعمل بها؟
رقم 2: هل الوسواس المعفو عنه في الشرع هو الذي يهجم على الإنسان وحده بدون مقدمات، بينما من يقرأ شبهة فجأة أو يسمع شبهة فجأة والتصقت بدماغه فهذا ليس معفوا عنه!، مثلا وسواس الخلود في النار هذا، شخص قرأ عنوان فجأة فدخلت في رأسه هذا الفكرة، وشخص لم يقرأ أي شيء وإنما خطر على رأسه نفس الفكرة فالتصقت بدماغه، فنقول أن الذي جاءه فجأة معفو عنه، والذي قرأ عنوان الخلود ليس معفوا عنه، رغم أن الاثنين نفس الفكرة؟
رقم 3: فيما يخص بعض العلماء الذين درسوا علم الكلام ووقعوا في الحيرة والشك ثم ندموا على ذلك، وأقوالهم وندمهم في ذلك مشهورة، مثلا سمعت قصة أظن للجويني لما حضرته الوفاة أو قبل وفاته، المهم سأله أحد الحضور، ماذا تعتقد؟، فأجاب الجويني ما يعتقده المسلمون، فقال ذلك الشخص وهل قلبك مطمئن أو متيقن؟، فقال الجويني وهو يبكي والله ما أدري ما أعتقد وبكى، فعلق العثيمين على هذه القصة في شرح كتاب التوحيد أنه إن لم يرحمه الله فسيموت على الشك في الدين والعياذ بالله!، لماذا العثيمين علق بهذا التعليق القاسي رغم أنه يرى أن الجويني بكى وندم وهو خائف حتى أنه كان يقول الويل للجويني إن لم يرحمه ربه، وكلها علامات تدل على أن الشك الذي أصابه يريد أن يتخلص منه ولكن بقي ملتصقا به قهرا؟، هل معنى هذا أن كفر الشك ممكن صاحبه يتألم ويبكي ويخاف ويريد التخلص منه ورغم ذلك هو كافر؟!!
رقم: 4، قرأت أظن في شرح مسلم للنووي أن الخواطر والوساوس التي تتردد على النفس وتكون عابرة ولا تبقى هي المعفو عنها، بينما الخواطر التي تبقى ولا تذهب لا تدخل في معنى الوسواس المعفو عنه، أليس في هذا القول معناها أن الوسواس القهري في العقيدة ليس معفوا عنه وأن صاحبه يكون كافرا لأنه من نوع الخواطر التي تبقى في رأس الإنسان؟
رقم 5: ماذا يعني بأن الوساوس والأفكار في الإيمان لا يحاسب عليها الإنسان ما لم يعمل أو يتكلم، هل هي الأفكار الكفرية التي تطرأ على ذهن الإنسان بشرط أنها لا تسبب مشاعر الشكوك وهي المعفو عنها، بينما التي تسبب الشكوك ولو كانت قهرية لا تدخل في العفو؟
رقم 6: المريض الذي لديه وسواس قهري وتصادفه شبهة إلحادية مثل حالتي، كيف نفرق أن ما بي وسواس قهري أو شبهة إلحادية أحاسب عليها، مثلا الموسوس يسمع أو يقرأ شبهة وتسبب له شكوك، هل هنا يكون ما أصابه شبهة في الدين؟ أم وسواس قهري؟ أم شبهة تحولت إلى وسواس، أم ماذا؟
رقم 7: فيما يخص الكافر كفر شك، هل الكافر كفر الشك عندما يبلغه الإسلام أول مرة، هل يتبين له أنه الحق فيكفر بإرادته، أم أنه يأتيه شك خارج عن إرادته ويبحث ويبحث ولا يجد يقينا لذلك بدون أن يتكبر أو يتبع الهوى ويريد الحق ومع ذلك يكون كافرا بسبب أنه لم يستيقن بعدما بلغه الإسلام؟
رقم 8: هل الكافر الأصلي الذي لديه وسواس قهري وتبلغه رسالة الإسلام أول مرة، ومثلا يقرأ مسألة الخلود في النار ويدخل عليه الشك القهري أو الوسواس هنا ويستشكل الأمر بسبب مرضه بالوسواس القهري، وبالتالي لا يجد يقينا أو لا يستطيع الدخول في الإسلام بسبب الوسواس القهري في هذه المسألة، هل في حالة عدم دخوله الإسلام يقال إن هذا الشخص لم تقم عليه الحجة بسبب مرضه بالوسواس القهري ويكون من أهل الفترة أو إلى أن يتعافى.
رقم 9: أنا حياتي كلها أقرأ القرآن وتمر علي آيات الخلود في النار ولم تكن لدي أي مشكلة في هذا أو شك أو أني استصعبت هذا الأمر في الإسلام، والآن بعد قراءة عنوان فقط وكأن الأمر أصبح مشكلة بين عشية وضحاها؟، وكأني شخصا آخر؟ هل ما أصابني بسبب تركيز كل عقلي قهريا على هذه المسألة فظهرت لي أنها مشكلة كبيرة، بينما قبلها لم أكن أركز عليها فكان الأمر عادي وطبيعي، يعني التركيز الكلي للعقل عليها هو من جعلها وكأنها مشكلة بالنسبة لي؟
رقم 10: هل الشبهة التي تقع للمسلم في العقيدة والإيمان فتسبب له شكا ثم يذهب يبحث عن رد شافي فيجد الرد فتذهب فهذا يكون قد نجى، بينما من وقعت له شبهة وبحث عن رد ولم يجد، أو وجد ولم تذهب الشبهة مدى الحياة رغم محاولاته البحث بكل صدق وبقي يعيش في شك وحيرة ويبقى محافظ على الفرائض فقط، هل هذا يكون هالكا لأنه لم يجد جوابا يزيل عنه شبهته رغم أنه بذل كل جهده لذلك
وأخيرا لو بقيت هذه الشبهة ملتصقة بدماغي إلى أن أموت وأبقى أعيش بدون يقين مدى الحياة رغما عني، هل أنا كافرا حينها بكل صراحة، وهل هناك مسلم يعيش وقلبه فارغ من اليقين مدى الحياة؟ مع العلم أصبحت أحافظ على الفرائض فقط وتركت كل نوافل العبادات لأني لا أدري أصلا إن كنت كافرا أم مسلم، ولن أترك الصلاة أبدا وبقية الفرائض ما حييت، ولن أكفر أبدا بسبب هذه الشبهة ولو لم أجد ما يذهبها، ولكن خوفي من عدم إحساسي باليقين والشكوك التي في نفسي هي فقط من تجعلني ربما كافرا، أما أن أكفر بلساني أو بأي عمل يدل على ذلك فهذا لن يكون مني أبدا، بل سأعيش بهذه المشاعر وهذه الفكرة التي لا أظن أنها ستخرج من رأسي إلا إن حدثت معجزة أو كرامة تزيلها، والويل لي إن كنت مؤاخذ بها
إضافة إلى أني أعيش حياتي اليومية وحيدا منطويا ليس لي أصدقاء ولو صديق واحد لا يوجد
وهذا أظنه السبب المباشر في إصابتي بهذا المرض الملعون كل مرة .
31/8/2024
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "عبد الهادي"، وأهلًا وسهلًا بك على موقعك
لابد أنك يئست من الحصول على إجابة بعد أربعة أشهر.... سامحني، بالنسبة لك أنت موسوس ولست صاحب شبهة بحال من الأحوال، والموسوس بالكفر لا يكفر حتى لو نطق وعمل!! أي أنه محصن ضد الكفر...، طالما أنه لا يستطيع طرد وسواس الكفر عنه –مهما كان مضمونه- فهو غير مكلف لعدم قدرته، وغير مكلف يعني غير مؤاخذ.
صحيح أن الشعور بعدم اليقين بالله مؤلم جدًا ومرعب، لكنه شرعًا لا يؤثر على الإيمان، فيبقى الأمر ابتلاء لك الثواب الجزيل بالصبر عليه بإذن الله....
أنت مسلم فارجع إلى أداء السنن والنوافل واستمتع بها، وكلما شعرت بالشك قل لنفسك: هذا وسواس وليس كفرًا ولا تسترسل في الفكرة نهائيًا....
أما أسئلتك المفصلة:
1-من وقعت له شبه لا يستطيع دفعها ولا يريدها، موسوس وليس بكافر.
2-كلا الأمرين وسواس، لا فرق بينهما، سواء جاءت الفكرة لوحدها أو بسبب مثير ما....
3-رحم الله الشيخ ابن عثيمين، لقد قسى على الإمام الجويني، وحمل نفسه مسؤولية الحكم على خاتمته دون يقين! هناك احتمالات عدة تمنعنا من الحكم بأن الإمام الجويني مات على الشك..... ماذا لو كان موسوسًا مثلًا؟ لأن قوله: إنه يعتقد ما يعتقده المسلمون. مناقض تمامًا لقوله بعد ذلك: (والله ما أدري ما أعتقد)!!! على كل حال، ليس من شأن المسلم أن يتدخل في خاتمة شخص بعينه، فما يدريه بحاله لحظة طلوع روحه؟ وإنما الجائز أن يعطي أحكامًا عامة: (من مات وهو كذا فخاتمته كذا)...
4-بالنسبة لما ذكرته عن الإمام النووي فهو يتكلم على وساوس النفس عند الإنسان السليم، وليس على الموسوس. يمكنك الرجوع إلى مقالات منهج الفقهاء في علاج الوسواس القهري، وستجد التعريفات في بدايتها وتعرف معنى ما ذكره الفقهاء من عبارات في تعريف الوسواس وأنواعه.
5-أيضًا ما ورد في الحديث أن الإنسان لا يحاسب على الوساوس ما لم يعمل أو يتكلم، هذا خاص بالناس الأصحاء، وليس بالموسوسين أمثالك، أنت لا تكفر
6-لا داعي للتمحيص في أفكار الموسوس وتصنيفها هل هي وسواس أم لا؟ فجميع الأفكار الكفرية التي تأتي إلى ذهن الموسوس بالكفر، معدودة من الوسواس....
7-هذا السؤال أيضًا نابع من محاولتك التفريق بين أفكارك وشكوكك، ولا فائدة من الإجابة عليه، والتفصيل فيه
8-هذا السؤال كسابقه، وعندما يأتي كافر يريد الإسلام ويشتكي مما تسأل عنه، ننظر في حالته أموسوس هو أم لا؟ ونجيبه حسب وضعه!!
9-هو شبيه بالسؤال الثاني، ما أصابك الآن وسواس، سواء ركزت أم لا، اسمه وسواس، ولا يهمنا كيف دخل عليك ولماذا؟ المهم أن تتجاهله لتتخلص منه.
10-من يجد الرد ثم لا يذهب شكه، فهو موسوس غير مكلف ولا مؤاخذ! وهذا هو حالك
وفقك الله
ويتبع>>>>>: وسواس العقيدة: الخلود في النار! م