"وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ" البقرة 78
"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" محمد 24
"وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا" الفرقان 30
قد يندهش القارئ إذا قلت أن مشكلتنا الجوهرية هي الأمية القرآنية!؟ فالقرآن ثقافة شاملة, فهل نمتلك ثقافة قرآنية صحيحة, أم أننا نتبع الآخرين ونصغي إليهم دون إلمام بالقرآن الكريم.
هل نعرف معاني الكلمات التي نقرأ؟
وهل لدينا مخزون لغوي يؤهلنا لقراءة القرآن بصورة صحيحة وفهمه بوضوح؟
وهل نهتم بالكلمة ومعناها كما يهتم البشر بلغته ومعاني كلماته ودلالاتها؟
ليسأل كل منا نفسه عن معنى كلمات الآيات التي يستمع إليها أو يقرؤها ويجيب؟
إن ضعف الإلمام باللغة العربية قد تسبب في تنمية الأمية القرآنية, لأننا صرنا نقرأ الكلمات ونصغي للآيات, ولكن دون وعي وفهم لمعانيها, وما ترمي إليه من دلالات ومعايير سلوكية ذات قيمة إنسانية.
ونحسب أننا ندري ولا ندري بأننا لا ندري, فما نعرفه تفضحه أفعالنا وأحوالنا. وتجد الغير عربي يفهم القرآن بمعانيه أكثر من العربي, لأنه قد تعلم القراءة الصحيحة وتفكر بالكلمات ومعانيها, فهو يقرأ القرآن بالعربية ويفهم معاني الكلمات بلغته وبدقة متناهية ويعبّر عنها بفعله, أما نحن فنقرأ مثله لكننا لا نفهم معاني ما نقرأ. ولا يعني علينا أن نكون كأننا متخصصون بالدين, لكن من المعقول أن يكون لدينا قدر مقبول من الفهم الصحيح للآيات ونحن نتكلم اللغة العربية.
ولنتفكر في معاني هذه الآيات التي تتحدث عن القرآن, ونرى كم نعرف منها, وهل بمقدورنا أن نهتدي إلى معانيها ونعمل بها.
"لَوْ أَنْزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" الحشر 21
"كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ" الحجر 12
"الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ" الحجر 91
"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ......" النساء 82
"وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" الأعراف 204
"إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ....." الإسراء 9
"وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا" الإسراء 89
"وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا" الإسراء 106
"وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا" الكهف 54
"وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ" يس 2
"وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ..." فصلت 44
"أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" محمد 24
"ق ۚ وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ" ق 1
"..... فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ" ق 45
"وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ" القمر 17, 22, 32, 40
"بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ" البروج 21
"..... وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا" المزمل 4
"إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" يوسف 2
"كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" فصلت 3
"قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ " الزمر 28
"وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا .ِ..." الشورى 7
"إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" الزخرف 3
"وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا....." طه 113
القرآن العربي الذي أنزل على النبي العربي, وفقهه العرب وحملوا رسالته إلى العالمين, أين هم اليوم من لغتهم التي يتناسب جهلهم بها طرديا مع جهلهم بالقرآن, فلا يمكن أن يكون العربي واعيا لآيات القرآن, إن لم يكن واعيا بلغته ومحبا لها وعارفا بمعاني كلماتها.
أليس هذا واقع الحال الصعب الذي علينا أن نواجهه, لكي نستيقظ من نومة العدم ونعود إلى جوهر الدين, فالوضع المؤلم الذي نحاول أن نتجاهله وننكره ونثور بوجه مَن يصارحنا به, نحن في أغلبنا لا نعرف لغتنا العربية كما ينبغي, أو كما يعرف باقي البشر لغاتهم, وكنتيجة حتمية فنحن لا نعرف ما نقرأ في القرآن, ومَن لا يعرف القرآن كيف يدّعي معرفة بدين القرآن.
إذ أصبح معظمنا كمن تخرج من كتاتيب تحفيظ القرآن وفقا لأساليب عتيقة, فتراه يقرأ الكتاب بطلاقة ووضوح, وعندما تسأله عن معنى ما يقرأ, يحملق بوجهك بلا قدرة على الجواب, بل يغضب ويتهمك بالنيل منه, وأن عليك أن تؤمن بأنه يعرف, وأي سؤال له يعني إعتداءً عليه.
ذلك حال تعبّر عنه الأفعال, التي أدت بنا إلى ما نحن عليه من سوء المآل, فلو أن المسلم العربي يفهم ما يقرأه من القرآن, لما حصل الذي حصل في بلد على أرضه تألقت حضارة الإسلام, وفي ترابه يسكن أئمة الدين وجهابذة العلوم والمعارف القرآنية. فأين ثقافة القرآن من سلوكنا اليومي وتفاعلاتنا مع بعضنا البعض, ونحن ندّعي ما ندعيه من المعرفة بالدين, ومعظمنا تابع لمَن إتخذ من الدين وسيلة للعيش, وحسبه نشاطا إقتصاديا ومشروعا مربحا لتحقيق أطماعه ونوازعه البعيدة تماما عن الدين. وكلما إزداد جهلنا بالقرآن إزدادت تبعيتنا للآخر, الذي يريد إمتلاكنا وتسخيرنا لغاياته وهواه.
إن الذي يتدبّر كتابا كالقرآن لا يمكنه أن يقوم بفعل لا يتصف بالسمو والخلق الرفيع, فكيف نحن هكذا والقرآن كتابنا العظيم.
فهل يتجاوز القرآن الحناجر إلى العقول والقلوب والضمائر والسلوك والوجدان؟!
وهل سنفهم القرآن ونعمل به ونحن نقرأه في شهر رمضان شهر الفرقان وصدق الإيمان؟!
واقرأ أيضاً:
العقيدة العلمية الغائبة!!/ هل نراجع لكي نكون؟!! / الاعتماد القاتل!!/ صوت الكلمة!!