حضارة الغرب أبهرت عقول شبابنا بأضوائها وبهرجتها التي أعمت بصائرهم وأفقدتهم القدرة على التمييز بين النور والظلمة مستهدفة بذلك إيمانهم بعقيدتهم السمحاء والتشكيك بعظمة إرثهم الحضاري بأنه لا يواكب العصر ولا يتماشى لا مع الزمان أو المكان وهذا ما نعيشه حقا وواقعا مرا سببه ابتعاد أمتنا الإسلامية عن الدستور الإلهي شريعتا ومنهاجا وسنة نبينا الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ترك لنا كنزا لا يفنى وحضارة لا تبلى ومجدا تليدا، لكن هيهات أن يهنئ أعداء الله وأعدائنا وهم يتأملون هذا المجد لحضارة عانقت النجوم ونشرت السلام والرحمة أين ما حلت؛
استنفذوا كل قواهم ولا زالوا وراء المسلمين المتمسكين بعقيدتهم استعمرونا وحاربونا بالسلاح وعندما فشلوا استخدموا حربا أخرى أشد فتكا وعدوانا ألا وهي بث ثقافتهم تحت غطاء العولمة فهم يدسون السم في العسل ويذرون الرماد في العيون والحل لنا نحن المسلمون أحلاهما مر إن نحن تمسكنا بحضارتنا ورفضنا هاته العولمة سيشار إلينا بالتخلف والتقوقع وإن أخذنها حلّت الطامة وقوّض أساس أمتنا وبذلك تندثر وتتلاشى لأنهم يريدون استئصال جذورنا ويعلمون أكثر منا كم إسلامنا قوي عظيم راقي بكل جوانبه.
لم يترك القرءان الكريم أو السنة النبوية الشريفة أو اجتهاد علماء الإسلام شيء من أمور الدنيا والدين صغيرا أو كبيرا إلا فصلّه وشرحه وأدى الحقوق لكل الكائنات من بشر وحيوان أو جماد كل ذلك بالقصطاط المستقيم فنحن السبّاقين لمبدأ حقوق الإنسان قبل صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونرى أن المستشرقون عملوا على أن حمل حضارتنا الإسلامية العربية إلى غربهم بغية الاستفادة منها في كل مجالات الحياة حتى السياسية منها، هذا ما أقرته عدة شهادات من المستشرقين أنفسهم عندما تحدثوا عن عظمة الإسلام ونبي الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تكلموا عن رحمته وحلمه في السلم والحرب كان رؤوفا كريما بالمؤمنين حقا كان نبي الحق والرحمة من السماء إلى البشرية قاطبة.
نجد الغرب يسعى دائما لجلب شبابنا خاصة في عصرنا الحديث المليء بالمغريات المادية ووعدتهم بالفرص الذهبية لإثبات ذواتهم فهاجر شبابنا إليهم وحتى الذين لم يهاجروا فقد تجاوزوا وطنهم العربي وهم فيه فالحقوا بالغرب متمردين عن قيمهم لكنهم لم يستطيعوا الاندماج بالغربيين ولا الرجوع لحضن حضارتهم فتقطعت بهم الأسباب والسبل فهل يتنكروا لحضارتهم العربية الإسلامية المتناهية في القدم كما يزعم بعضهم أم يذوبوا في الغرب إن قبلوا بهم؟
فالحضارة الإنسانية كانت ولا تزال تعبّر بشكل أو بآخر عن الإبداع الإنساني ومدى استماتته قي البحث عن الجديد وهذا ما ينطبق على الحضارة الغربية الآن التي حملت شعار"الغاية تبرر الوسيلة" فبادروا لتوفير الراحة والسعادة لإنسانهم الغربي المنزّه عن بقية البشر بنظرهم في شتى المجالات لكن ركضهم وراء تمجيد المادة أبعدهم وأنساهم إرثهم الروحي من دين وتقاليد وراحوا يتفننون في تشكيل المادة الحضارية متجاهلين بذلك الروح التي تضفي للمادة الحيوية والاستمرارية، فضاع الفرد مع الجماعة فالأسر مشتة بحق الحرية والرذائل منتشرة بحق التقدم والإباحية ملئت الأماكن بحق الترويح عن النفس وإهانة المقدسات ونشر السخرية بدعوى حرية التعبير ألآ ساء ما يعبرون، فأعداد الجرائم والإنتحارات في تصاعد رهيب إذ بولاية نيويورك تحدث جريمة كل ستة دقائق وإن كانت أكبر مدن العالم تطورا وازدهارا لكن وراء هذه الأضواء يوجد ظلام دامس يعيشه الإنسان الغربي، كل هذه المصائب نتيجة حتمية لمجتمع تخلّى عن قيمه الروحية فسقط من القمة سقوطا حرا، فتاريخه استعماري غاشم وحاضره زائل لا محالة.
فحقيقة الدين تكمن في جعل الحس بالشريعة أقوى من الحس بالمادة وهذا ما يفتقده الغرب فهم عكسوا هذه المعادلة ورغم كل الرفاهية التي صنعوها لأنفسهم إلا أنهم لم ولن يشعروا بالسعادة والطمأنينة الحقيقية أبدا لأنهم يفتقدون للإيمان الحقيقي بالله وشريعته ويفتقرون لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم التي تهدي دائما وأبدا للفلاح وألسعادة والحب والرحمة، والإيمان العميق بالقدر خيره وشره والتوكل على الله عز وجل وليس التواكل.
والرضا بقضاء الله العظيم بنفس محبة لخالقها الواحد الأحد ونبيها الكريم عظيم الأخلاق والشمائل، هذا الشعور السامي يرقى بأحاسيسك إلى عالم نوراني مظيئ يبعد عنك كل يأس فالمؤمن قوي بالله ولو تخلى عنه كل الكون فيد الله عز ثناه ممدودة لكل خلقه، بذلك نحس بجمال الدنيا ونشعر بحلاوتها.
هذه السعادة لا تتأتى لنا إلا بسلوك نهج الدين الإسلامي واللغة العربية فهم ركائز الأمة وبمثابة الماء والهواء للكائنات الحية لا تحيا إلا بها وتستمر بإتحادهم، لنعود لأحكام ديننا العظيم ولغتنا الراقية وعاداتنا النبيلة تسموا أمتنا إنشاء الله على جميع الأمم بالغة بذلك القمة متربعة على عرش الحضارة الإنسانية.
واقرأ أيضاً:
لماذا سميناه مجانين؟ سؤال الملايين/ قالوا عن مجانين في روزاليوسف/ ردا على روزاليوسف : النبي عربي يا دوك/ من الميدان إلى مجانين: إبراهيم عيسى يقرأ للمهدي/ عام على مجانين جعله الله خيرا للعالمين!