وساوس العقيدة والأحكام ع.س.م.د RCBT الوسواس القهري الديني17
4- وساوس الاستهزاء
غالبا ما تطرأ فكرة الاستهزاء بالدين للمرة الأولى عند القراءة أو السماع عن ذلك وعن حكمه فتجد المريض يتذكر ما قاله وما خطر بوعيه في لحظة ما أو موقف ما ويخاف أن يكون فيه استهزاء، ثم هو يبدأ يراقب كلامه وكلام الآخرين أو مزاحهم ويخاف أن يكون فيه استهزاء كما في تصور حدوث الاستهزاء في تعبيرات أو كنايات عادية متداولة، وفي كل هذه الحالات نجد أن الاستهزاء ليس أكثر من فكرة أو شعور في وعي الموسوس يحدثه الوسواس، أي ليس في الأمر استهزاء من الأساس، كما يمكن أن يشتكي المريض من مشاعر الاستهزاء (السخرية والاستخفاف والتهوين) أو الضحك أو الابتسام أو حتى السعال التي يجدها تحدث تفاعليا عند ذكر الدين، أو القرآن، أو المقدسات، أو سماع الأذان، أو عند الدعاء أو تذكر حكم التحريم أثناء ارتكاب المعصية، أو عبوس الوجه عند تذكر أن الله يراه... إلخ.
أحيانا أخرى تتمثل وساوس الاستهزاء بالتخيل القهري مثلا لصورة للمولى عز وجل عند ذكر الله أو عند الدعاء، أو بحدوث الضحك قهريا عند الدعاء أو عند قراءة القرآن، وفي بعض الأحيان عند نطق لفظ الجلالة أو كلمات من القرآن بصوت مختلف أثناء المزاح، وفي أحيان أخرى يكون الضحك لسبب عادي تماما لا علاقة له بالدين لكن الوسواس يتهم المريض بأنه ضحك استهزاء بالدين، وهناك أيضًا من يخاف الوقوع في الاستهزاء مثلا لأنه لم يغير مكان وضع القرآن الكريم (أي تركه في مكان غير لائق) ومثله من لا يلمس المصحف الشريف بيده اليسرى لأنها يستخدمها في الاستنجاء، أو من لا ينفث بعد الأذكار في يده لأنه استنجى بها، أو من يخاف الوقوع في الاستهزاء لأنه لم يهتم بالأوراق التي تحوي لفظ الجلالة أو الأسماء المقدسة، فتجده يأخذ كل ورقة على الأرض ليقرأها ويتأكد من خلوها من الأسماء المقدسة، وبدأ يظهر في الآونة الأخيرة شكل يتعلق بالشاشات اللمسية فلا يلمس لفظ الجلالة على الشاشة بإصبعه، أو بالعكس يخاف من الوقوع في الاستهزاء إذا دخل يقضي حاجته بعدما لمس لفظ الجلالة على الشاشة، وهناك من يجد مشاعر أو أفكار الاستهزاء عند قراءة بعض الأحاديث النبوية أو عند معرفة أحكام فقهية معينة أو عند رؤية الحجاب أو النقاب... إلخ.
5- وساوس الربط الكفري
ويعني ربط الوسواس لفعل أو قول بالكفر أو الشرك دون أي رابط بينهما عدا الوسواس، ومن ذلك وسواس ربط الكفر بالحركات الطبيعية التي تحصل لا إراديا، أو إراديا، أو الأكل، أو المشي، أو البلع بطريقة معينة، أو بالتلفظ بكلمات معينة أو حتى بصور عقلية معينة فمجرد حدوثها يعني الكفر أو نية الكفر، ومن الأمثلة على الحركات حركة الرأس وحركة الإصبع وحركة القدم وغمض العين وبلع الريق وحركة اللسان، بل وحتى حركة فتحة المهبل!، وأما الأقوال فإن أي لفظ يمكن للوسواس ربطه بالكفر مهما بدا ذلك غير منطقي إلا أن المريض عادة ما يطيعه ما استطاع خوفا من الوقوع في الكفر، ومما يربك كثيرين من هؤلاء المرضى ما يصفونه بـ "مصاحبة المعنى الكفري أو الشعور الكفري للأفعال والأقوال" بمعنى أنه إذا حاول تجاهل الفكرة أرغمه الشعور على التفاعل معها.
ومن ذلك أيضًا ربط الوسواس الكفر بفعل إرادي معين "إن فعلت كذا... فقد كفرت" أو "إن لم تفعل كذا... فقد كفرت" أو "إذا فعلت كذا... أو إذا نظرت إلى كذا... ستكون كافرا" أو "إذا نظرت إلى كذا.... لا تفعل كذا... وإلا ستكون كافرا" أو "إذا فعلت كذا... تكون غير مسلم" إلى آخر ذلك من صيغ ممكنة.....، أو قد يربط الوسواس الكفر باختيار معين "إن اخترت كذا... فقد كفرت" أو يربط الكفر بترتيب مهام معينة "إن فعلت كذا.... قبل كذا... فقد كفرت"....إلخ. وأما كذا.... فلا علاقة لها بالفقه ولا قاعدة تضبط ماهيتها بمعنى أنها قد تكون ذات علاقة بالطاعات مثلا تأجيل الصلاة أو عدم الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام عند ذكره أو عدم صلاة الفجر خلف الإمام..... إلخ، وقد تكون ذات علاقة بالذنوب في فهم المريض ومحاولات تحاشيها مثلا "إذا فعلت العادة السرية فقد كفرت" أو إذا دخلت المواقع الإباحية.... أو سمعت الأغاني أو الموسيقى.... أو نظرت إلى شاشة التلفاز.... إلخ. فقد كفرت" وقد تكون ذات علاقة بأنشطة الحياة اليومية وواجباتها مثلا "إذا طبخت ..... فقد كفرت" أو "إذا لم تغسلي .... فقد كفرت" أو "إذا لم تلمس الحائط فقد كفرت"... إلخ. وهناك كذلك من تبدأ عندهم وس.وق. الربط الكفري أثناء محاولات الامتناع عن الاستسلام للقهور في أي من العبادات إذ يقول أحدهم "إذا أعدت الوضوء فقد كفرت" أو إذا كررت الاغتسال أو الصلاة...إلخ، فكثيرا ما يتكرر الربط الكفري الوسواسي بعد ذلك تلقائيا وفي أشياء ليست ذات علاقة، وبعض مرضى وساوس الربط الكفري تكون معاناتهم ورود مثل هذه الأفكار وما يفعلون لتحييدها (طقس الدخول في الإسلام) ومنهم من يعتقد فرقا بين أن تخطر له الفكرة فتبقى بقلبه وأن يتلفظ بها فتجده أحيانا خائفا من التلفظ وأحيانا شاكا هل تلفظت أم لا؟ ثم يضطر لفعل التحييد القهري احتياطا!، وأخيرا قد تنتج نفس الصورة السريرية من حدوث السب الكفري أو التجديف بأي شكل أثناء فعل ما أو خبرة شعورية ما بما يحدث ارتباطا شرطيا عند المريض بينها وبين الكفر..... ولا شك أن لجهل المريض بماهية الكفر وشروطه الفقهية دورا في زيادة طواعيته للوساوس إلا أن ربط الوسواس الأفعال و/أو الأقوال بالكفر يبقى ربطا عشوائيا لا يشترط المنطق فيه وكذلك تصديق المريض له إلى حد إصابته بالعجز عن الفعل.
6- وساوس الشرك
الثابت هنا هو اتهام الوسواس للمريض بأنه أشرك بالله أما كيف أشرك فيكاد الوسواس يقول ما يشاء ولا يحتاج تبريرا! بداية من ربط الشرك بحركة ما (الانحناء لأي سبب) أو بفعل ما (إن فعلت كذا فقد أشركت مثلا شراء غرض ما أو النظر في اتجاه معين) أو قول (إن قلت كذا فقد أشركت) أو صورة واقعية مثلا (شجرة، حائط، تمثال أو كلمة أعبد) أو عقلية (تظهر مثلا عند الدعاء أو الاستغفار) أو صوت داخلي يكرر كلمات مثل أنت تعبد كذا (غير الله) أو تعبد فلان أو أنت مشرك أو مثلا أثناء الصلاة أنت تصلي لغير الله، أو مثلا للشمس، أو للحائط، أو لأي شخص، وربما مع صورة عقلية لذلك المعبود المزعوم، ويتكرر ذلك الصوت مع الركوع والسجود، وأحيانا يرتبط بكل ما يذكر بالله أو بالدين في غير الصلاة مثل عند الحلفان أو الدعاء أو البسملة أو المشألة....إلخ. فتجد من يشتكي بأنه عندما دعا يا رب خطرت له الصورة أو الفكرة الشركية ويخاف من صرف الدعاء لغير الله وأحيانا يكون الوسواس مثلا يدخل في التسبيح عند رؤية شيء عظيم أو مبهر ليقول للموسوس أنت انبهرت فسبحت للصومعة وليس لله.... إلى آخر ما يمكن من أمثلة، ومن الطريف أن كثيرا من مرضى وس.وق. الشرك تبدأ معاناتهم مع وسواس الشرك بعد فترة مثلا من وساوس التشكيك بحيلة وسواسية مثل أن عليك أن تستشعر وجود الله أثناء الصلاة وبينما يحاول المريض إحسان ذلك الاستشعار يدهمه وسواس الشرك قائلا أنت تعبد الحائط أو الأريكة أو النافذة.... إلخ ويفاجأ المسكين بأنه عاجز عن نفي التهمة أي أنه غير قادر على التيقن من أن هذا وسواس، ويضطر لقطع الصلاة لأن الوسواس يتقمص دور الضمير قائلا كيف تصلي وأنت غير متيقن 100% أنها لله، وهكذا يقطع الصلاة أو العبادة ويعيدها حتى يتأكد أنها 100% خالصة لله.
7- وساوس وقهور تحاشي الكفر:
هنا يبلغ الخوف من الوقوع في الكفر بالمريض أعظم مبلغه فتجده يشك في أفعال و/أو أقوال كثيرة أنها كفر بالله ويجد نفسه مضطرا للسؤال عن حكم فعلها هل هو كفر؟ فإن عرف أنها ليست كفرا عاد يسأل عن أفعال و/أو أقوال أخرى هل هي كفر؟ وإن حاول التجاهل اشتد عليه الخوف من أن تكون كفرا حتى يسأل... وهكذا من هؤلاء من يختلط عليه حديث النفس وتخيلاتها عندما يحدث مصاحبا لذكر الدين أو الله أو المقدسات، فيسأل عن حكم التفكير في كذا.... أثناء كذا... ويتجلى التعمق (التورع المرضي) في تحاشي الكفر/الشرك/الردة في صور شتى فهناك من يراقب كلماته فيتجنب كلمات وتعبيرات كثيرة خوفا من أن تكون استهزاءً بالدين، وبعضهم يتحاشى الكلام في أي شيء ديني مخافة الخطأ وبعضهم يخاف من قول رأيه فيما سيحدث غدا مخافة أن يكون تنجيما أو تنبؤًا بالمستقبل وادعاء معرفة بالغيب... إلخ. ولا حدود لما يمكن أن تشمله وس.وق. تحاشي الكفر خاصة عندما يسرف المريض في البحث عن الفتاوى والآراء المختلفة والتي تتفاعل عادة مع ميله للتعمق فتجد الشكوك في أمور عادية كثيرة أن تكون كفرا فمثلا "النوم على الجانب الأيسر كفر لأنه تفضيل للنفس على سنة النبي عليه الصلاة والسلام" ومثلا "كره لحم الطير كفر لأنه من نعيم الجنة"... أو "مشاهدة الأفلام التي تعرض طقوسا وثنية".... إلخ.
ويتبع>>>>>: وساوس العقيدة والأحكام ع.س.م.د RCBT الوسواس القهري الديني19
واقرأ أيضًا:
استشارات وسواس العقيدة / استشارات السب الكفري!