أنا صاحبة مشكلة سجينة الحياة وهذه متابعتي معك:
تنعتينني بكلمة حبيبتي _ لم أعد حبيبة أحد حتى لأقرب أقرب الناس – لست إلا ثقلا وعبئا وهم يملأ أجواء بيتهم لست سوى الشبح الذي يسكن في غرفة مجاورة خاوية –لست سوى السيدة الفاقدة لعقلها المثيرة للشفقة– لست إلا شبح امرأة تختبئ وتستمع لضحكاتهم وأفراحهم وسير حياتهم وأنا أنتظر معلقة بين الأزمنة لا الصباح صباح ولا الليل ليل.
أعلم بأن لدي موهبة في رثاء حالي وتوضيح سوء أحوالي على الأقل هذا كل ما أفعله.
_ في كلماتك أجد تعاطفا وتفهما لما يجول في نفسي – تفهم لم أعهده منذ وقت طويل ولومٌ للقتلة الظلمة ويل وألف ويل للقاسية قلوبهم ...... وعدم استغراب من رغبتي بإنهاء حياتي رغم عدم موافقتك على رغبات شخص انتحاري مثلي امرأة تحتضر وظلمت مرة واثنتين وثلاثة كما تقولين وما زال الظلم يساق لي وأتجرع الألم كل ثانية
قتامة الكلمات لا تفي نسيج الألم الذي يغلفني حقه من الوصف.... تساورني الرغبة بإنهاء حالة اليأس الأسود التي تلف حياتي ولربما الفكرة الوحيدة المتبقية هي كيف أموت وأرسم مئات مشاهد الموت حولي ؟؟؟؟؟؟؟؟
افعليها وتخلصي من المعاناة اللامتناهية، لدي كل الوقت وعشرات الطرق .. لدي علب الدواء أمامي كأنها تناديني حتى الساعة وصوتها كأنها تقول حان وقتك لجهنم وبئس المصير ... الموت شنقا أو الموت بالرصاص الموت بالسم الموت بحادث أليم الموت من ارتفاع شاهق أو لربما الموت سحقا تحت عجلات شاحنة كبيرة ............................أنتظر وأتردد وأنتظر
في حالتي ينعدم الخوف من الموت ولا تستحق الحياة نظرة واحدة لكن سببا واحدا يبقي على أنفاسي ولا ينهيها لدي محمد يا صديقتي وهو أكثر الأسباب منطقية لبقائي على قيد الحياة بل السبب الوحيد الذي يجعلني أعيد تقييم الأمور وإبعاد تفكيري الانتحاري
لا أستحق أن يحدث لي ذلك لا أستحق الموت ولا يستحق ملاكي الصغير أن يتذوق مرارة اليتم بموتي...... وأعتقد من سولت له نفسه بالعبث بحياتي وحياة ولدي يستحق ذلك
من حرمني ولدي يستحق ذلك ..أعتقد بأني أصب جام غضبي على نفسي ولم أخطئ لألوم نفسي ....... المشكلة ليست فيّ كما قلت لا والمصيبة ليست مصيبة واحدة تنتهي بموتي هناك طفلي وأظنه منتظرا أتدرين من ينتظر حتما ينتظرني ؟؟؟ ينتظر أمه لتحضنه من جديد أتخيله وحيدا كوحدتي أتخيله يردد اسمي وبل متأكدة بأنه يبكي لإقصاء أمه عنه وهذا ما لا أحتمله ولا أستطيع طلب الراحة لنفسي وأترك طفولته البريئة وأحلامه الصغيرة تتبخر في بيت غريب لا يعرفه لا يمكن أن أسمح باستمرار معاناة ولدي ربي - الانتحار أنانية مطلقة مني ولست بالأم التي تنهي حياتها ولديها صغير متشبث بها ومتعلق حتى بأنفاسها .
لأنك أم وتدرين وتعلمين أي رابط يربطك بأولادك قدّرت وفهمت أن محمد سبب وجودي وسبب نهوضي في كل صباح ... بل هو نسمة الهواء التي أحيا بها _
قررت عزيزتي استرداد طفلي بالقوة ...
قررت الوقوف عكس التيار حتى لو أدى ذلك للغرق ... سأرسو أنا وهو لا ملاذ له سواي ولا مأوى لي سواه.
أشكرك من قلبي وأتمنى أن يستمع الرب لدعائك فلربما تصلني الرحمة ... الرحمة التي أنتظرها منذ زمن بعيد.
وأرجوك تقبلي أسفي إذ شعرت بمرارة كلماتي تصل لك ...
وكم يؤلمني أن تعلق في ذهنك قصص كقصتي.
5/7/2012
رد المستشار
شجاعة الحياة..
نعم أحسست بك يا حبيبتي وصديقتي..لأني أؤمن حقا أن أفظع ابتلاء قد يتعرض له الإنسان، هو ابتلاءه في أولاده..وأعرف أن أفظع الأمراض هو اليأس.. اليأس الذي يجعل الإنسان ينسى الرجاء في الله، وأن رحمته وسعت كل شيء..
نعم لا أستطيع لومك على أفكار الموت، أفهمها وإن كنت لا أستطيع أن أوافق عليها..
كثيرا ما تساءلت لم تلك الحرمة الكبيرة للموت، ولم تحريم الانتحار..ولا أزعم أني وصلت للحكمة الكبيرة التي يخفيها التحريم، ولكني أعرف الآن بعد سنين من مغالبة الحياة الصعبة أن الله أعلم بنا من أنفسنا، ويعلم تقلب القلوب.. وإني كثيرا ما راودتني أفكار الموت في لحظة صعبة، وما قاومتها إلا ووجدت اللحظة التي تليها يملؤها الأمل والرجاء والعطاء الكبير حتى لأخجل من نفسي ومن رب كريم...
نعم أعرف أن الشيء الوحيد الذي يعطيك أملا هو ابنك، وأنك يملؤك الآن القنوط والغضب والحزن القاسي
ولكني فرحة أنك أخذت قرار القتال.. ولا تنسي أن أشرس المقاتلين هو إنسان ليس لديه ما يخسره.. وأشرس ما تكون الحيوانات وهي تشعر أن أولادها في خطر..
أنا فرحة أنك قررت القتال، فلا يوجد أنبل من الهدف الذي ستقاتلين لأجله، ولو خسرت كل إنسان، فلابد أن تحاولي استعادة ابنك..وأتمنى أن أسمع منك أخبارا جيدة أو إيجابية، توقفي عن رثاء الذات (وعن "يا عيني عليّ") فلن تفيدك ولكنها طاقه سلبية ستستنفذ طاقة القتال داخلك..
انظري للمرآة وواجهي عينيك..وقولي بصوت مرتفع.."لا بأس سامحي نفسك على ما مضى، على ضعفك ووحدتك..قولي بصوت مرتفع "أنا أستطيع.." أنا لست وحيدة..قوة الله تملؤني وسأصل..
والسلام..