كيف أتخلص من هذا؟
مشكلتي تشبه الكثير من المشاكل التي تم عرضها في هذا الموقع من قبل. أنا رجل في سن ال 33، وأصنّف مرضي بالسادية، وقرأت في ردودكم على المشكلات المشابهة أن أحد محاور العلاج هو التدريب على فك الارتباط الشرطي بين مشهد الضرب (ضرب المرأة) والإثارة الجنسية، فأنا أكون في قمة الإثارة عند رؤية هذا المشهد أو ممارسته مع النساء (طبعاً ممارسته في الخيال فقط، وعن طريق مشاهدة الكليبات على النت، ولم أمارسه في الحقيقة)، وقد استطعت والحمد لله فكّ هذا الارتباط، فأنا أعرف جيداً أسباب وجذور المشكلة لديّ وبوضوح تام وبالتفصيل منذ الطفولة، ولكن ما هي الخطوة التالية في العلاج؟.
أنا الآن طبيعي لا أثار من مشهد الضرب (مع العلم أني أستطيع جمع هذا الارتباط إن أردت في أي وقت عن طريق الخيال، فهل هذا طبيعي أم أني يجب أن أكون غير قادر على الرجوع إليه في حال تم فك الارتباط فعلاً؟). والآن، كيف أوجد ارتباطاً شرطياً جديداً لكي يحل محل الارتباط الشاذ؟ فما الذي أستطيع القيام به بنفسي من تدريبات في هذا الاتجاه دون الذهاب إلى الطبيب (ذهبت مرة إلى طبيب أمراض نفسية وعصبية ولم أقتنع بكلامه، كان كل كلامه أمر الله ويجب أن نرضى بالواقع، والعمر غير مضمون، وو... وأكد لي أن ليس هناك علاج. وعليه، لست مستعداً للذهاب لطبيب لم يتعامل مع حالات من هذا النوع، لأني بعد هذه الزيارة كنت مدمراً نفسياً من كلامه ومحبطاً)، فما هي التمرينات والتدريبات- مع بعض التفصيل أو أمثلة إن أمكن- التي أستطيع القيام بها كي تنمو شهوتي على النساء، وعلى المناطق الجنسية في النساء طبيعياً بعيداً عن اللجوء للضرب، أي أن تتم إثارتي بطريقة طبيعية كأي إنسان عادي؟
أنا لا أجد إثارة في رؤية المناطق الجنسية في النساء (طبعاً أتكلم على الصور الجنسية، فأنا لم أرَ في الحقيقة ولست متزوجاً)، ولا أجد إثارة أو متعة في القبلات، مع العلم أني لم أجرّبها من قبل، ولكني أتكلم عما في داخلي من إحساس وما أشعر به عند رؤية مشهد جنسي، وأتكلم عمّا يدور بخيالي، فهل من الأفضل أن أقرأ الروايات الجنسية الساخنة؟ هل من الأفضل أن أحاول أن أدفع نفسي إلى الإثارة في وجود الصور الجنسية بالقوة؟ هل من الأفضل أن أشاهد الأفلام الجنسية؟ كطرق تساعد على خلق ارتباط جديد وتنمي الشهوة الطبيعية للجنس دون عنف، علماً بأني أجد شيئاً من المتعة والإثارة معه، ولكنه ليس قوياً عند قراءة نوع من القصص الجنسية وهو ما يسمى بقصص السحاق.
عندي ميول إلى النساء، ولكن يجب أن ينمو هذا الميول ولا أعرف في أي اتجاه صحيح يجب أن أسير دون اللجوء إلى الطبيب النفسي على الأقل في الوقت الحالي، فأنا أريد أن أتأكد من أني أسير في الطريق الصحيح للعلاج. أنا الآن خائف بعد فك الارتباط الشاذ بين العنف والجنس ألا أجد ارتباطاً آخر كبديل صحيح وطبيعي للشهوة، فأصير ضائعاً من غير شهوة جنسية محددة الهوية. أيضاً أنا مقبل على الزواج التقليدي، بماذا تنصح؟ هل الزواج سيساعدني على العلاج؟ خصوصاً أني سأرتبط بإنسانة طبيعية جداً (من المفترض)، أم يجب أن أقوم بتأجيل الزواج إلى أن أكون طبيعياً 100% نفسياً؟
وإذا كنتم تؤيدون الزواج الآن، فهل يجب أن أصارح الإنسانة التي سأرتبط بها أم لا (طبعاً ستكون عملية صعبة)؟ وماذا تعتقد، هل علاجي سيتوقف على الناحية النفسية فقط أم سأحتاج إلى أدوية؟ وهل هذا يعد خللاً في وظائف المخ؟ علماً بأنني أعاني من الوسواس الزائد إلى حد ما، ولكنه ليس بالوسواس القهري وقد قرأت لكم أيضاً أنني يجب أن أقوم بتنمية الناحية الجنسية الطبيعية مع النساء عن طريق الخيال، فكيف أنمّي هذا الخيال الطبيعي؟ هل من تدريبات يمكن أن أقوم بها يومياً (قبل النوم مثلاً حيث أني أكون في حالة استرخاء وتركيز في هذه الفترة)؟
وأحب أن أوضح أنه نمت عندي السادية أو حب العنف حتى أصبح شهوة منذ الصغر، ومن الممكن أن يكون طبيعياً في ذلك الوقت، ولكن خيالي هو الذي صوّر لي الأفلام والخيالات والقصص التي فيها عنف وعقاب إلى أن أصبحت أعشق هذا الموضوع دون أن أدري أني أسير في اتجاه نفسي خاطئ، والفضل يرجع أيضاً إلى العنف الذي كنا نراه في المدارس منذ الصغر، ومما زاد الطين بلّة أن الجنس كان يعتبر عيباً وصندوقاً أسود مبهماً لا يمكن الوصول أو الاقتراب منه، فنشأت على أن الجنس مع البنات عيب وجرم يستوجب القتل، وكنت في صغري لا أعرف شيئاً عن حقيقة الجنس إلى أن عرفت الحقيقة بالصدفة، فحصل لي صدمة كبيرة عندما عرفت حقيقة ما يحدث بين الرجل والمرأة، وبعد هذه اللحظة نشأ عندي إحساس بالقرف واسترسلت في السادية إلى أن أيقنت أنه يجب عليّ أن أقف وقفة جريئة كي أوقف مهزلة السادية الخيالية.
عندي مشكلة تأنيب الضمير؛ فأنا ألقي باللوم على نفسي في مسؤولية ما حدث، ولكن حقيقة الأمر أن ما حدث كان دون إرادة مني، فهل يمكن أن أعيد ضبط الخيال من جديد إلى أن أصل إلى الحالة الطبيعية للشهوة الجنسية الخالية من العنف؟ وأرجو من الله عز وجل أن يوفقكم في الجواب، وعرض خطة علاج كاملة من البداية إلى النهاية، فأنا أعتقد أن نصف المشكلة تم حلّها وبقي النصف الآخر.
جزاكم الله خيراً كثيراً، وشكر خاص للدكتور وائل.
18/01/2009
رد المستشار
الأخ الكريم "عليّ"، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته؛
نشكرك كثيرا على تواصلك مع موقعنا هذا. لاشك أن مشكلة التفضيل الجنسي متعبة لصاحبها في كثير من الأحيان، خاصة الإنسان الذي يصحو ضميره وترتفع لديه قيمة الفضيلة ويبدأ بالشعور بالذنب، كما حدث معك. لكن في نفس الوقت فإن بشائر التغيير كثيرة جداً في حالتك، ونحن سعداء أن نعرف أنك استطعت فك الارتباط ما بين مشهد الضرب والإثارة الجنسية والآن تريد أن تنتقل إلى مرحلة بناء الارتباط الطبيعي للمعاشرة الجنسية. إن تمكنك من جمع الارتباط الذي فقدته يجب ألا يكون أمراً مزعجاً لك، ذلك أن الإنسان سلوكياً يفقد ما يتعلم ويستعيد ما فقد، لكننا قطعاً لا ندعوك لجمع هذا الارتباط مرة أخرى.
أنت تريد أن تبني ارتباطاً جنسياً يقوم على السواء والعفة والفضيلة، لذا لا ندعوك مطلقاً لمشاهدة الصور أو الأفلام الجنسية لتنمية الشهوة الطبيعية لديك، وحتى قراءة القصص الجنسية وإن أثارتك ظاهرياً فإنها ستتصادم مع منظور القيم لديك، لذا أدعوك أيضاً ألا تتخذ هذا الأسلوب منهجاً لبناء اشتراط جنسي جديد. الطريقة الأسلم -طالما أنك مقدم على الزواج- وهذه فرصة سانحة جداً، يجب أن توجه كل الروابط الجنسية والحيل الشرطية نحو زوجة المستقبل وأن تنظر إليها بنقاء وعفة، وهذا يكفي تماماً.
بمعنى آخر أن التسامي نحوها وترسيخ مفهوم الزواج كميثاق غليظ ومحبة وسكينة ورحمة، وأن الجنس في عش الزوجية تبنيه العواطف والوجدان والإثارة في لحظته، وهو قائم على الطهر والعفاف والاحترام وفي حدود ما شرع الله، هذا هو المفهوم الذي يجب أن ترسخه من خلال تمارين ذهنية بمعدل مرة أو مرتين في اليوم، وفي حدود بناء الخيال وتطويره في حيز العشرة دقائق إلى ربع ساعة في كل مرة.
أرجو ألا تلتفت كثيراً إلى أساليب التنشئة والثقافة الجنسية الخاطئة فكلنا تربينا ونشأنا على ما تربيت عليه، فهذا هو النظام الذي تم إقراره اجتماعياً في ذاك الزمان، والتجارب ما هي إلا بنك معلومات نستفيد منها لتطوير حاضرنا ومستقبلنا. العلاج الدوائي مفيد جداً في مثل حالتك، خاصة أن ما يعتريك من أفكار بالرغم من أنها ضعفت لكن التسلط القهري يظهر عليها كشيمة رئيسية، لذا فإن استعمال أحد الأدوية مثل عقار (بروزاك) والذي يسمى علمياً fluoxetine سيكون دواءً مفيداً لك بإذن الله، حيث أنه يعمل بآلية ما يعرف بالتثبيط الانتقائي لاسترجاع أحد الموصلات العصبية التي تعرف باسم سروتونين، والتي يعتقد أنها تلعب دوراً في زيادة الاندفاعات الوسواسية والجنسية، وعليه أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة (20 ملغم) يومياً لمدة 6 أشهر، وهو من الأدوية السليمة والفعالة جداً. أرجو أن تقدم على الزواج دون أي تردد، وستجد أنك تعيش حياة أسرية وجنسية متوائمة جداً بإذن الله تعالى.
يحمد لك أيها الأخ العزيز أنك قد عرضت مشكلتك بصورة واضحة وتقدمت أيضاً بمقترحات وآليات للحلول.
مع تحياتي وتقديري.
وبالله التوفيق.