شماعة ضغوط الأهل الخيال هربا أو مرضا م1
السلام عليكم 
الأستاذ الدكتور أحمد عبد الله، والإخوة الأفاضل أساتذة وأطباء استشارات مجانين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بداية أشكركم على طول صبركم علي؛ لأني أشعر أن مشكلتي قد طالت إلى حد كبير، وأرجو أن يتسع صدركم لي، وجزاكم الله خيرًا.
 
مشكلتي بعنوان "شماعة ضغوط الأهل: الشاب أيضًا يتراجع"، وقد أرسلتها منذ فترة وأجبتم عليها، ثم أرسلت إليكم أني لست مقتنعًا بالإجابة، مع احترامي وتقديري.
 
 قد عادت إليّ المشكلة نفسها أو بمعنى آخر ما زالت المشكلة متواجدة بل قد تزداد في فترة وتقل في فترة، مع العلم أني في الفترة الماضية أخذت كل سبل السعادة مع زوجتي وطفلتي من رحلات وتغيير في أساليب الحياة...... إلخ، ولكن عاد هذا التغيير عليهما فقط دون أن أتأثر به.
 
 ورغم محاولتي هذه، علما بأني كنت أشعر زوجتي بأني سعيد معها، وهذا كان مناقضًا لمشاعري، فإني أشعر بأنها لا تخاف عليّ ولا تحبني، وهذا شعور دائم من ناحيتي.
 
 عقلي مشتت فهل أتزوج من كنت أحبها؟ مع العلم أنها ستقبل، مع علم سيادتكم أني أعرف هذه الأخبار بعيدًا عن أي اتصال بيني وبين خطيبتي السابقة، وأن هذه الأخبار أتت لي بالصدفة.
 
 عرضت على زوجتي أن أتزوج خطيبتي الأولى فرفضت وطلبت الطلاق، وعندما علمت ذلك منها أخبرتها أن هذا الأمر على سبيل الهراء، ولكني كنت أحدثها بصدق.... فماذا أفعل؟ فأنا في حيرة من أمري، مع أني أعلم أن مشاكل المسلمين كثيرة وتلهي عن أي مشاكل أخرى.
 
 زوجتي ترفض زواجي من خطيبتي السابقة وتطلب الطلاق، وأنا أحب طفلتي ولا أريد أن تكبر بعيدا عني.... فماذا أفعل؟ وأعتذر عن الإطالة، وأعلم أنكم لا تختارون لأحد، ولكني أريد خبرتكم ورأيكم في مشكلتي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 08/10/2025
رد المستشار
أخي الكريم، أهلاً بك مرات ومرات.... فإننا لا نمل من الرد طالما لا تملون من المتابعة، ونحن معك حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولاً.
لعل حجر الزاوية في مشكلتك هو ما سبق وألمحت أنا إليه في إحدى إجاباتنا عليك، وهو أن الزواج قرار يتحمل مسؤوليته الزوج أساسًا، والرسول يقول: "تنكح المرأة لأربع.... فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وهو صلى الله عليه وسلم يوجه الأمر هنا بصيغة الفرد إلى الخاطب؛ لأنه المسؤول الأول والأخير، رغم أن الزواج علاقة أوسع من أن تكون فردية يستقل بتقدير شئونها طرف وحده.
أكرر هذا لأذكرك أنك أنت المسؤول عن قرار زواجك الحالي رغم دور أسرتك فيه، وأنت المسؤول عن أي قرار جديد تتخذه بشأن مستقبل أسرتك وحياتك الزوجية الحالية مهما كان هذا القرار.
لا أدري ماذا تنتظر من زوجتك حين تقول لها أو تعرض عليها أن تتزوج؟! وبمن؟! بخطيبتك الأولى!!
إن أي امرأة في مكانها ستفعل مثلما فعلت -وربما أكثر- لأن عرضك هذا يصيبها في أكثر من مقتل، ومن حيث الشكل -أي ظنك أنها يمكنك أن توافق- فهو نوع من الهراء فعلا، فهل كنت جادًّا في ظنك هذا؟! وهل تقصد بعرضك ذاك أن تجعلها مشتركة معك في المسؤولية عن القرار؟! السعادة يا أخي لحن مشترك يعزفه اثنان، فإذا عجز أحدهما وجب على الآخر أن يأخذ بيده ويعلمه العزف لا أن يكتفي بمحاولة العزف المنفرد..... وهذه هي مسؤولية الزواج التي يبدو أن كثيرًا من رجالنا منشغلون غافلون عنها، ويبدو أن كثيرًا من النساء غافلات عنها أيضًا، أو عاجزات بحكم ظروف نشأتهن ووعيهن الإنساني والاجتماعي المحدود نظرًا لغياب التكوين المنهجي لذلك عن التعليم والتنشئة.
لذا فإن زوجتك مثل كل زوجة عربية تحتاج إلى تعليم أكثر مما تحتاج إلى ترفيه "وتغيير جو"، وتحتاج إلى أن تتعلم كيف تحبك، وكيف تسعدك؟! وكيف تشبعك وترضيك؟!
ويبدو أنك أيضًا تحتاج إلى أن تتعلم كيف يمكنك أن تقود فرقة العزف فتسعد أنت وهي، والأمر يحتاج إلى مجهود يتجاوز بكثير مجرد الرحلات؛ لأن الرحلات وغيرها ليست سوى مناخ يمكن أن تنطلق فيه أنغام لحن السعادة، أما العزف فيحتاج إلى تعليم وتدريب ومهارة، وتناغم وانسجام، وأنتما معًا تحتاجان إلى ذلك كله.
هنا يكمن الخلل تحديدًا، وإذا كنت تريد تبسيط التغيير المطلوب فتصوره أو تتصوره على أنه تبديل زوجات فهذا شأنك، والقرار قرارك وأنت تتحمل مسؤوليته وتبعاته، فلا تطلب من زوجتك أن تشاركك في تحمل مسؤولية قرار مثل هذا، ولا تلقي بعبء فشل علاقتكما عليها وحدها!!
وإذا كنت تعتقد أن محض زواجك من خطيبتك السابقة سيجلب لك السعادة فدعني أقل لك إن هذا مجرد وهم، أو إنه في أحسن الأحوال قد يكون احتمالا من بين احتمالات أخرى.... أرجو أن تكون مستعدًا لها إذا اتخذت مثل هذا القرار، أقصد قرار الزواج الثاني، وانتبه أن خطيبتك التي تركتها قد تكون على رغبتها القديمة فيك، وقد تكون على رغبة في أي زواج بدلا من لا شيء، ولكنها في كل الأحوال لن ترضى بأن تكون مجرد زوجة ثانية تقنع بنصف رجل -هذا إذا أردت أنت أن تعدل بينهما- وبخاصة أنها تعتبر أنها الأصل، وأن زوجتك الحالية طارئة، فكيف ستتعامل أنت مع هذا الوضع؟!
في كل الأحوال يبدو أن عليك أن تتخذ قرارًا صعبًا له ما وراءه من مسؤوليات، فابتعد عن التبسيط وعن الهروب من الفشل.... وتابعنا بأخبارك.