أنا أحرق نفسي من الداخل
الفصل الأول: البداية
في البداية، كنت طفلا صغيرا، في الرابعة من عمري، أتذكر تلك الثواني التي مرت. أتذكر عندما بدأتُ أنظر إلى الأشياء بعينيّ وأخزنها في ذاكرتي (الطفل الذي لا يتجاوز الثالثة أو الرابعة لا يتذكر شيئًا). في تلك اللحظات، التي تُمثل بداية حياتي، بدأتُ أُدرك وأُفكر كطفل وأتخيل الأشياء. كان الوضع طبيعيًا حتى بلغتُ السادسة ودخلتُ المدرسة. بدأتُ أُلاحظ شيئًا: لم أكن ألعب كباقي الأطفال. لم تكن ألعابي كألعابهم، ولم أجلس معهم. كنتُ أجلس بعيدًا وأتحدث إليهم كثيرًا، لكنني كنتُ أشعر بعزلة ما. مع أنني كنتُ أتحدث وأضحك، لم أكن أشبههم. كنتُ أفكر فيك، وانشغلتُ بالتفكير في سبب اختلافي عنهم. لكن تلك لم تكن بداية مرضي. بدأ عندما عدتُ إلى المنزل وتخيلتُ أحداثًا لم تحدث، وبدأتُ أخترع قصصًا لم أخبر بها أحدًا. كنتُ أتخيلهم فقط، وأبالغ في تخيلهم. لم أكن أقضي معظم وقتي في التخيل، بل كنت ألعب وأقضي يومي كله ألعب. بالكاد رأيت عائلتي، لكنني أدركت أن لدي أصدقاء أكثر من عائلتي، وكنت طالبًا متفوقًا.
في مرحلة ما، كنت في الصف الثالث الابتدائي أقرأ أحد كتب والدي، وشعرت برغبة في الحركة، فقمت لأحضر الماء ثم عدت لأشعر برغبة في الحركة. بدأت أذهب لأي شيء لمجرد الحركة. كنت أتحرك لأتخيل الأحداث، ومنذ تلك اللحظة بدأ المرض. قضيت وقتًا طويلًا أتحرك في غرفة لا أجد فيها شيئًا، وأتخيل أشياء لم تحدث. تراجعت في دراستي، وحتى أثناء وجودي في المدرسة، كنت أتخيل أشياء. لكنني تمكنت من اجتياز المرحلة الابتدائية، وكنت أقضي ساعات في المنزل أمشي وأتخيل أشياء. بدأت أستمع للأغاني وأتخيل أشياء، وتوقفت عن الصلاة، وابتعدت عن كل ما يلهيني عن التخيل. توقفت عن الأكل، وأصبح تخيل الأشياء قهريًا في كل دقيقة من يومي. نجحت في المدرسة الإعدادية ورسبت لمدة خمس سنوات، ونجحت فيها ولم أرسب، ودخلت الجامعة، والآن أنا ناجح في دراستي.
الفصل الثاني: الاضطراب القهري
أصبح هذا المرض وهذه الأفعال قهرية، ومقاومتي وعيش حياتي بشكل طبيعي ضرب من الجنون. لم أعد أتحدث مع عائلتي. لم أخرج مع أحد منذ سنوات. لم يعد لدي أي أصدقاء. لا أتحدث مع أحد. لا أفعل شيئًا. لا أصلح الأجهزة المعطلة في المنزل. لا أذهب إلى السوق لشراء البقالة لأمي. أجلس فقط في المنزل أستمع إلى الموسيقى وأتجول وأتخيل الأشياء من بداية اليوم حتى موعد النوم. لا أخرج، لا أتحدث، لا أعمل. حاولت أن أمنع نفسي وأجد هوياتي، لكنني لم أستطع. كان المرض أقوى مني. حاولت الذهاب إلى جدي، الذي يملك دكانًا في السوق. كنت أذهب إلى منزله وأقضي شهورًا في المنزل المجاور لحيّنا لأعمل في المتجر وأشغل نفسي. لكنني كنت أتخيل نفسي أعمل، آكل، أبيع، أخزن، وأفرغ البضائع كل دقيقة. لم أتوقف عن التخيل. كنت أشعر بالتعب وأعود للنوم دون أن أنظر حولي في الغرفة لأن النعاس كان يسيطر عليّ. كنت أركب السيارة وأتخيل، أضع سماعاتي في السوق كل ثانية.
الفصل الثالث: العادات الجنسية
في سنوات مراهقتي المبكرة، تعرفت على العادة السرية عندما كنت في الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمري. لم أكن أعرف شيئًا عنها ولم تكن لدي أدنى فكرة عن آثارها الضارة. مارستها كثيرًا لأنه لم يكن لدي أصدقاء ولم أجد شيئًا أفعله سوى التخيل. لم أستطع قضاء يوم دون العادة السرية، ومع كل قذف، كانت تخيلاتي تزداد. كنت أقضي ساعات في التخيل ثم أعود لممارستها. بعد عامين من الإدمان الشديد على العادة السرية، لاحظتُ تأثيرها القوي على تخيلاتي، وأنها ازدادت وأصبحت قهرية بعد كل ممارسة. مع ذلك، لم أقلع عن العادة السرية؛ بل قللتُ منها لأني كنتُ مدمنًا عليها، لدرجة أنني عانيتُ من سرعة القذف وتسرب وريدي. أقلعتُ عن العادة السرية لأشهر، ثم عدتُ إليها لبضعة أيام. بدأتُ أقلع عنها لبضعة أيام، ثم أعود إليها لبضعة أيام أخرى.
الفصل الرابع: الأعراض
أضع سماعات الأذن وأبدأ بتخيل أشياء، وأتحرك لساعات، أو تنفد بطارية سماعاتي أو هاتفي.
الفصل الخامس: المستقبل
أفكر في مستقبلي مع كل هذه الأمراض. كيف سأتزوج؟ لا، لن أفعل. كيف سيعيش الإنسان مع شخص مثلي؟ أريد أن أتزوج وأعيش حياة طبيعية. أريد العودة إلى الدين.
الفصل السادس: العلاقات الاجتماعية
في السنوات الأخيرة، حاولتُ تكوين صداقات مع فتيات للتخلص من إدماني، لكن الحقيقة هي أنني فشلتُ في العلاقات التي دخلتُها. أبدو بمظهرٍ جيد، لكن لا حياة لي. لا أخرج أبدًا، ولا أملك وسيلةً للتحدث.
أقضي حياتي في التجول والتخيل.
لا أعرف كيف تبدو الحياة في الخارج.
12/10/2025
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
ما هو واضح أنك تعاني منذ الطفولة من أفكارٍ وتخيلات قهرية وسلوك حركيّ متكرر، مع انعزال اجتماعي وإدمان على العادة السرية وتأثير ذلك على أدائك الوظيفي بصورة عامة.
عليك أولا استشارة طبيب نفساني لتقييم الأعراض وما إن كان مصدرها الوسواس القهري، اضطراب عجز الانتباه فرط الحركة، أو طيف التوحد. ربما هناك الحاجة إلى استعمال مضادات الاكتئاب، ولكن على الأكثر هناك حاجة ماسة إلى علاج معرفي سلوكي مع تركيز على التعرض ومنع الاستجابة. كذلك هناك الحاجة علاج إدراكي-سلوكي لمشاكل الإدمان الجنسي أو تنظيم السلوك الجنسي. العلاج الجمعي في حالتك يفيد الكثير، ولكن لا أظن أنه متوفر في الخدمات الصحية في العراق.
عليك الالتزام بجدول يومي منتظم جدول يومي مع نشاطات قصيرة ومحددة (مشي ٢٠ دقيقة، قراءة، مهام منزلية) لتقليل وقت التخيل. هناك ما يسمى تقنيات التمهيد والتشتيت وهي عند ظهور الرغبة بالتخيل/الاستمناء استخدم استراتيجيات بديلة مثل تمارين تنفس، الخروج، الاتصال بشخص موثوق، وتغيير البيئة.
عليك وضع قيود على استخدام سماعات/الهاتف في أوقات أو أماكن معينة، حجب محتوى جنسي، حذف المحفزات الرقمية. لابد من أن تتواصل مع العائلة أو صديق موثوق وشاركهم بعض ما تمر به. ما هو في غاية الأهمية.
ما هو في غاية الأهمية التفكير في وظائف أو تطوع قصيرة المدى للخروج من العزلة مثل دوام جزئي في متجر، مساعدة في دكان الجد كما فعلت لكن مع هدف واضح للانخراط.
إن رغبت بالعودة إلى الدين، فتواصل مع رجل دين طيّب ومرن يمكن أن يساعدك في مسارٍ متدرّج دون إحساس بالذنب المبالغ.
وفقك الله.