أبعث إليكم بأطيب وأرق التحيات، وكل عام وأنتم بخير... تعودت دائما على استشاراتكم في الأمور التي تواجهني وأقف حائرة أمامها... جزاكم الله كل خير.
لي صديقة أعرفها منذ سنوات طويلة كانت تربطني بها علاقة أخوة وصداقة قوية حيث قدمت لها من جانبي كل صور العطاء الممكنة ماديا ومعنويا، حيث إن صديقتي تلك على مر علاقتي بها كانت تمر بالعديد من المشاكل والأزمات وكنت أقف بجانبها _بفضل الله_ بكل ما أوتيت من قوة وفعلت معها ما لا يفعله أحد. وذلك كله بفضل الله تعالى.
ومن جانبها هي كانت تقوم بدورها كصديقة تحبني وتنصح وتوجّه وتعلّم وتستمع وتقدم الرأي والمشورة، حيث إنها تكبرني بـ8 أعوام وكان غالبا هذا هو دورها معي، حيث إنني لم أحتج منها أكثر من ذلك، ولم أكن أثقل عليها على العكس كنت أعتبر أن الله سخّرني لها (بكل ما لديّ من إمكانيات)، وأن ذلك واجبي نحوها.
ولكن مع الوقت أصبحت أشعر أن علاقتي بها قد تحولت إلى سيطرة من جانبها وحب تملك ورغبة في أن أكون دائما طوعا لها ولآرائها ورغباتها، وانتظار للاهتمام والعطاء الدائم وأصبحت تعتبر أن هذا حق (أُحمد عليه) وعدم وجود ذلك تعتبره سوءا مني.
المهم مع استمرار احتىاج صديقتي لي باتت تشعر أنها لا يمكنها الاستغناء عني أبدا وأنها تحتاجني بشكل دائم في حياتها للتخفيف عنها ومعاونتها على مصاعب الدنيا (مع العلم أنها لم تتزوج حتى الآن)؛ ولهذا السبب فكرت في أن تزوجني لأخيها مع أسباب أخرى وهي أنها تراني فتاة ملتزمة وخلوقة ومن أسرة طيبة وميسورة.
وبذلت في سبيل تحقيق هذه الرغبة جهدا كبيرا للتوفيق بيني وبين أخيها، حيث بدأ هذا الموضوع منذ سنوات وأبي كان يرفض أكثر من مرة (وكانت لديه أسبابه حيث إنه يرى أنه ارتباط من أجل المصلحة، كما أن أخاها لم يكن له وضع مادي مريح في ذلك الوقت)، وحاولت صديقتي بكل السبل لإنجاح هذا الموضوع ودائما كانت تشكر لي في أخيها وتبالغ في ذلك وتفعل نفس الشيء مع أخيها، وكانت تضغط عليه ليتقدم.
المهم منذ فترة تم عقد قراني على شاب آخر ولكنه كان (كتب كتاب) فقط وانفصلت عنه قبل الدخول لحدوث مشاكل كثيرة بين الأسرتين وتم الطلاق.
وقد اعتبرت صديقتي تلك أن ارتباطي بشخص آخر غير أخيها خطأ كبير ارتكبته في حقها؛ لأنني كان بإمكاني أن أتمسّك بأخيها أمام أبي أو على الأقل انتظاره حتى تتحسن ظروفه المادية، خاصة أنني قد قلت لها في مرة إنني لن أتخلّى عنها وإن كنت سأرتبط بأخيها فسأفعل ذلك من أجلها حتى لا أتركها.
الآن وبعد الطلاق بفترة تقدم لي أخوها للمرة الرابعة، ولكن هذه المرة بعد أن تحسنت ظروفه المادية، حيث إنه قد سافر لإحدى الدول الخليجية وأصبح وضعه ممتازا (مع العلم أنه ينفق على أسرته الآن) وقد وافقت أنا لأنني كنت موافقة عليه منذ البداية، والرفض كان يأتي من أبي، ولكن أبي وافق أيضا هذه المرة ولكن على مضض وهو غير مرتاح وجاء أخو صديقتي واتفق مع أبي على كل شيء، واشترط أبي تسوية أمور مادية بيننا وبينهم أولا قبل أي شيء (حيث إنهم قد استدانوا مبلغا منذ فترة طويلة وتأخروا في رده لظروفهم المادية)، وقد وافق أخوها على سداده أولا واتفق مع أبي على كل شيء.
في هذه الفترة وبعد أن وصلت صديقتي لما تريد فوجئت بها وقد غيرت معاملتها لي وبدأت تعاملني بجفاء وصد، وبررت معاملتها تلك بأنها حزينة لأنها تشعر أنني تغيرت نحوها ولم أعد تلك الصديقة الطيبة التي تحبها وتهتم بها وتحكي لها كل أسرارها، ثم انقطعت عنها فترة صغيرة نسبيا لم أحدثها فيها ثم فوجئت بها عندما حدثتها أنها تثور في وجهي وتخبرني بأنها لا تريد أن تعرفني، ولا تريد أن يكون لي بها صلة، وأنها انصدمت في وفي تصرفاتي.
وصوّرتني في صورة فتاة فعلت كل ما تستطيع لتضمن الحصول على أخيها والزواج منه، وفي سبيل ذلك تنازلت عن الأصول وعن شيء من الأخلاق والدين وأخذت تمنّ عليّ أنها صاحبة الفضل في أن أتزوج أخاها، وأنها هي من بذل كل جهد لأجل ذلك.
كل هذا الكلام قالته نتيجة لتفسير خاطئ منها لكلام قد قلته لأخيها بحسن نية، لا يحمل في معناه أي شيء مما قالته إلا لشخص يريد أن يسيء الظن بشخص آخر.
المهم أنني صدمت فيها وأخذت قرارا فورا بإنهاء هذا الموضوع وأخبرت أخاها بأن الموضوع انتهى وأنني أعتبره أخا لي فقط ولم أذكر له أي أسباب.
هي الآن حدثتني بعد مرور أسبوعين من هذا الموقف واعتذرت وتريد إزالة هذا الخلاف، وأن ترجع الأمور كما كانت، ولكنني أخبرتها أنني عند موقفي وأنها ستظل أختي وصديقتي ولكنني أرفض هذا الارتباط الذي لن أشعر فيه بإكرام.
هل أنا مخطئة أم مصيبة في قراري هذا؟ وهل أخوها ليس له ذنب؟ أم أن وجود أخته في حياتي بهذا الشكل وبالطريقة التي ترضيها سيسبب لي الكثير من المشاكل؟
(علما بأنني سأسافر للعيش معه في تلك الدولة الخليجية، ولكنني لا أضمن أنها لن تطلب منه أن يعمل لها تأشيرة وتأتي للعيش معنا هناك وأنا أتوقع هذا فيما بعد). أرجو أن تفيدوني جزاكم الله خيرا...
17/7/2025
رد المستشار
عندما ترسل لنا زوجة تشكو من تعاستها وكثرة مشكلاتها الزوجية ونبدأ في البحث معها من خلال قصتها عن السبب الرئيسي فيما يحدث لها؛ فنجده أنه كان سوء اختيار منها وعدم تقدير لذاتها ونقص شديد في إدراكها، "نمنع" أنفسنا (غصبًا) من أن نبكتها أو نقول لها إنك إنسانة "هانت" عليها نفسها، ونظل في أدب جمّ نبدع لها في حلول حتى تتمكن من إكمال مشوار حياتها بأقل خسائر ممكنة - برغم استمرار وجود تعب ومشكلات كان يمكنها أن تتفاداها لو كانت "واعية".
أما معك فلن أكبت غيظي، ولن أهدهدك لتفيقي مما أنت فيه، فاعذريني لخوفي عليك من نفسك، ودعيني أبدأ من علاقتك بتلك الصديقة؛ فهي إنسانة تنزع للتملك بقوة ووضوح شديد وتسخّر من حولها لتحقق راحتها وسلامتها النفسية حتى ولو كان على حساب مشاعر ورغبات من حولها، وإن كان من حولها هؤلاء هم صديقة العمر وأخوها الشقيق!، فراحتها في وجودك "سند" يطمئنها ويخفف عنها ويدفعها لأن تتخطى مشكلاتها، وأستطيع أن أقسم لك أنها لا تستفيد من نصائحك في شيء، فلعلها حالة "إدمان" واضحة في الاعتماد عليك لتشعر بالأمان "الزائف" حين تجدك بقربها في مشكلاتها، فهي شخصية مريضة لا محالة.
ولكنك لم تعي ذلك ولا أعلم لماذا لا ترينه؟! فتحكمها وأنانيتها وتعاملها معك على أنك أنت ككيان -وليس فقط مساندتك لها- حق مكتسب لها واضح وضوح الشمس في السماء الصافية، إلا أنك اكتفيت بأن تكوني رد فعل لها، واستكنت لأن تكوني جزءا من شخصيتها ذبت فيه وصرت غير موجودة على الإطلاق! فلم تقفي معها موقف رفض واحد لتصرف لا يعجبك منها، حتى تركت نفسك لها للدرجة التي جعلتها تقرر لك من ستتزوجينه وهو نفسه يرفضك! ولا يناسبك، بل وتم رفضه أربع مرات، ومع ذلك لا حراك ولا رفض ولا أي شيء، وتبعثين فقط لتسألي أأتزوجه أم لا؟.
ألم تلاحظي أنك لم تتحدثي عنه البتة؟ فقط تحدثت عن مستواه وعن رفض والدك له وعدم إقبالك عليه، فلا حديث عن شخصيته أو طباعه أو مميزاته أو حتى عيوبه، فهو ليس الشخص الرئيسي في الموضوع برغم أنك ستتورطين معه في زواج وتبنين معه بيتا والمفروض أبناء!!.
اغضبي مني كما تشائين، ولكنني أرى أن الله سبحانه وتعالى أعطاك أكثر من فرصة لتنجي مما تركتِِ نفسك تغرقين فيه، وأتصور أن ردي عليك سيكون الفرصة الأخيرة لأن تقفي مع نفسك موقفا ناضجا تحسمين فيه تلك العلاقة المريضة أو أنك ستكونين نسخة مكررة من بيوت مريضة يملؤها عدم التفاهم والمشكلات والجو غير الصحي، وسأترك لك عدة نقاط لتعيها قدر إمكانك وقد أعذر من أنذر:
-الصداقة ليست ذوبانا في شخصية الصديق والتبعية العمياء له، فهي مساحة أمان وراحة وتكامل وتبادل وحين تتحول لتملّك وضيق ومشكلات تصبح لعنة ونقمة بدلاً من أن تكون نعمة، وتخرج من إطار الصداقة وتتحول لعلاقة مرضية.
-أنت كذلك مريضة في تلك العلاقة فسيطرتها قد ترجع لضعف شخصيتها الشديد أو وجود مشكلات لديها في تربيتها من الصغر، ولكن أن تكوني أنت بتلك التبعية والصبر غير المبرر كل تلك السنوات، فهذا يعني وجود "خلل" ما لديك في العلاقات أو وجود مشكلات لديك تجعلك تركنين لسيطرتها بتلك الطريقة.
- الزواج ليس نزهة، ولا قرار من ضمن قرارات نتخذها يوميا بشكل بسيط وتلقائي، فهو مشروع ضخم ومهم نحتاج فيه لمعرفة من سيصون مشاعرنا عن قرب واقتناع، ونطمئن لقدرته على تحمل مسؤولية بناء بيت وتربية أبناء وتحدى متطلبات الحياة بما يحمله من خصال ومميزات تجعلنا نتمنى الحياة معه؛ لذا فشريك الحياة يجب أن نقتنع به ونرى فيه ما نحتاج إليه ونشعر بالقبول تجاهه حتى تستقيم الحياة قدر الإمكان.
- زواجك من أخيها سيكون كارثة فوق رأسها قبل رأسك، فهي تتعامل معك على أنك شيء تمتلكه فحين يتم الزواج ستكونين برغم إرادتك وإرادتها زوجة له وأما لأبناء، وستكون عبئا ثقيلا جدا عليك، ولن تتوانى أن تفتعل المشكلات معك أو مع أخيها لتحصل منك على ما تريده لتستطيع أن تحيا في أمانها الذي تتصوره.
-أعلم أن قرار مواجهتها قرارًا ليس سهلاً عليك، لأنكما في حالة من "التواطؤ المتعمد" كما نسميه.
أي: في حالة اعتماد كبير على وجود بعضكما البعض في حياة كل منكما للآخر ولكنه ليس مستحيلا، فرؤيتك لنفسك وتقديرها والتفكير فيما تريد وفيما ترفض هو مهمتك الأولى في حياتك الآن، ليس فقط لترفضي الزواج بمن لا تقتنعين به ولكن لك أنت عموما في حياتك لتحسني مما هي عليه الآن، فلتعتبري أن تلك المواجهة "بروفة" فارقة لك في حياتك لتكوني أنت أميرتها من اليوم.
وأخيرًا...
أتمنى ألا ترسلي لنا بعد أشهر من الزواج لتستغيثي من تصرفات أخت زوجك معك واكتشافك أنك لا تحبين زوجك، وأنه لا يناسبك كزوج أو أب لنحل مشكلاتك.