أنا شاب متزوج وعندي طفلان، كان زواجي في ظروف خاصة اضطرتني لقبول المعروض علي، لست على وفاق مع زوجتي وغير مرتاح معها مع أنها تحبني، لكننا نقضي معظم وقتنا في المشاكل، لكني مضطر للعيش معها بسبب الأطفال، وفي نفس الوقت فإن قلبي مع إنسانة أخرى، وأعلم بشكل شبه مؤكد أن سعادتي ستكون مع هذه الإنسانة، لكني لا أستطيع أن أتزوجها بسبب زواجي الأول، وحقيقة أنا أعيش في صراع داخلي شديد يقلب حياتي إلى نكد دائم.
لا أدري أيهما أختار مصلحة أطفالي؛ أم سعادتي وحياتي الخاصة؟
مع أنني عمليا أفضل الخيار الأول لكنني أشعر أني أظلم نفسي وأظلم الإنسانة التي أحبها وتستحق أن أعيش معها!.
07/07/2025
رد المستشار
أخي العزيز: حيرتك وصلتني، وأتعاطف معك فيها، ولكنني لم أستطع التعاطف مع أسبابها.
ستجد جاراً لك - في هذه الصفحة - في مشكلة تشبه مشكلتك، وأرجو أن تقرأ ردي عليه تحت عنوان: لا أحب زوجتي... سراب الأمنيات، ولأنك كنت أكثر وضوحاً فأكون معك أكثراً تحديداً: جوهر المشكلة ليس في عدم الوفاق مع زوجتك، أو عدم الراحة معها، أو قضاء وقتكم في المشاكل، أو … إلخ؛
فهذه كلها عوارض موجودة في كل علاقة فما بالك بالزواج الذي هو أكثر العلاقات تعقيداً وتركيباً!!
الذي سلط الضوء على هذه المشاكل - التي أعتقد من كلامك أنها طبيعية- هو ظهور أو وجود الثانية التي "تعلم بشكل شبه مؤكد أن سعادتك معها".
هذه الثانية تكون بمثابة "العدسة المكبرة" التي تضخم ما هو موجود، وربما طبيعي، من عيوب ومشكلات، كما تكون بمثابة الغشاوة التي تحجب الإيجابيات والمميزات، ونكون عندها بصدد حالة من الخلل في الإدراك والرؤية نغفل فيها أو نتغافل عن حقائق ثابتة، ونتخيل وجود أوهام محتملة.
تعال نخلع هذه "النظارة" الخادعة، ونحاول رؤية الوضع على حقيقته:
1-ـلن أكرر أن زوجتك ليست مسؤولة عن اختيارك لها، وقبولك للزواج منها لأن ذلك كان "المعروض عليك" وقتها.
2-المشاكل في العلاقة الزوجية مصادرها معروفة، ولم توضح طبيعة ما تعيشونه من مشكلات، وبالتالي من السبب أو من يتحمل العبء الأكبر في صناعة المشكلة، ومن ثم حلها؟!
3-من طبيعة "القوامة" التي أعطاها الدين للرجل أن يكون أوسع صدراً، وأكبر عقلاً، وأنضج ممارسة، ويلام الرجل إذا لم يكن كذلك، ولا تلام المرأة لأن القوامة ليست لها.
4ـ-نلوم المرأة على التقصير في شئون بيتها الأساسية من رعاية الزوج، وتربية أطفال، ومع لومها نبحث ونتساءل هل تتلقى المساعدة الكافية، والممكنة من أطراف عائلتها، والزوج يدخل في الأطراف المتوقع منهم العون لا الاكتفاء باللوم على التقصير.
5- الزواج بنفسية "قبول المعروض" يحدث في ظل الصفقة التي فصلتها لجارك فأرجو مراجعتها، والمشكلة في استمرار هذه النفسية، وعدم محاولة "استكشاف" هذا "الذي كان معروضاً" واكتشاف تضاريسه بما فيها من قمم ومنحدرات.
6- بمنهج آخر، وفي خطوة شديدة التناقض مع أسلوبنا مع من أصبحت "زوجة" ،نتعامل مع "الأخرى"ونتطلع إليها؛ ناظرين إلى مزاياها الظاهرة حين نراها محتشدة شكلاً ونفسياً وذهناً في لقاء أو مكالمة أو غيره فيكون التناقض ظاهراً، والظلم بيناً.
7ـ-هذه المقارنة المختلفة بين تلك المرهقة من رعاية طفلين، وإدارة شئون بيت، وعمل إذا كانت تعمل، وبين الأخرى اللامعة أبداً - فيما ترى - المنتعشة دائماً، المرحبة، المستريحة، المستعدة للسماع، وتبادل اللمسات الرومانسية، هذه ليست مقارنة منعقدة منطقاً من الأصل.
8ـ-كل النساء لهن عيوب، وكل الرجال كذلك. فهل فكرت في عيوب الأخرى؟! هل بحثت عنها أصلاً؟ أم أنك لا ترى إلا جوانب الكمال؟!
احذر جداً يا صديقي من امرأة تقبل أن ترتبط برجل متزوج، فإذا كانت تفعل ذلك لأنها تحبك أو معجبة بك، وأنت محتشد، ورومانسي، ورائع بلا مسؤوليات، ولا صراخ ومطالب أطفال؛ فهل ستظل المشاعر بنفس التدفق عندما ينغلق عليكما باب واحد، وتبدأ قائمة المهام، والمصاعب الحياتية تتراكم؟! أشك في ذلك.
9ـ-إذا كنت تحب الثانية برجولة وصدق فتزوجها، ولا تطلق زوجتك الأولى لأن هذا ليس عدلاً وما كل البيوت تبنى على الحب "وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم" وأخشى إن فعلت أن تكون قد أخطأت مرتين: حين خسرت الأولى، وستكتشف أن الثانية عادية - بعدما تمضي السكرة - وأن الفوارق أقل من أن يهدم من أجلها بيت أو يقام آخر.
10ـ-أقترح أن تتصارح وزوجتك حول ما ترى أنه عيوب فيها، وما ترى هي أنها تريده منك، وأن تحلا المشكلات التي تهدد بيتكما، وأن تهنأ بحبها لك، وصبرها على تغيرات من المؤكد أنها تلاحظها عليك، وبالتفاهم تستطيعان إصلاح مسار السفينة التي أنت ربانها فإن فشلت مع زوجتك المحبة أخشى أنك ستكون عن النجاح مع غيرها أعجز.