السلام عليكم ورحمة الله
أنا فتاة لم أبلغ العشرين، لي خمسة إخوة أكبر مني جميعهم متزوجون وليس لي إخوة، أعيش حاليا مع والدي ووالدتي وهم ما بين 56 -61 من العمر الفارق العمري كبير جدا.
إخوتي عاشوا ظروفا معيشية مادية صعبة جدا حتى استطاعوا الزواج والحمد لله زاد الله عليهم رزقه لكن أبي جاف جدا يعتبر البنت هي بمثابة الخادمة في البيت كل الأوامر عليها ودائما الولد هو على حق مهما غلط يظل الخطأ على البنت.. أبي لسانه كله غلط دائما يشتمنا ويدعو علينا في أي مكان كنا "ويحكي على الناس بشكل لا يتصور، لدرجة أن الناس أصبحوا مدمنين على كلامه". يرى نفسه الأفضل دائما والناس من دونه مهما كانت مكانتهم في المجتمع وأمي لا يهمها إلا العمل في البيت وإخوتي كل منهم مشغول بحياته وبعائلته.
الحمد لله لم يقصروا معي من ناحية مادية ومن ناحية التدريس. كل ما أريد أحصل عليه لكن أنا احتاج الحب والحنان. أنا عاطفية جدا جدا أفكر كثيرا أني أحكي لهم عما أحتاجه من الحنان ولا يفهموني. يحكوا لي هم خمس أولاد مثل الجيش لا أعرف ماذا أعمل؟
أتمنى أن أتزوج في كل لحظة وأفكر في هذا الموضوع كثيرا لأني بحاجة إلى من يمنحني الحب اللامحدود والاهتمام، ولكن أنا لا يأتيني خطاب إلا نادرا "وأنا أعتقد أنه من أبي. ما يعرفه الناس عني هجومي ودائما يحكي على الناس ماذا أفعل؟"
مع العلم أنني على قدر من الدين والخلق والجمال وإخوتي من المتدينين المتوسطين "لو سمحتوا" أنا أتعذب كل فترة أبكي كمن فقد شخصا عزيزا بسبب هذا الموضوع ولا أجد من أحكي له ويفهمني.. أفكر أن أحكي لإخوتي عن رغبتي في الزواج، ولكن أتراجع لأن حدود الكلام معهم لا تسمح بذلك.
ملاحظة: الضحك ممنوع في البيت!!!!
أرجوكم الرد على رسالتي وجزاكم الله الفردوس الأعلى من الجنة
22/4/2025
رد المستشار
قلت ابتسم يكفيك أنك لم تزل
حيا ولست من الأحبة معدما
قال الليالي جرعتني علقما
قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مترنما
طرح الكآبة جانبا وترنما
فاضحك فإن الشهب تضحك
والدجى تتلاطم ولذا نحب الأنجم
فهناك نفوس تصنع من كل شيء "شقاء" ونفوس أخرى تصنع من كل شيء "سعادة" وهناك عين لا تقع إلا على كل خطأ فما أتعسها من عين! وهناك عين ترى النور ترى الجمال فما أسعدها من عين!
فالحياة فنون ومن أجمل فنونها التغلب على صعابها فكل شيء صعب "جدا "على النفس "الضعيفة" ولا صعوبة عظيمة عند النفس القوية والتي تقوى بمغالبتها للصعاب!
فقد ينهار منزل فوق رؤوس أصحابه فتصطبغ الحياة بلون أسود كريه حيث يصعب تصورها بعد فقدان الأحباب والأشياء ولكن يبعث الأمل من جديد ابتسامة تتحسس طريقها حين نراها على شفتي أحد المنكوبين الناجين معنا لأن معناها أنه لازال يوجد من نأنس به وسط كل هذا الظلام!
ترى أي الطريقين ستختارين يا ابنتي؟ وأي عين ترجين أن تكون عينك؟
فانظري كيف ترى عينك الآن:
*والدك هو سبب عدم إقبال الخطاب لأنه يفعل ويفعل! أفلا ترين أن لك من الإخوة خمسا تزوجوا جميعا رغم أنهم عاشوا وانتموا لنفس الوالد!
*إخوتك يغرقون في حياتهم ولا مجال للحديث حول ما تحبين أو حول مشاعرك وتفتقدين الدفء بينهم أفلا ترين أنهم يحققون لك وضعا دراسيا ووضعا اجتماعيا يجنبك ما ذاقوه من صعوبة بالغة كما ذكرت!
*والداك قد كبرا في السن أحدهما جاف للغاية والآخر لاتهمه سوى شئون المنزل فما الذي تطلبينه منهما في مثل سنهما؟ أفلا ترين أنهما تحملا مشاق ستة من الأبناء في ظروف صعبة مثل ظروف وطنكم!
*الحب مشاعر يعبر عنها بالقول أفلا ترين أن إخوتك رجال والرجل يعبر عن حبه بالفعل أكثر بكثير من القول فتحملهم لمسؤوليتك وتقديم ما تتمنينه رغم غرقهم في شئون أسرهم معناه أنهم يصرخون فيك حبا ولكن كما يعرفون!
*كلهم رجال يتعاركون مع الحياة من أجل عيش أفضل فلا خادمة سواك أفلا ترين أن تقديمك للمساعدة داخل البيت هو أقل ما يمكن تقديمه لهؤلاء المحاربين ولتلك الأم العجوز التي أعطاها الله أخيرا فتاة لتحمل عنها بعض شئون البيت- قلت أو كثرت- خاصة أنك الأخيرة وقد جئت بعد أن قدمت هي الكثير والكثير والذي قد لا تعلمين عنه شيئا!.
ولا تتصوري أنني لم أشعر بما تعانين أبدا يا ابنتي... فأنا أشعر بكل سطر سطرته ولكنني فقط أردت أن أريك بعض ما لا ترين.. على أننا نستطيع معا أن نتدبر الآتي:
-قد لا أستطيع أن أدافع عن تصرفات والديك معك لكن أستطيع حتما أن أدافع عن حبهما لك! ولا تستبعدي ألا تكوني أنت السبب في تلك التصرفات التي لا تعجبك فقد تكوني مستفزة لهما دون أن تشعري أو تعبرين عن عدم رضاك عنهما بشكل أو بآخر دون أن تدركي فالإنسان أسير الإحسان.. فقط جربي واصبري فستجدين عجبا.
-الحياة واسعة رحبة تملؤها أبواب فمازال هناك أبواب لم تطرقيها بعد فأين أقرباؤك وأين جيرانك وأين أصدقاؤك وأين أحلامك وأين واجباتك؟؟
-رغم غرق إخوتك في شئونهم فإنهم لا ينسونك فابدئي أنت في طلب الدفء بين أحضانهم فهي مفتوحة لك فقط ابدئي ولا أقصد أن تبدئي بقولك أرغب في الزواج، ولكن ابدئي بمخالطتهم عن قرب شاركيهم أفراحهم بحق... شاركيهم أحزانهم بحق... لاطفي أبناءهم واعرفي همومهم... تقربي لزوجاتهم.... ورويدا رويدا سيكون هناك السمر والحديث عما ترغبين في كل أمورك وليس في الزواج فقط.
-حسب بيانات عمرك أراك صغيرة تبدئين طريق نضوجك والنضج له ثمن فقد يكون الثمن مقاومة ما تحبين وتحمل ما تكرهين وبيديك تستطيعين أن تحولي الأزمة إلى فرصة فبدلا من أزمة التواصل بينك وبين إخوتك تكون فرصة للتعرف على الحياة الزوجية ومتطلباتها ولتتعلمي وتفهمي من خمس بيوت قائمة مالها وما عليها لتكتسبي خبرة لا بأس بها حين يقترب وقتك أنت لإقامة بيت جديد وبدلا من أزمة التعامل مع الوالد تتحول لفرصة لتعلم الصبر الذي ستحتاجين إليه ويحتاج إليه كل البشر على مدار العمر ولتتعلمي ألا تفعلي بعض التصرفات حين ينعم الله عليك بأطفال.
-الزواج تسبقه خطوات مشروعة يتحقق معها المودة والدفء ولن أسأم قول إن ألف باء الحب الحقيقي هو التمسك بالحبيب فالحبيب الذي سيتركك من أجل ما ترينه في والدك لن يكون حبيبا.
-الزواج ليس مكانا للهروب من واقع نحياه أو نزهة وإنما هو رسالة تحمل في طياتها من المتع الكثير وكذلك من المسؤوليات الكثير والكثير فاحذري أن تتغلب رغبتك في الزواج أو رغبتك في الدفء الذي تنشدين عن حقيقة تلك الرسالة وإن كنت من رواد الموقع فستعلمين كم بذل مستشارو الصفحة من جهد ضخم لزيادة الوعي بكيفية اختيار شريك الحياة وتوضيح معنى الزواج وكم قاست الصفحة من جراح أصحاب المشكلات الذين بنوا بيوتا مملوءة بالأثاث والأطفال لكنها خربة باردة كالصقيع!
ابنتي، بل... حبيبتي قد تستشعرين مني بعض القسوة أو التحامل، ولكنه غير صحيح وإن غلبك غضب علي فلي بعض من عذر تحمله ساقان إحداهما اسمها "قليل خبرة" والأخرى اسمها "أنا هنا من أجلك أنت".