ترددت كثير قبل أن أبعث إليكم برسالتي؛ لظني أن لا أحد أدرى بظروفي مني، ولكني تشجعت لعل الله يجعل الحل بين أيديكم حيث إنني تعجبني كثيرا استشاراتكم وردودكم على الحيارى مثلي.
أنا شاب عمري 25 عاما أعمل مهندسا في إحدى دول الخليج. نزلت أجازة منذ مدة لكي أبحث عن زوجة والحمد لله أكرمني الله بفتاة أحسبها على خير، وبفضل الله تمت خطبتي عليها وأشعر أنا وهي بتوافق وحب شديد بيننا.
وقبل الخطبة اتفقت على عدة أمور مع والدها منها المهر وخلافه وبفضل الله لم تكن عندي مشكلة في أي شيء. وأعلمتهم أن شقتى صغيرة لظروف الأسرة ولم يمانعوا ولما رآها والديها قبل سفرى بساعات عند سلامهم علي، قالوا إنها أصغر من اللازم، وأنا كنت قد انتهيت من تشطيبها، فطلبوا مني أن أجهز شقة أخرى أكبر منها لأنها صغيرة بحجة أنهم يريدون شقة كمثل شقق قريباتها وزميلاتها.
وأحسست من كلامي معها أنها مؤيدة لرأي والديها فوافقت على مضض؛ لكي لا أشعرها أني أبخل عليها بشيء.. مع العلم أننا لن نجلس فيها أكثر من شهر في العام الواحد وأنا أخبرتها بذلك لحين الاستقرار النهائي، وبعدها ٍسأتخذ بيتا أوسع لنا بإذن الله تعالى. إلا أنني عند رجوعي للعمل مرة أخرى وجدت مشاكل في العمل ولم أعد مستقرا كقبل الخطوبة، وشرحت لها ظروف العمل وهي متفهمة الوضع.
ولكنىي عليّ أعباء مالية كثيرة كالشبكة والعفش وتجهيز الشقة وخلافه، غير أني أعين أسرتي بعد وفاة والدي وأخشى أني لا أستطيع أن أجهز كل هذا في هذه الفترة -مع العلم أني كنت أريد الزواج بأسرع وقت-، وبفضل الله كان هذا متاحا لي، وكان شرطي قبل أي خطوبة أني لن أتزوج خارج البيت وفي نفس الشقة. والشقة على العلم منفصلة تماما عن البيت. ولكنني قلت أني سأنتظرها حتى تنتهي من الدراسة بعد سنة ونصف. فماذا أفعل؟
أفيدوني أكرمكم الله لأني في حيرة كبيرة جدا وجزاكم ربنا خيرا. ومعذرة على الإطالة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
6/4/2025
رد المستشار
ولدي.. إذا جلست مع نفسك جلسة هادئة.. فستكتشف أنه ليست هناك مشكلة عويصة في الطريق.. بل مجرد مواقف اختلافية مطلوب بل ضروري توضيحها وجلاؤها وشرحها.
فأنت مرتبط بفتاة على خلق ودين وفوق ذلك وأهم منه أنه قد حدث بينكما توافق وانسجام وهذا هو غاية المراد من رب العباد.
أسلوبك في التعبير عن رفض والدها لشقتك قبل سفرك ببضع ساعات وكلامك أنها أيضا كانت موافقة أو مؤيدة لرأي أبيها أوحى أنهما قد خذلاك.. أو تراجعا في اتفاق عقداه معك.. ولكني حين نظرت للمسألة ووضعت نفسي مكانهما وجدت أنهما وافقا على شقة صغيرة نعم ولم يعترضا.. ربما لم يتصورا أنها بهذا الصغر.. ربما حين قمت بتشطيبها.. لم تقم بذلك على الوجه الذي يبرز جمال المكان وبأنه يليق بعروس ستدخل فيها.. فكلمة صغيرة كلمة مطاطة وتحتمل ألف شكل.. حتى لو كنت أخبرتهما أن مساحتها مثلا 70 مترا.. فهذه الأمتار ممكن أن نخلق منها شقة لطيفة توحي بالاتساع أو خلق حجيرات ترتبط بممرات خانقة.
فالرجل وابنته ربما لم يتخيلا شكلها حين وافقا عليها وبالتالي كان يجب أن تصطحبهما إليها قبل أن تنفق عليها في التشطيب وتتكلف ما قد لا تطيقه..
علاوة على أن تشطيب شقة الزوجية لا يعتمد على ذوق شخص واحد حتى لو كانت شقة مؤقتة.. بل يرتبط بذوق الزوجين وإن كان يقف دائما عند إمكانيات الزوج.. إذن استعجالك هو ما بدأ بجر أول اختلاف في المواقف.
إنما عموما ما حدث قد حدث.. والآن أنت لديك مشاكل في عملك ولكنك لم توضح هل معنى هذه المشكلة أنهم قد ينهون عقدك في الدولة التي تعمل بها، أم أنها مجرد مشاكل في الراتب، أم عدم استقرار وقابل لتغيير الشركة أو المؤسسة؟؟
بوجه عام يا ولدي.. الحل بينك وبين أبيها أولا، ثم بينك وبينها ثانيا، أو بين ثلاثتكم مجتمعين. وهو بكل بساطة أن تتحدث إلى والدها وتشرح له
ظروف عملك وظروف إمكانياتك المالية وخططك المستقبلية لتحسين شكل المعيشة بالنسبة لابنته.
وبما أنك قبلت أن تنتظرها إلى أن تنتهي من دراستها فهذا سيمنحك وقتا كافيا لتضبط أحوالك وتثبت للبنت وأبيها أن قرارك بعدم تغيير الشقة في الوقت الحالي ليس بخلا وإنما مجرد تنظيم لحياتك وترشيد للإنفاق.
كأن تقوم بحجز شقة أخرى لن تتسلمها مثلا قبل عدة سنوات ولكنها ستكون دليلا على مصداقيتك.
أما بالنسبة للإنفاق على أهلك فهذا واجب وبر يجزيك الله عنه كل خير، ولست أدرى إذا كنت شرحت هذا لعروسك وأهلها أم لا؟
إن الخطوبة جعلت لهذا يا ولدي.. البحث عن الانسجام وعرض كل الأمور الحياتية القادمة بوضوح وبكل شروطها، فاقتطاعك جزءا معروفا من دخلك من أجل أسرتك يجب أن يكون واضحا ومعلوما، ومضاف إليه أيضا إلى متى سيظل هذا الجزء دينا في عنقك، هل تنتظر تخرج أحد إخوتك مثلا؟؟ أم أن هذا قدرك إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
إن ضيق الإمكانيات يقف في أغلب الوقت عائقا أمام فكرة الإسراع بالزواج.. فلا تتعجل قبل أن تكون كل الأمور واضحة والموافقة بالتراضي بين جميع الأطراف.. هذا بالقطع أفضل من حدوث نفس المشاكل والاعتراضات بعد العقد أو الدخول.. وفي النهاية كل شيء نصيب. وتابعنا بأخبارك