أشكر جهودكم الطيبة في مساعدتنا لحل مشاكلنا، أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاما، الحمد لله ناجحة في دراستي وأحبها، أنا الصغرى في المنزل، أسكن مع والدي ووالدتي..
- مشكلتي الأولى تتلخص في أني لا أحب نفسي، ولا أرى فيها شيئا إيجابيا، ولا أرى نفسي جميلة برغم أن كل من يعرفني أو يتعرف علي يعبر لي أو لغيري عن إعجابه بجمالي، لكن لا أستطيع أن أرى نفسي جميلة لا أعلملماذا، عندما أعبر عن رأيي بنفسي أمام والدتي تصرخ في وجهي وتقول لي بأني لا أستحق نعمة الله سبحانه علي وبأني سأبتلى بشيء وأسلب النعمة. حقا أحب أن أرى نفسي جميلة وأنظر لنفسي بإيجابية ولكن لا أستطيع.
- دائما أشعر بأن الآخرين لا يتقبلوني ولايحبوني فأحاول تجنبهم، وأكتشف أنهم على العكس أحبوني.
- تأخر والداي أو حتى إلى الآن حتى فهمواأني كبرت، وأبي دائما "يتحارج مع أمي على أني أصغر سنا"، ويتعامل معي وكأني طفلة، حتى أمي تعاملني هذا التعامل، وبالنسبة لي لا أتقبل فكرة خروجي من مرحلة الطفولة ودائما أقتني أشياء للأطفال، وحساسة جدا إلى درجة أن نظرة من أحدهم قد تقلب يومي رأسًا على عقب، لا آخذ حقي وفقط أكتفي بالبكاء وحيدة أن ظلمت من أحد.
- مشكلتي الثانية أن لدي صديقات مقربات (من المدرسة) أثق بهن وأحبهن، ولكني انطوائية وأحب دائما أن أجلس وحدي، ولا أحب أنأتكلم أو أكون صداقات جديدة أو أتعرف على أناس جدد، وهذا ما يهدد علاقتي حتى بصديقاتي؛ لأني لا ألبي رغبتهن في الذهاب إليهن أو الخروج معهن، ليس غرورا، ولكن أشعر أن هذا الأمر ليس بيدي، أحيانا أجهز نفسي للخروج ولكن أعود وأغير رأيي في آخر لحظة.
- لا أرى طعما للعيش، ولا أجد شيئا يجعلنيأتعلق بالحياة وأحبها.
- سافرت إلى بلد (إسلامي) مع أهلي تعرضت فيه لتحرشات جنسية، ومن الذين يملكون هيئة الإيمان والتدين، جعلتني (لم أكن كذلك من قبل) أنظر للرجل نظرة سلبية جدا، وأهرب من أي شاب يحاول أن يقترب مني أو يكلمني في الجامعة دون أن أقول له أي كلمة حتى في البداية كنت أتجنب والدي كثيرا، وأحاول ألا أجتمع معه، ولكن الآن أصبحت عادية إلى حد ما معه؛ لأنه هو لم يتركني وحاول دائما أن يشعرني بحنانه واهتمامه.
ولكن الحال لم يتحسن من سنة إلى الآن مع الباقين حتى مع "أصهرتي" برغم أني أعرف أنهم ليسوا سيئين وأنا بعمر أولادهم، ولكن لا أعلم أصبحت أتوتر كثيرا عندما أكون قريبة من رجل غير والدي، وأصبحت أظن بكل الرجال ظن السوء وأرد عليهم بطريقة عدوانية تلقائيا. وهذا الأمر يزعجني جدا.
- لا أفكر بالارتباط وأرفض من يتقدم لي؛ لأني أشعر بأن شخصيتي ليست مؤهلة لذلك وخاصة بسبب مشكلتي الأولى والأخيرة.
ملاحظة: كانت ولادتي صعبة جدا، وتسببت بأمراض لأمي.
- ربما مشاكلي بحاجة لمعالج نفسي، ولكن لا أستطيع أن أكلم والدتي بمشاكلي؛ لأنها لن تأخذني على محمل الجد وبالتالي لاأستطيع أن أذهب لمعالج نفسي.
أطلب منكم أن تساعدوني على تغيير طريقة تفكيري، أحب أن أفكر بإيجابية، وأن أنظر لنفسي وللآخرين بحب وإيجابية..
15/1/2025
رد المستشار
سعدت لأنك أخيرًا قررت أن تحطمي سلاسل الصمت التي قيدت بها نفسك لسنوات فاتت؛ ولكن لن تكتمل سعادتي إلا إذا أكملت الطريق فهل أنت جادة؟ هل أنت مستعدة لبذل الجهد؟ أم ستكتفين بأنك أرسلت لنا؟
على أي حال، أتمنى أن تكوني عند حسن ظني لتبدئي صفحة جديدة في حياتك تخطينها أنت بجهدك وإرادتك فمن سطورك يتأكد لي أنك تحملين سمات شخصية تعرف "بالشخصية التجنبية".
وهذه الشخصية تتميز بأنها تكون ضعيفة الثقة بنفسها، ولا ترى لديها صفات تُميّزها أو تصرفات تنال إعجاب الآخرين، وتتأذى بسهولة عند انتقاد الآخرين لها –ممكن كلمة واحدة تقلب الدنيا رأسا على عقب- أو عدم استحسان تصرفاتها، وغالبا ليس لديها أصدقاء مؤتمنون أو مقربون (ربما صديقة واحدة) من غير أقارب الدرجة الأولى..
فهي تبدي تحفظاً ضمن العلاقات الودية بسبب الخوف من أن تكون موضع استهزاء وخجل، ولا ترغب بإقامة علاقات مع الآخرين ما لم تكن متأكدة من أنها ستكون محبوبة، وقد ترفض العمل الذي يتطلب احتكاكاً مهمًّا مع الآخرين، وتتميز بأنها كتومة لخوفها من التفوه بأشياء غير ملائمة أو تتسم بالحماقة أو لخوفها من العجز عن الإجابة عن أي سؤال يوجه إليها، فتخاف من الارتباك في مواجهة الآخرين فتتظاهر بالبكاء والخجل وظهور علامات القلق..
وهذه الشخصية تنظر إلى ذاتها على أنها غير كفء، ولا تسترعي الانتباه أو ناقصة في أعين الآخرين، وكلما مرت الأيام دون علاج، زاد ضعف الثقة بالنفس، وزاد تجنب التواصل بينها وبين الناس ونظرًا لأنها حساسة جدا لأي انتقاد يوجه لها فهي تتفادى هذا التقييم فتصور لنفسها أنها تحب "العزلة" أو أنها ليس لها أصدقاء!!
والحقيقة أنها تحمل سمات قد تصل لدرجة الاضطراب الذي يحتاج لجهد من الشخص وعزمٍ للتغيير، وإن لم يستطع الشخص القيام بتلك المهمة –غالبا- فلا ضير من التواصل مع طبيب نفساني ماهر ليبدأ في وضع برنامج للعلاج بشكل متكامل؛ حيث يشمل العلاج ثلاث مساحات:
الأولى: مساحة العلاج النفسي، حيث يتم مناقشة المريض في أفكاره ودراسة طريقة تربيته أو المواقف التي أدت لوجود تلك السمات أو الاضطراب -إن كان قد وصل لدرجة الاضطراب- ليتفهم معه كيف نشأت تلك السمات، ويتعرف عليها ويفهمها ويفهم ما يحدث بداخله فيبدأ في تغييرها.
والمساحة الثاني: هي العلاج السلوكي، حيث يتم وضع خطة سلوكية للعلاج فيها يتم التدريب التعبيري والتدريب على المهارات الاجتماعية والتواصل بجلسات فردية أو بجلسات علاج جمعي بهدف تقليل الحساسية الزائدة لدى المريض وتدربه على مواجهة ما يهرب منه.
أما المساحة الثالثة: فهي دوائية، حيث يتم إعطاء أدوية مضادة للقلق أو الاكتئاب المصاحب للشخصية وهو ما لاحظت وجوده لديك حين قلت إنك لا تشعرين بطعم للحياة وإنه لا شيء يجعلك تحبينها برغم تفوقك وحبك لدراستك وقربك من والدك وسنك الصغير الذي يحمل كل الطاقات التي تجعل الحياة جميلة في نظرك، وما تعرضت له من تحرشات لا يخصك وحدك.
فللأسف التحرش صار مألوفا لأسماعنا اليوم بشكل أكبر، ولكن ساهم في حدوث ذلك معك - بشكل كبير- هو ما قد تبدين عليه من خجل وانزواء والذي قد يوحي بالخجل أو الضعف، حيث إن المتحرش كلما وجد الفتاة توحي بهذا تجرأ عليها.
إذن أريدك أن تنفضي عنك الانطوائية والوحدة لتبدئي خطواتك نحو الثقة بالنفس بالتدرج والتدريب على التواصل مع مَنْ حولك لتبدئي حياتك التي تنتظرك فلا يعوقك خوف أو اكتئاب وأقترح عليك أن تناقشي والدك في أمر التواصل الطبي، وتوضحي له أهم مشكلاتك –التجنب الاجتماعي وضعف الثقة بالنفس– حتى تتمكني من التحسن بشكل أفضل وأسرع.
وحتى يحدث ذلك يمكنك القيام بالآتي:
* عمل جدول صغير فيه مهام صغيرة في البداية تخص زيادة الجرأة والتواصل كأن تبدئي بالذهاب مع والدتك مثلا لأقربائك، ولا يستلزم أن تتحدثي، ولكن فقط جربي أن تردي عليهم وأن تقولي رأيك في أمر من الأمور، وأعلم جيدًا أن ذلك صعب، ولكنك بقوة إرادتك ستستطيعين، وكلما نجحت كافأتِ نفسك، وسيساعدك النجاح الأولي على الرغبة في تحقيق المزيد من التقدم.
* يمكنك المشاركة في عمل تطوعي أو أي نشاط تحبينه لتحققي فيه نتائج تزيد من ثقتك بنفسك (بالتدرج) كأن تأخذي فيه مهمة واحدة بسيطة في البداية.
*الاستزادة من الاضطلاع والقراءة حول الموضوعات العامة أو قضايا الساعة فكلما عرفنا وتعلمنا زادت ثقتنا في أنفسنا.
* ممارسة أي رياضة حتى وإن كانت المشي فقط، فالمواظبة على الرياضة تساعد على التناغم العصبي النفسي وتعمل على إخراج الطاقات النفسية السلبية بانتظام.
* لا مانع من أن تبوحي لصديقة مقربة لك بمشكلتك لتمد لك يد العون وتساعدك على الخروج للحياة معها لتدعمك.
* لا تيأسي من نفسك أبدًا مهما فشلت فمن الفشل تتولد إرادة النجاح وبالتدرج والتدرب نحقق الأهداف.
* الاستعانة بالله عز وجل والتوجه إليه بالدعاء، إنه يقوي من عزمك وإرادتك.
وأخيرا.. أقول لك إن غدا ينتظر منك أدوارا كثيرة فستكونين في مهنة وستكونين زوجة وستكونين أُمًّا بإذنه تعالى فلتبدئي من اليوم رحلة التغيير؛ لتكوني إنسانة قادرة على القيام بأدوارها إن شاء الله.. هيا لا تتأخري..
واقرئي أيضًا:
انطوائية وخجولة
خجولة وأعرف سبب خجلي!
خجولة فوق العادي وأتمنى أكون جريئة!
خجولة وخائفة فهل أنا مريضة؟
خجولة وحائرة: نظرات زملاء العمل!