السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد السلام والتحية الطيبة.. أتمنى أن يتسع صدركم لي وأنتم تقرءون كلامي.. أنا بنت مسلمة آنسة عندي 40 سنة لم أتزوج بعد. أتمتع بقدر من الجمال وأبان أصغر من سني كتير عمر ما حد إداني سني خالص يا دوب 29 أو 30 سنة بالكتير.
بيتقدم لي الكثير من العرسان لكن كل عريس منهم مشكلته كبيرة وعويصة. أنا بعول أسرتي وخاصة أمي ست كبيرة والدي متوفى مفيش راجل يعرف الموضوع ده إلا ويهرب. ليه لأنه عايزني أعاونه على الحياة وأنه وأبناؤنا أولى بالمرتب من أهلك وأمك. واحد تاني ممتاز إنما عايزني أقعد في البيت وتعيشي أنت وأمك على إمكانياتي. كيف؟ أمي تحتاج لعلاج وعمليات جراحية تساوي الكثير. هل لو هو مثلا احتاج مبلغ لعمل مشروع أو يدخل ابنه المدرسة حيعطيني المبلغ عشان أعمل لأمي عملية.
واحد تالت عايزني أروح معاه الخليج نقعد خمس عشر سنين ومالهوش دعوة بأمي. أي حد يتولاها.
برفض دايما لسه أخيرا تقدم لي مطلق وعنده ابنته عايشة مع أمها. وهو في الخليج ظروف عمله 3 شهور بره مصر وشهر في مصر إجازة. كلهم بيقولوا لي ده عريس لقطة وكويس ماديا وكشكل كويس وبيصلي بس محدش فاهمني محدش فاهمني..
أنا بعاني من الوحدة بشكل فظيع حتى وأنا مع أمي. أريد من يفهمني ويحن علي. أشعر بمشاركته معايا. أشعر بوجوده. أنا طول عمري من صغري مسؤولة عن إخواتي لأن والدي مسافر بره مصر بيعمل هو كمان. لم أشعر بحنانه ولا عطفه كان كل همه يجمع فلوس عشان المستوى الاجتماعي لما رجع ضاعت الفلوس في المشاريع لم يتمتع ولا احنا عوضنا عن حنانه بأي شيء أنا ضد إن الحنان يتعوض بالفلوس أبدا...
هذا العريس يريد أن يضمن لبنته المستوى الاجتماعي والدراسة في مدارس لغات على الرغم أنه له وظيفة في بلده كويسة إنما بيقولي الغلاء وارتفاع الأسعار.. هل الارتفاع في الأسعار يتوقف؟.. لا طبعا كل المسافرين بره يقولك أقعد سنتين وبعدين أنزل بيطول لغاية لما يوصولوا عشرين سنة ويفقدوا التواصل مع أبنائهم ولا يتمتعوا بالفلوس بالعكس ممكن تضيع في مشروع أو حتى يتحول إلى مجمع للفلوس ويتملكه وسواس أنه لو صرف الفلوس حتخلص ويضيع شقى العمر لا يصرف ولا يتمتع.
العريس بيقوللي "إنت مزوداها قوي وإنت شكلك مش عايزة تتجوزي" أنا حلم عمري إني أتجوز وألحق أجيب لي طفل لو قدر لي الله أن يرزقي بطفل. لكن هل الجواز 3 شهور في السنة يعتبر زواج. وباقي السنة قاعد بره لوحده وأنا هنا في بلدي لوحدي.
هو مش عايزني آجي معاه عشان يلحق يحوش وأنا مش حاسيب والدتي ولا والدتي تقدر تسافر بحالتها الصحية دي هل يسمى هذا زواج؟؟ هل هذه المشاركة؟؟
البعد بيعلم الجفاء.. لما سألته لو أنا كنت مسافرة وأنت اللي قاعد في بلدك. كان ردك حيكون إيه؟ قاللي إن له هدف لازم يحققه. وإنه ملتزم مع الناس بعقد. ولا يستطيع يغير ظروفه بعدين بعد فترة من الحديث. قاللي وإنه حتى لو رضي وأخد بكلامي ووافق إنه ينزل يترك العمل في الخليج ويستقر في بلدنا. فإنه بذلك لن يكون له رأي ولا حكم علي في حياتنا العمر كله.
أنا بكلمه عن السعادة والمشاركة وأننا نعيش سوا. وهو كل همه إنه يتحكم ويكون له الرأي. معرفش هل تجربته السابقة لا زالت مسيطرة عليه. هل هو من التربية والصغر وما تربى عليه في بيت أهله. لا أعرف!! هو كمان عشان بره البلد مش عارفين نتكلم كويس يادوب على الماسنجر 5 دقائق كل كام يوم. مش عارفة أعمل إيه؟؟
أنا عارفة أن فرصي قليلة في الزواج وكذلك الإنجاب. ولكني أريد حياة سعيدة. هل مش من حقي أن أفرح هل مش من حقي أرتاح بعد التعب والعناء اللي شايفاه في حياتي. هل الناس مستكترة علي أفرح وأحس بالفرح والسعادة مع زوجي. هل أفضل طول عمري أساعد الناس في تحقيق أحلامهم وأنا أفضل كده!!!
فضلت مع أمي وساعدت إخواتي في تعليمهم واتجوزوا ودلوقتي استقروا مفيش حد عايز يشيل مسؤولية ماما كلهم عندهم أولادهم وحياتهم وأزواجهم وزوجاتهم ومفيش حد عايز يشيل بس بيجوا ضيوف ياخد واجب الضيافة ويروحوا بيوتهم آخر اليوم.
أبويا سافر، قبل ما يسافر وصاني وأنت تخلي بالك من ماما وإخواتك، ليه؟ عشان يحقق هو هدفه إخواتي أصبر على تعليمهم وأزوجهم وكل واحد حقق أهدافه وأحلامه في الحياة تخيلي يا دكتورة مثلا كلهم راحوا صيفوا وأخدوا إجازات. لما جات لي الفرصة أطلع مصيف يومين مع صديقات لي. زعلت ماما إزاي أفكر إني أسيبها طيب ما فيه إخواتي. لا على الرغم أن إخواتي كلهم طلعوا يصيفوا مزعلتش من حد فيهم. في عز ما كانت مريضة هل مش من حقي إني أخرج وأتفسح زي البنات. لا أومال مين يقعد مع ماما. هل لازم أعمل مشاكل معهم ومع أمي عشان يفهموا أن لي احتياجات وإني بنت؟؟
كلهم عايشين حياتهم إلا أنا. كلهم بيخروجوا يتفسحوا يشوفوا كل الأماكن إلا أنا. لما أخرج مع صديقة لي نتغدى ولو اتاخرت شوية. أبقى إيه مش بارة بأمي سايباها لوحدها. أحد الأقارب لو جاء ووجدني لا زالت في الشغل يقول لأمي ما تاخد إجازة وترعاكي أنا مش بلاقيها أبدا في البيت.
القريب هذا من ناحية أمي ولأنه على المعاش بيجي الصبح أو الظهر ولا على باله إني موظفة. لو أخدت إجازة مين يصرف. بابا مسبش حاجة خالص نصرف منها. إنما ماما مش عايزة تقول لهم إنه خسر كل شيء تقول لهم سايب طبعا سايب الستر.. هل كل ما حد يتكلم لازم أوضح وأشرح الظروف. صدقيني مرة قولت لخالي ماما زعلت مني وقالت لي إنت بتذلينا عشان بتصرفي كام جنيه علينا.
طول ما أنت قاعدة في البيت ده متجوزتيش إنت ملزمة بكل شيء وفي نفس الوقت مش من حقك تخرجي إلا بإذني أنا وترجعي في الوقت اللي أحدده أنا. وإلا أنت حتذلينا يعني هل أنا غلط؟ إيه الحل؟ أعمل إيه؟ محتاجة رأيكم..
لك مني أجمل الأمنيات بالسعادة وراحة البال.
بنت مسلمة
6/1/2025
رد المستشار
صديقتي الحبيبة:
لا أعرف لماذا أريد أن أتجاوز كل الحدود وكل المسافات وأصل لك وأضمك إلى صدري.. أتمنى أن أناديك بـ "ابنتي" رغم فارق السن البسيط، ولكنني أشعر بحاجتك إليها ورغبتك القوية في أن أسمعها لك.. لن أراعي "البروتوكول" المتفق عليه عند إجابة الاستشارات، ولن أبدأ بمقدمة أو غيرها، سأكلمك بما يسري على قلبي، سأحدثك بطبيعة إنسانة تسأل معك أين ذهبت المشاعر الطيبة والمعاني النبيلة في هذا الزمن؟! أين معنى الأبوة والحضن الآمن الذي يحمي من الضياع؟! أين معنى الأخوة التي تحمل هم الأخت التي ربت ووقفت وصمدت؟! أين معاني الأصدقاء والأقارب الذين يشعرون بألم غيرهم ويقدرون ما يفعلون ويواسون على الأقل بالكلام؟! أين ذهب كل هؤلاء؟! هل هي حقا متغيرات الحياة من حولنا والتي جعلت النفوس تبحث عما تريده هي فقط لا عما يشعر به ويريده الآخرون؟!. أين من يشعر بتلك الفتاة التي قضت زهرة شبابها في رعاية أسرتها متناسية رغباتها وحقها في أن تعيش مثل كثيرات في عمرها وقد تغاضى عن ذلك الإحساس أقرب الناس إليها.. الأهل الذين كانت تحنو عليهم يدها.
وإن كنت لا أظن أنهم تغاضوا عنه دون قصد، بل عن عمد؛ حتى لا يطالبهم أحد بتحمل الواجب الذي جاء الوقت ليشاركوا في حمله على الأقل ولا أقول ليريحوا كاهل من حملته عنهم طويلا، ولكن لماذا أحمل المسؤولية وأزعج بيتي المستقر وأغير نظام حياتي ما دام هناك من يحملها عني؟! ثم من العقل أن أشعر من تحمل هذه المسؤولية طوال الوقت بدوره وأهمية أن يؤديه بإخلاص وإتقان، بل لا مانع من لومه إن لمح بطلب المساعدة أو حتى طلب إجازة للاستجمام ولملمة النفس، فكيف سيهنأ باله وهو بعيد عن مسؤوليته؟ أما هذا المتخلي عن الواجب والمسؤولية فهو هناك بعيد يستمتع بحياته الهادئة، بعيد عن أي إزعاج.
آه يا حبيبتي من هذا الزمن العجيب!! ومن الذي وزع المسؤولية وقال إن من حقك أنت فقط البر والإحسان أما بقية الإخوة والعائلة فمعهم شهادة إعفاء من البر والإحسان؟! من هذا الذي أعطاهم تلك الشهادة وما هي المواصفات التي جعلتهم أهلا لها لتتحمل أخت وحيدة كل هذا وليتها تنال الرضا أو يشعر بما تبذله أحد!!.
أختي وصديقتي وحبيبتي وكل لقب في اللغة تحبين أن تسمعيه في زمن يضن فيه البشر بالكلمة الطيبة.. حان الوقت لتقولي لا.. لا لتخلي الإخوة واستمرائهم لتعبك وعمرك الذي ينسحب من تحت قدمك.. إن الشرنقة التي نسجها حولك إخوتك وأوهموك أنك لا بد أن تظلي بداخلها لتنالي رضا أمك على وشك أن تخنقك ولا بد من أن تسارعي بتمزيقها قبل أن يتحول البر إلى كره وضعف واستكانة.
اختاري من الذين تقدموا لك من يناسبك، وإن كنت لا أرى منهم من يستحقك، ولكن لا مانع من أن تنتظري قليلا ربما يأتي من يشاركك عمرك الجميل ويكون بحق جديرا بإسعاد قلبك الذي هو في أمس الحاجة لمن يملؤه حبا ومودة بالعشرة الطيبة وليس بالمكالمات والمراسلات.
وأنا لا أحبذ مطلقا فكرة وجود الزوجة في مكان والزوج في مكان آخر مهما كانت الظروف؛ فالأولى أن نضغط تلك الظروف لنحافظ على شمل الأسرة، لا أن نضرب بالأسرة عرض الحائط أملا في حفنة أموال ربما تفسد أكثر مما تصلح، فلن يتربى الأطفال أبدا ويكتسبوا خبراتهم في الحياة إلا في حضن زوج وزوجة يتكلمان ويتفاعلان، يتشاجران ويتصافيان، يراقبان أطفالهما وهم يكبرون وينتقلون من مرحلة إلى مرحلة أمام أعينهما، يودعون طفولتهم ولهوها ليستقبلوا مراهقتهم ومشاكلها ثم شبابهم وأحلامهم وهكذا.. هذه هي الحياة الطبيعية لأي زوجين ارتضيا أن يرتبطا بذلك الميثاق الغليظ.
اطلبي من إخوتك أن يتفقوا على طريقة ليشاركوا معك في بر أمهم وإزاحة الهم عنك قليلا، إما بأن يأخذها أحدهم عنده، أو يتناوبوا في زيارتها ورعايتها، أو توفير من يقوم بطلباتها وهم غائبون، هناك ألف طريقة ستجعلهم يفكرون معك في الوصول لحل مثالي.
أعلني لهم فقط أنك لن تكوني الشمعة المحترقة؛ فديننا لا يعرف شموعا تحترق ويذهب وميضها ودموعها هباء، نحن نضيء الطريق للناس ولكن ليس على حساب أنفسنا؛ فأنفسنا دائما منيرة زاهية صافية ومستمرة.
سيكون القرار صعبا وستكون المفاجأة لإخوتك صادمة، ولكن لا يهم، إن العاصفة التي تأتي بترابها وهياجها ربما تزكم أنوفنا وتدمع أعيننا، ولكن بعد أن تهدأ نستمتع باستقرار الجو ووضوح الرؤية، لا تخافي ولا تلومي نفسك وتشعري بذنب تجاه أمك، بل على إخوتك أن يشعروا هم بالخزي لتخليهم عنك فأنت قمت بواجبك وأكثر.
قلبي ودعواتي معك أن يرزقك الله قلبا حنونا طيبا يعوضك عما بذلت، واحتسبي كل ما مضى من عمرك عند الله، وابدئي فورا في مواجهة إخوتك بحزم ومطالبتهم بواجبهم وتحمل مسؤولية أمهم ماديا وأدبيا، وأرجو أن يصلني منك رد قريبا عما فعلت.
وفقك الله وهداك إلى سواء الصراط.