السلام عليكم
أولا أود أن أشكركم على ما تقدمونه من خدمات جليلة للشباب. أما بعد: أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاما، أعمل بإحدى الشركات كمبرمجة مواقع الإنترنت، وإن شاء الله سأتزوج بزميلي في العمل الشهر المقبل.
مشكلتي أنني أعاني من غيرة وشك لا يوصفان، ويصل الأمر بي حد البكاء والدوار وألم في القلب، رغم أنني لم ألاحظ شيئا على خطيبي، لا في العمل ولا خارجه، إلا أنني حولت حياتي وحياته إلى جحيم. الشركة التي نعمل بها لا تخلو من النساء العاريات، فإن لم يكن ذلك فهناك مواقع الإنترنت المليئة بشتى الانحرافات.
أنا والحمد لله متدينة، أخاف الله وأرتدي الحجاب، وخطيبي كذلك رجل طيب ويخاف الله، إلا أن ماضيه هو الذي زرع فيّ كل هذه الشكوك؛ فلقد كان لخطيبي أيام الطيش مغامرات مع بنات أخريات. وفي ماضيّ أنا كانت لي أيام تعيسة لن أنساها أبدا؛ فعندما كنت صغيرة في السن كان هناك رجل من العائلة يتردد على منزلنا دائما، وكان أبي وأمي يحترمانه، ولكن هذا الرجل استغل صغر سني وحرجي وخوفي لقضاء حوائجه الشنيعة، وكان يهددني بأنني لو قلت لأبي ما يحدث فإنه سيقتلني؛ فالتزمت الصمت سنين طويلة، وكنت أبكي ليلا ونهارا، ولكن والديّ لم يلاحظا شيئا. كنت أخافه وأخاف كل الرجال ولا أزال كذلك... لذلك لم يعد بإمكاني الوثوق في أي رجل، وخاصة بعد أن علمت أنه ليس الوحيد في العائلة الذي يفعل ذلك مع البنات الصغار.
إنني أرجو المساعدة كي أتمكن من بناء عائلة كبقية الناس دون مشاكل ولا دموع.
وجزاكم الله ألف خير.
23/7/2025
رد المستشار
مشكلتك من أهم المشاكل التي تؤرقنا ونتعاطف معها ونسارع بالرد عليها؛ لشعورنا بمقدار ما تشعرون به من معاناة. وكم نتمنى أن نقدم إليكن ما هو أكثر من التعاطف.
وقصة معاناتك ليست جديدة على صفحتنا، وإن كانت فرصة لندق ناقوس الخطر مرات ومرات للآباء والأمهات؛ فأولادكن وبناتكن أمانة في أعناقكم جميعا، ولا بد من الحذر، وخصوصا من الأقارب والمحارم ومن يكون دخولهم ومكوثهم مع الأبناء أمرا غير مستهجن وغير مستغرب، ولا بد من توعية الصغار وبناء جسر من الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء، وتشجيع الأبناء على التحدث بحرية عما يزعجهم، وكذلك بث الثقة في نفوس الأبناء وإشعارهم أن الآباء قادرون على حمايتهم من تهديد هؤلاء الذئاب، حيث يعتمد هؤلاء على خوف الأبناء منهم أو خوفهم من الآباء، وتسكت الضحية وتداري جراحها التي تظل تنزف عبر سنوات طويلة أثناء الانتهاك وبعده، تكتم الألم ولا تبوح بسرها؛ خوفا من الفضيحة، وأحيانا لشعورها الداخلي بالذنب وكأنها المسؤولة عن جريمة ارتكبها واستمتع بنتاجها ذئب لم يراع حرمة وبراءة هذه الزهرة فامتدت يده ليقطفها قبل الأوان وبدون وجه حق.
أختي الحبيبة، هناك معلومات كثيرة لم تذكريها في رسالتك، فهل كان الانتهاك مجرد تحرش جنسي أم وصل لدرجة الاغتصاب الكامل؟ وهل كنت تعانين من الأعراض التي ذكرتها في رسالتك قبل أن تتم خطبتك؟ وهل تجدين في نفسك نفورا من ممارسة الجنس بعد الزواج؟
المهم أن ضحية التحرش الجنسي قد تتمكن من التغلب على آلامها وتضميد جراحها بنفسها وقد لا تستطيع. ويظهر عدم قدرتها على التعامل مع هذه المشكلة في عدة صور، منها ما ذكرت أنت من أعراض جسمانية ناشئة عن الضغط النفسي الذي تعانين منه، أو ما يعرف بأعراض "نفسجسمية"، وفي هذه الحالة فإن الفتاة تحتاج لأكثر من مجرد استشارة عبر الإنترنت، حيث تحتاج للدعم من إخصائي نفسي حتى تتخلص من آثار هذا الاعتداء كما ذكرت الدكتورة نعمت عوض الله.
أختي الحبيبة، نحن معك ولن نتركك بإذن الله؛ ولذلك نرجو منك أن تستمري في التواصل معنا حتى تصلي لمرحلة الشفاء بعون من الله، وحتى تتمكني من بناء عائلة سعيدة ينعم فيها الأطفال برعاية أروع أم.