غرناطة كانت آخر المعاقل التي غنمتها ممالك الشمال بعد حروب الاسترداد، التي استمرت لأربعة قرون أو أكثر، وكان آخر أيام العرب المسلمين فيها يوم (2\1\1492).
وقد اتحدت مملكة ليون وقشتالة مع مملكة أريغون، واستطاع (الملك فرناندو والملكة إيزابيلا) دخولها، ويُقال أن شهر عسلهما كان في قصر الحمراء، وهو القصر الذي غادره (أبو عبدالله الصغير) (1460 - 1533) منكسرا متحسرا باكيا، ووبخته أمه بقولها "ابكي كالنساء على ملك لم تصنه كالرجال"، أو "أجل عليك أن تبكي بكاء النساء على ما عجزت أن تدافع عنه دفاع الرجال"!! ذهب وعائلته إلى فاس المغربية وعاش فيها حزينا فقيرا (898 - 940) هجرية.
والذي يتجول في قصر الحمراء يقرأ على جدرانه "لا غالب إلا الله"، وهو شعار أبو عبد الله الصغير الذي أزاح والده من الحكم لأنه رفض دفع الجزية لفرناندو.
فالسبب الجوهري لذهاب الأندلس وسقوطها، التناحر الدامي بين أهلها في ممالك ودويلات محقت بعضها البعض، فجاءها المفترس الذي يتربص بها فأنهى وجودها بالكامل. وقد استمر ذلك التفاعل التآكلي لقرون، فلم يتحقق الانهيار في ليلة وضحاها، وإنما تواصل حتى بلغ ذروته بسقوط غرناطة.
والزائر لإسبانيا تشخص أمامه معالم الاندلس بثورتها العمرانية والمعرفية، وقد حافظ الإسبان على الشواهد العربية في بلادهم، وجنوا أرباحا طائلة منها لأنها جذابة للسياح من أنحاء العالم. ويكفيها قصر الحمراء، والجامع الكبير، وجامع قرطبة وقصور الأمراء، والآثار المتنوعة التي لا تزال زاهية بصيانة وحرص أهل البلاد الذين حافظوا عليها بغيرة وطنية عالية.
فهل أن أحوال دولنا تشابه ما جرى في بلاد الأندلس؟!!
واقرأ أيضًا:
فرصة وغصة! / مفردات الماضي!!