اليوم هو بداية عام هجري جديد، وحينما أتذكر الهجرة، أتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا هجرة بعد الفتح وإنما جهاد ونية)، فتذكرت أنني منذ سنوات كنت أقرر كل سنة ماذا سأهجر. وما لفت انتباهي هو أننا أحيانا نضخم من حجم معاناتنا بضربها في مقياس رسم كل حسب ما يريد إما الضعف أو أكثر، ولكن لماذا؟
أعلم جيدا كيف يكون الألم النفسي صعبا، ولكن -وقد تكون الحقيقة صادمة للبعض بعد تجربتي- الخروج منه اختيار، وقد لا يعلم البعض بذلك، أو إذا علم لا يستطيع التطبيق لأنه مقيد "متكتف"، -وذلك محض حكمه على نفسه بأنه لا يستطيع-، وقد يكون الاختيار صعبا فقد تحول الألم النفسي إلى مصدر الإشباع والدعم بديلا عن أشياء أخرى!
فمن البعض من يسعد بفك القيد وتحطيم الألم، ومن البعض أيضا من يستمسك به بوعي أو بغير وعي، فهو على الأقل يشعره بأنه ضحية فيشفق على نفسه، وحتى إذا لم يستفد من دعم غيره فيكفيه الألم النفسي داعما حتى يستمر في اللطم النفسي والعويل في صمت!! فأي نوع من الإشباع هذا؟ أليس هذا من الظلم للنفس؟
لا أظن أنه يوجد إنسان على وجه الأرض لم يتعرض للإساءة أو الظلم، بدرجات مختلفة، ولكن من منا لا يضخم من مشاكله؟
من منا يتجاوز ما مر به ويغلق عليه، حتى لا يفوته حاضره؟
لماذا نستمر في اللطم والنوح بسبب من أساء لنا ولا ننسى؟
هل من المريح الاستمرار في الإحساس بالظلم والقهر والمكوث في وضع الضحية؟
بالمناسبة أتذكر قول الدكتور وائل وأشكره أيضا عندما قال لي "أنت بتدوري على الحزن بإبرة؟"
إن الاستمرار في دور الضحية لا يحقق إلا المزيد من المعاناة، والألم، فمن يختار الاستمرار، فهنيئا له بتجرع المزيد، ومن يختار الاستقرار سيحقق الله له ما يريد بشرط أن يتحرك فعليا في مساعدة نفسه بنفسه وبخبرات غيره.
من المهم أن نفهم أنفسنا ونكون صادقين في معرفة ما نريد.
كلنا عنده ما يظن أنه لا يستطيع تغييره، ولكنني اكتشفت أن ذلك هو تصورنا نحن والذي غالبا ما يكون مضخما بعد الضرب في مقياس الرسم.
نستطيع أن نتغير بشرط أن نقرر ذلك، وأن نجد من يرشدنا فنتعلم ونفهم، ثم نطبق.
أعلم أن الكلام سهل وأن التنفيذ صعب إلا أنه ليس مستحيلا ويؤتي ثمارا طيبة.
فهجرة التكتيف النفسي ومحو كلمة لا أستطيع: "اختيار".
وهجرة اللطم والنوح النفسي والبكاء على الذات المحطمة هو أيضًا: "اختيار".
ونحن أصحاب القرار.
وأراكم إن شاء الله في "رحلتي والنضج النفسي"
واقرأ أيضاً:
سلمى صاحية ولا نايمة؟ / الفتاة النموذج / عيب
التعليق: ذكرت في المدونة:
"بالمناسبة أتذكر قول الدكتور وائل وأشكره أيضا عندما قال لي "أنت بتدوري على الحزن بإبرة؟"
ولكنني تذكرت أنه قال "أنت بتدوري علي الحزن في خرم إبرة؟!!".
لذلك أردت التصحيح.
و طبعا المعني الثاني أدق من الأول في الحث علي النهوض من قاع الحزن، بالرغم من أنني لم أتقبله وقتها، وهو ما سأقصة عليكم بالتفصيل إن شاء الله تعالي كما وعدتكم.