لعل المفهوم الشائع لدى أغلب الناس عن التناسخ اليوم يتداخل مع مفهوم الاستنساخ والنسخ وبينما مفهوم الاستنساخ الحديث هو استنساخ جسدي بيولوجي من كائن حي لكائن حي آخر، بينما كان المفهوم القديم للتناسخ وما يزال أمرا يتعلق بشيء آخر غير الجسد هو الروح وهو كذلك في الديانات التي تؤمن بتناسخ الأرواح، أو هو تناسخ إسقاطي Projective Reincarnation كما افترضت واحدة من كبار الفرويدين الجدد هي ميلاني كلاين Melanie Klein ولها نظريتها الخاصة في علم النفس والعلاج النفسي، وأما النسخ فقد أصبح مفهوما وبالتدريج ربما فقط على مر العقود الثلاثة أو الأربعة أن بإمكان الإنسان الحصول على عدد لا نهائي من النسخ مبدئيا من الورق ثم من الصور ثم من المواد الإليكترونية السائلة، لكن المسألة ليست كذلك حين نتحدث عن التناسخ هنا فنحن إما نعني تناسخ الصفات أو السمات التفسية أو نعني النفس كلها، وعلى كل سنتناول مفهوم التناسخ من زاويتين حتى لا يلتبس الأمر عند البعض: أولاً: التناسخ الإسقاطي، وثانياً: التناسخ عند الدروز.
أولاً: التناسخ الإسقاطى كما عرفته ميلاني كلاين :
"هو ميكانيزم أساسي في البناء الشخصي، يخص المرحلة الفموية، أين يقوم الفرد بإسقاط شخصيته وذاته داخل الموضوع "فذلك" بهدف الامتلاك، والتحكم وحتى التدمير".
ومصطلح التناسخ الإسقاطي تم وضعه من طرف ميلاني كلاين للدلالة عن أولية تتلخص في هوامات يقوم الشخص فيها بإسقاط شخصيته بصفة جزئية أو كلية داخل الموضوع بغية التحكم وإلحاق الضرر. والهدف من التناسخ الإسقاطي هو إلصاق الصفات الذاتية بآخر أو تشبيهها به بشكل إجمالي أو كلي.
ووصفت ميلانى كلاين في كتابها "تحليل الأطفال" عام 1932 هوامات هجومية على داخل جسد الأم وفق اختراق سادي له، لكنها لم تقدم مصطلح التناسخ الإسقاطي إلا في مرحلة متأخرة من عام 1946 للدلالة على شكل خاص من التناسخ الذى يرسخ النموذج الأول للعلاقة العدوانية مع الموضوع.
ويلخص التناسخ الإسقاطي في شكل وضعية ذات صلة وثيقة مع الوضعية الشبه فصامية عن طريق إسقاط هوامي للجسم أو جزء منه داخل جسد الأم، و هذا الهوام يكون مصدرا لأنواع كثيرة من القلق مثل قلق الاحتجاز Detention anxiety أو فوبيا الأماكن المغلقة Phobia of enclosed spaces .
وترى كل من ميلاني كلاين وجوان رفيير أن هوام التناسخ الإسقاطي يظهر كثيرا في فئات مرضية مثل الفوبيا. والأساس في التناسخ الإسقاطي يكمن في أن الفرد ينقل الجوانب السيئة من ذاته ويسقطها على الموضوع مما يشكل لديه قلقا كلما حضر الموضوع أو تم تخيله.
التناسخ عند الدروز:
والتناسخ عند الدروز يقصد به انتقال النفس من جسم بشري إلى جسم بشري آخر. وهم يؤمنون بأن هناك 4 أنواع للتناسخ:
1- النسخ "وهو التناسخ" وهو انتقال النفس أو الروح من إنسان إلى آخر.
2- المسخ وهو انتقال النفس البشرية إلى جسد حيوان.
3- الرسخ من الجسد البشري إلى جماد !!!!!
4- الفسخ وهو انتقال الروح من الجسد إلى نبات !!!!!
فهم يعتقدون أن النفس البشرية لا تموت، بل الذي يموت قميصها وهو الجسد، أما النفس فتنتقل إلى جسم آخر، وهذه عقيدة باطلة، فالقرآن والسنة على خلافها، إذ يخبر الله عز وجل في أكثر من آية في كتابه أن النفس تتوفى وتقبض، كقوله سبحانه: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها)[الزمر:42] وقال سبحانه: (كل نفس ذائقة الموت)[آل عمران:185] فأخبر سبحانه بأن النفس تموت، وتقبض، ولا تنتقل إلى جسم آخر -كما يزعمون- ولكن موت النفس وقبضها لا يعني أنها تفنى، بل هي باقية، وهي: إما منعمة وإما معذبة، حتى ترد إلى جسدها.
وعلى هذا دلت نصوص الكتاب والسنة.
وخلاصة الفكرة أن التناسخ الإسقاطي هو نقل لكل الصفات المرفوض وجودها في الذات إلى الخارج وإسقاطها على مواضيع الحب الخارجية بهدف التحكم فيها ومحاولة تحطيمها لأنها تشكل منبع قلق شديد للذات. أما التناسخ بانتقال الأرواح من جسد إلى جسد أو ما يسمونه "تناسخ الأرواح" فهو عقيدة باطلة يرفضها القرآن وترفضها السنة النبوية الشريفة.
منقول "بتصرف" للفائدة
واقرأ أيضًا:
فيلم هندي أم زواج إنسية من جني؟ / المس الجني / التلبس بالجن مسرحية نعيشها حتى البكاء مشاركة3 / نفس اجتماعي: سحر وحسد وتلبس، جهل نفسي