اشتريت مجموعة من الكتب المترجمة والتي تتحدث عن نجاح بعض الشركات والشخصيات في المجال التجاري والاجتماعي، والحقيقة أنني أحب نوعية هذه الكتب لأنني أعتقد أنها تعطينا من تجارب وخبرات الآخرين الشيء الكثير، بل إنها في حقيقة الأمر تعطينا عمراً مضاعفاً بإضافة تجارب وخبرات الآخرين إلينا، وعدت بها إلى الفندق، ثم أخذت أحد الكتب وقلت لزوجي هل ترى هذا الكتاب؟
قال: نعم قلت: لو رآه صديقك أبو أسامة ربما لأراد أن يقرأه لأنه يتحدث عن مشروعه الجديد الذي ينوي أن يؤسسه.
رد علي قائلا: وما أدراك أن هذا الكتاب ليس عنده؟!! لقد اشترى أبو أسامة من أجل دراسة مشروعه الجديد كتباً ب 2500$ فأكيد أن هذا الكتاب من ضمن كتبه التي اشتراها.
تأملت الجملة الأخيرة وشعرت بالفخر والاعتزاز أن هناك في وطننا الحبيب شباب ناضج وواعٍ تجاه أعماله ومشاريعه، وأن هذا الشباب يشتري الكتب ليقوم بأبحاث ودراسات لمشاريعه الجديدة، ليدرس جدواها والفائدة منها وما هي الأخطار أو العوائق التي من الممكن أن تواجهه أثناء وبعد إقامة المشروع قبل أن يضع الملايين فيها، فهذه بحق طريقة ممتازة للاستثمار ولتنمية الاستثمار على بصيرة.
وبالمقابل كمتخصصة في المجال الأسري تمنيت أن تكون هذه النظرة الاستثمارية الإيجابية الممتازة في المشاريع موجودة أيضا في أعظم مشروع على مر التاريخ يؤسس ربما يومياً في اليمن والعالم أجمع ألا وهو مشروع "الزواج".
كلنا يعرف أن الزواج سنة، وهو نصف الدين كما يقال، وأن الناس تنشغل بتجهيزاته المادية أيما انشغال ابتداء من حجز القاعات إلى حجز الأكل إلى المطربة ثم إلى فستان العرس إلى الحفل قبل العرس ثم الاحتفالات بعد العرس، ثم أهل العروس ماذا سيلبسون وأهل العريس أين سيكونون، وسيارات الزفة والزينة، وكل التفاصيل الدقيقة التي لا تمررها النساء بالذات بسهولة. وفي خضم هذه الصرفيات الكبيرة والتي يمكن الاستغناء عن بعضها، لم يفكر أحد من أهل العروس أو أهل العريس: هل الشابان العريسان مؤهلان حقيقة لهذا الزواج؟ وهل عندهم من المعلومات ما يعينهم على الاستمرار في هذه الزيجة؟ وهل لديهم فكرة عن العوائق والمشاكل التي يمكن أن تقابلهما في حياتهما، وكيف يمكن أن يتغلبا عليها؟ وهل كل منهما يعي حقوق وواجبات الآخر؟ أسئلة كثيرة وجوهرية يمكن أن توضع في هذا المحور وللأسف أغلب الإجابات لأغلب المقبلين على الزواج هي النفي (أي ليس لديهم فكرة) ومع ذلك عندما تعرض عليهم -أي المقبلين على الزواج- فكرة التثقيف الزوجي قبل الزواج يرفضون البرامج والدورات التدريبية المتخصصة في المجال بحجة أنهم لا يحتاجون، لأن الزواج فطرة؟؟!! وسيتعاملون بالفطرة؟؟!!
على الرغم من وجود العديد من البرامج التدريبية والدورات المتخصصة في المجال ومن أشهرها في الوطن العربي برنامج "رخصة قيادة الزواج الناجح" من إنتاج أكاديمية الفرحة لعلوم الأسرة وهو برنامج ذاتي الدراسة عبارة عن مجموعة من الكتيبات تقرأها أنت وحدك أو أنت وزوجة المستقبل ثم ترد على الأسئلة الموضوعة لكل مادة وتصحح لك لتقيس مدى استيعابك وفهمك للمواد.
أقول على الرغم من ذلك إلا أن هذا الهم، هم التثقيف قبل الزواج هو آخر ما يشغل بال أهل العريس وأهل العروس للأسف. لذلك أهيب بكل الآباء والأمهات العقلاء وبكل المهتمين أن يهتموا بالثقافة الزوجية للمقبلين على الزواج وأقل تقدير في ذلك أن يخصص مبلغ معين من المهر لشراء مجموعة من الكتب والأشرطة التي تتحدث عن الحياة الزوجية وأنصح بكل إصدارات الشيخ الدكتور جاسم المطوع بلا استثناء لأن الزواج أعظم مشروع استثماري في الحياة يجب أن نحافظ عليه.
واقرأ أيضاً:
حي على الثقافة/ معركة الثقافة/ خطايا ثقافية 2-2