خواطر حاجة3
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
تساءلت في نفسي كيف الحال لو كان هذا الحشد من الغرب؟ على اختلاف ألسنتهم ولهجاتهم. ونحن يجمعنا قرآن واحد بلغة واحدة ومنهج واحد. كيف سيكون تصرفهم؟ هل يحترم بعضهم بعضا؟ هل ينتظم طابور المصعد دون أن يحاول كل "فهلوي" تخطي دوره ليثبت للناس أنه أمهرهم – هل يظن أنه أمهرهم حقا؟ إذن هم جهلاء في حاجة إلى كثير من التعليم – وكم تمنيت أن أرى طابورا للمسلمين وخاصة المصريين أن ينتظم دون شرطي. والحقيقة أنه لا ينتظم حتى بالشرطي. وأعود لتساؤلاتي هل سمع أهل الغرب المتحضرين عن الإيثار؟ عن أحب لأخيك ما تحب لنفسك؟ أم أنهم علموا أن احترام الغير هو احترام للنفس؟ وأن حسن الظن بالغير هو حسن الظن بالنفس؟ كما قال القرآن الكريم "لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ" (النور:12). فالمؤمن الآخر مثل نفسك هذا هو ديننا. لقد دفعني هذا أن أبحث إن كان هناك تجمع غربي، فأرى مقدار تنظيمهم واحترامهم للآخر.
ودفعني هذا لخاطرة أخرى، كيف كان حال الصحابة في الحج؟ لماذا اتجه عقلي مباشرة لأكثر أهل زماننا تحضرا؟ ولنا في السلف الصالح أسوة حسنة. وإن قال أحدكم أن المسلمين في تلك لم يكونو بهذه الكثرة. سأرد وأيضا المسجد الحرام لم يكن بهذا الكبر أو بهذه الضخامة ولم تكن المناسك بهذا التيسير.
كيف كان تعاملكم يا صحابة رسول الله؟ وأنتم أيها التابعون؟ أو تابعي التابعين؟ ألا يوجد كتاب يعرض هذه الصور فنتأسى بها.
وكلما تلفت حولي وأنا في المملكة رأيت كثيرا من الأنظمة التي تضعها المملكة والحراس والحارسات لضمان تنفيذ هذه الأنظمة. وفي كل مرة أذهب للعمرة تزيد هذه الأنظمة نظاما آخر والحقيقة أنها تبتدع فعلا لتنظيم الناس عامة والنساء خاصة.
والحقيقة أيضا أنني أجد لهم الكثير من الأعذار في اعتبار النساء السبب في الكثير من الفتن. فهي تبتدع في فصل الرجال عن النساء. تحت مبدأ الوقاية خير من العلاج. وتبتدع أيضا في فصل الدول عن بعضها البعض تحت مبدأ التنظيم. مما دفعني لخاطرة أخرى هل يصح العمل بمبدأ "شيل ده من ده يرتاح ده عن ده". هل مبدأ الفصل التام أفضل وبالتالي نقتل أي محاولة للفتنة والخطأ أم زرع الضمائر. هل نجح فعلا من عمل بهذا المبدأ في تحقيق مراده. وماذا إذا التقي المنفصلان في أجواء أخرى. أعتقد أن الإسلام منذ بزغ للناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبدأه الضمير والوازع الديني "لا تجعل الله أهون الناظرين إليك" "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
سأنهي خواطري عند هذا الحد لهذه المرة. "كفاية عليكم كده" كان الله في عونكم، أدعو الله العلي القدير ألا أكون قد أثقلت عليكم، بصراحة لا أعلم كيف تتحملونني كل هذا الوقت وإلى اللقاء.
اقرأ أيضاً:
يوميات مجنون: في الحج 2040 / يوميات سحابة: أطرف المواقف في رحلة الحج / لحظات سعادة / المسلمون الروس والحج في نهاية القرن الـ19