تبدأ الإجازة فيصبح الحلم هو مجرد الفرار من القاهرة... ولكن مهما فررت فإنك تعود إلى قدرك وعليك أن تقبل قسمتك ونصيبك وهذا فضل من الله وإحسان.. إنها كلمات يسترجعها الإنسان ليقبل أن يكبل نفسه عن فعل التغيير ويا بِت امسكي روحك ولكن أن تكون لديك بقية من كرامة وبعض من نبض الحياة لا تكفي معهما تلك الكلمات لمنعك من التصدي للخطأ ودبوس ضد الفساد الذي أرتديه في كل مكان يصدح دائما في وجداني أن لا مكان لقبول الخطأ والسكوت عليه...
صفوف السيارات تتراكم ولا ندري إن كانت حادثة على طريق المحور أم أنه الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء هذا الإله المنزل الذي لأجل مروره تسد كل الطرق وتتجمع كل السيارات الآتية من كل الاتجاهات.. أسفل الكوبري الطريق الصحراوي مكدس وكل المنازل والمطالع موصدة... في يدي رواية أقرأها حتى أستمسك بالصبر وعندما اقتربنا من مصدر المنع رأيت عقيدا وعددا من العساكر والطريق فاضـــــــــــــــي.. شيء لا يصدقه عقل مئات السيارات المعطلة لأجل مرور نفر؟! كلما هممت بالترجل من السيارة لمخاطبة هذا العقيد منعني من كان معي بالسيارة بغلظة من التهور ومما لا تحمد عقباه فأستسلم لكن الأمر يطول فأنطلق إلى العقيد معرفة نفسي إليه فيستقبلني مرحبا فأسأله عن سبب منعنا من المرور فيجيبني بأنها أوامر فأستفسر عن تنفيذ الأوامر بلا فهم لوجاهة أسبابها ومنطقيتها فيجيبني بأنه عبد المأمور فأجيبه بأن مأموره أوامره غير قانونية بالبتة وبأننا استوينا من الداخلية فيجيبني بأنه لا خير ولا غني لنا عن الداخلية.
وأعود إلى سيارتي حانقة ليس فقط على هذا الضابط ونظامه ولكن بنفس القدر على هؤلاء المواطنين المستسلمين للأوامر. وحادثتني نفسي أن جوهر كلمة مسئول رئيس وزراء أو غيره هو العمل على خدمة الناس ولهذا أسموه مسئولا لأن الناس تقيم عمله وتحاسبه وتسأله عن المهام المكلف بها ولكن جناب الوالي رئيس الوزراء وعلى ما يبدو أكثر اهتماما بخدمة نفسه من دون الناس الساكتين منذ آلاف السنين خوفا ويأسا. والمسئول الذي يفعل ذلك هو في الواقع لا إحساس لديه بالمسئولية! ولهذا فلا مانع إذن من وقوف كل الناس من أجل خاطره صفوفا متراصة وطوابير طويلة تحت قيظ الشمس ونار الحر حرصا على راحته ثم يظهر ذلك المسئول ذاته بعد ذلك في أجهزة الإعلام ليحلف لنا ميت يمين على أنه يحب مصر! وما هي مصر إلا الأرض والناس؟ الناس المصريين المفحوتين في أماكنهم إلى أجل غير مسمى ونظرا لأهميته الشديدة التي لا غنى لهم عنها ولا عن عبقريته.
هي ظاهرة مكررة رديئة مللناها وطفح الكيل منها ولا تعكس إلا نشوة وأنانية البشر وغرور ولاة الأمر وإحساسهم المتورم بالأهمية وكلها معان يتحمل مسئوليتها ويشارك فيها كل واحد من هؤلاء الواقفين تحت نار الشمس اكتفاء بمصمصة الشفاه والاحتماء بالصبر على القرف الشديد خوفا من ضباط سيادته، وعساكر سيادته الملتزمين فقط بأوامر سيادته. وبحسبة بسيطة يمكنك أن تعرف أيا من الطرفين أكثر احتياجا للحرية والأمان من بطش الطرف الآخر... نحن.. أم سيادته؟
واقرأ أيضاً:
مصر بقت مصرين..3..4..5/ يا حاج نبيل المعسكر بِخْ