_ آلو بساطة؟... مين معايا
_ يوري
_ بتتكلم عربي؟
_ إنجليزي أحسن
_ طيب عايزة أحجز عشتين
ولما وصلت بساطة بهرتني الطبيعة البكر كالعادة فهي تغسل روحي وتصفيها من شوائب الزحام والتلوث في القاهرة. وكان أول من قابلت يوري، وقبل الرحيل أن أجري معه حوارا لأفهم ما الذي يغري شابا أجنبيا بهجر كل مظاهر الحياة العصرية والعمل في قرية بنويبع يؤمن صاحبها بأهمية المحافظة واجتناب تدميرها قدر الإمكان، وتلك كانت حكايته:
اتولدت في مصر من أم ألمانية وأب مصري.. عشت فيها 16 سنة، ورجعت ألمانيا لمدة 13سنة، لأدرس الفندقة، بعد إنهائي الدراسة لم أحب أن ألتحق بالجيش، واخترت القيام بعمل خدمي عام...فقمت بإعانة الخارجين حديثا من السجن على الإعاشة والحصول على الرعاية الصحية، حتى يتمكنوا من الاندماج في المجتمع والحصول على فرصة ثانية في حياة سوية ومستقيمة، هنا تدخلت عن سبب رفضه الانخراط في الجيش، فأجاب ببساطة: لأني شخص مسالم ولا أستطيع أن أقتل نفسا.
واستطردت وهل أنت سعيد بقرار عودتك إلى مصر؟ فأجاب:كده أو كده كنت عايز أرجع مصر علشان اتولدت هنا، وحبيت أرجع لجذوري، أشوف إيه اللي حصل في البلد خلال 13سنة.. أصحابي هنا وأبويا هنا.. أول مرة جيت بساطة كان عندي 9سنوات.
وأحببت أن أعرف بعيون يوري ما الذي حدث في ال13 سنة الماضية؟
زحمة أكتر.. ماكدونالز كتير وبيتزا هات وساب واي.. من 13سنة ماكانش فيه أماكن للسهر كتير قوي كده...
فاستغرقني حواري الداخلي.. حقا لم يكن هناك كل هذه الأماكن للسهر الذي عاش فيه يوري طفولته ومراهقته في مصر، ولكن قبلها بسنوات كان هناك أضعاف هذه الأماكن، وما يستوقفني أنه في أيامنا هذه زادت أماكن السهر، وبنفس القدر وأكثر ازدادت ظواهر الانغلاق في المجتمع من خمار وإسدال ونقاب ولحية وجلباب، وكأن مصر تنقسم بحدة إلى مجتمعين متغايرين متباعدين تماما.. مصر بقت مصرين...
أعود إلى عيون يوري على استحياء: هي بقت أوحش شوية، القذارة زادت، والناس بتخاف من الشرطة، ويحكي مشاهداته من واقع عمله وكيف (بيبوس المصريين مؤخرة رجال شرطة السياحة)، وفي ألمانيا فيه ده بس في مصر أكتر بكتير.
وسألته عن تجربة زواج الأجانب وإمكانية نجاحها. فأجاب: بشروط..أول حاجة التعليم واللغة و الtolerance (التحمل)، بابا ماقدرش يقبل ثقافة ماما المختلفة عنه، وهي كمان مانجحتش في تقبل ثقافته، فاتطلقوا.
يوري سيعود الشتاء القادم إلى ألمانيا لإكمال دراسته، لا يقرأ الجرائد ولا يشاهد التلفزيون ـ يا بخته ـ كان في ألمانيا يلعب الفيديو جيمز بشراهة. في إجازته الشهرية يزور والده يوما ويقابل أصدقاءه القدامى يوما، ثم يذهب إلى سانت كاترين والصحراء.
وعن أجمل كلمة عربية يحب استخدامها يجيب: دايما أول حاجة الواحد بيتعلمها في أي لغة جديدة هي الشتائم.
واقرأ أيضاً:
اعترافاتي الشخصية: 16000/ مين يخاف من مين؟