![]() |
التوتر واضطرابات القلق شائعة جدا وما لا يقل عن 30% من السكان يعانون من توتر أو قلق في أي وقت من الأوقات. الأساس التطوري للقلق هو استجابة القتال أو الهروب أو التجمد التي هي في غاية الأهمية لبقاء الإنسان على قيد الحياة. ولكن الإنسان عموماً له القدرة على التفكير الاستباقي مما يؤدي إلى التركيز المفرط على التهديدات المحتملة والخبرات السلبية.
كذلك يتميز عقل الإنسان بتحيزه السلبي مما يعني بأن الفرد يركز على ذكريات التجارب السلبية بشكل أكثر وضوحاً وزخماً من الذكريات الإيجابية. رغم وجود عامل وراثي في القلق مقداره لا يزيد على 40% لكن الجزء الكبير70% مصدره تفاعلنا مع خبرات الحياة.
لا يمكن الاستهانة بتأثير القلق ْعلى جودة الحياة. اضطرابات القلق مزمنة ومستمرة إلى حد ما وكثيراً ما تؤدي إلى عزلة اجتماعية. هناك أعراض جسدية مختلفة مثل الألم ومشاكل الجهاز الهضمي والسلوك التجنبي يقيد الأنشطة ويحد من شعور الإنسان بالرضا إلى حد كبير.
قواعد عامة
1- الفرق بين الخوف والقلق:
• الخوف: استجابةٌ "هجوم أو فرار" لتهديدٍ مُباشِر. وهو مُركّزٌ على الحاضر ومرتبطٌ بالذعر.
• القلق: خوفٌ أطول أمدًا، مُركّزٌ على المُستقبل. قد يكون السبب غير واضح، ويتميز بتوترٍ ومُثيراتٍ مُزمنة. غالبًا ما يتعلّق بالاستعداد.
2- الإشارة مقابل الضجيج:
• التمييز بين "الإشارة" (القلق الذي يُشير إلى خطرٍ حقيقي يتطلّب ردّ فعل) و"الضجيج" (القلق غير المُنتِج وغير المُرتبط بتهديدٍ حقيقي). إنّ التمييز بين الاثنين أمرٌ بالغ الأهمية لمناجزة القلق.
3- فهم وظيفة القلق:
• يُساعد القلق على التكيّف من خلال تحفيز الاستعداد للتهديدات وتجنُّب المواقف الضارة. ومع ذلك، يصبح مشكلةً عندما يكون غير مُتناسبٍ مع التهديد، أو مُستمرًّا، أو يُعيق الحياة اليومية.
4- آليات التأقلم غير المُتكيّفة:
• هناك استراتيجياتٍ شائعة وغير فعّالة يستخدمها المرضى للتعامل مع القلق:
o تضييق التركيز على الشيء المُخيف.
o النقد الذاتي والحُكم.
o تعاطي الأدوية (شرعيٌّ أو غير شرعيّ).
o استراتيجيات الهروب العقلي.
o تجنُّب ما قد يثير القلق بصورة أو بأخرى.
نهج اليقظة الذهنية للقلق
يستند هذا النهج على مواجهة وقبول تجربة القلق والانفعال بدلاً من محاولة القضاء عليه. يُقرّ هذا النهج بالجوانب التكيّفية للقلق مع الاعتراف بالحاجة إلى التوازن والقبول.
التدخلات العلاجية:
هناك عدة تمارين علاجية مثل:
o تحديد فائدة القلق.
o تحليل كيفية كون جهود تجنُّب القلق غير مُفيدة.
o تمارين اليقظة الذهنية، مع التركيز على تجربة اللحظة الآنية للجسم، والأفكار، والمشاعر أثناء القلق.
بشكلٍ عام الهدف التحوُّل من تجنُّب القلق وقمعه إلى نهجٍ أكثر تقبُّلًا ووعيًا يُعزّز الفهم، والقبول، والمناجزة المُتوازنة لمستويات الانفعال.
يتم التركيز الأولي على ما يلي:
1- جوهر اضطرابات القلق هو التجنب: تجنب المواقف أو المشاعر المرتبطة بالقلق هو الآلية المركزية في معظم اضطرابات القلق. إن الشعور بالقلق ببساطة دون تجنب لا يشير بالضرورة إلى وجود اضطراب.
2- الشجاعة ليست غياب الخوف: الشجاعة تتضمن مواجهة المخاوف والقيام بما هو ذو مغزى، على الرغم من الشعور بالخوف. يعتقد الكثير من المصابين باضطرابات القلق خطأً أنهم يجب أن يقضوا على الخوف ليعيشوا حياة كاملة.
3- استراتيجيات التجنب واسعة الانتشار: بما في ذلك:
o تجنب المواقف التي تثير القلق (مثل الطيران، المناسبات الاجتماعية).
o قمع الأفكار (محاولة التحكم في الأفكار والمشاعر).
o التشتيت (مثل مشاهدة التلفزيون المفرط، استخدام الإنترنت).
o استبدال الأفكار السلبية بأفكار إيجابية.
o طلب الطمأنينة.
o استخدام أشياء أو طقوس مريحة.
o تناول الأدوية أو المواد (شرعية أو غير شرعية).
o الانخراط في أنشطة إيجابية (الرياضة، العمل) بهدف تجنب القلق بشكل أساسي.
o
4- التأمل الذهني كعلاج: التركيز على أهمية مواجهة المخاوف والتعرض للمشاعر القلقة لزيادة قدرة الشخص على تحملها. هذا يتناقض مع العلاج السلوكي المعرفي التقليدي، والذي غالباً ما يركز على التحكم في القلق أو القضاء عليه.
5- تقييم ومعالجة التجنب: هناك عدة طرق لمساعدة المرضى على تحديد ومعالجة استراتيجيات التجنب لديهم:
o إنشاء قائمة بالاختيارات والأنشطة التي تدفعها رغبة في تجنب القلق.
o إنشاء "قائمة تجنب" مفصلة لسلوكيات التجنب الدقيقة والواضحة.
o استخدام "مخطط الأنشطة المفقودة" لتتبع الأنشطة التي يتم تجنبها بسبب القلق.
o رسم مخطط لتكاليف مناجزة القلق (شخصية، مهنية، صحية، مالية)..
ويتبع>>>>: استخدام التأمل الذهني لعلاج القلق2
واقرأ أيضا:
نظريات المؤامرة من وجهة نظر نفسانية / الشائعات في عصر المعلومات