كالعادة عمري ما فكرت أو حلمت إني محتاجة أروح في أي مكان غير بلدي، لكن شغلي هو إلي وداني بلاد كتيرة في الخليج، وكان كل مفهومي عنه انو مكان أجمل من بلادنا بس الناس فيه غالبا ما بيفكروش، والإعلام طبعا كان ليه دور متين في الفكرة دي، لما زرت دبي كنت حاسة إني مش قادرة أتنفس من جمال المباني وفخامة كل شيء، أدب في التعامل، نضافة في الأماكن، ذوق في التصرفات، اختيارات جميلة جدا في هدوم البني آدمين، مفيش دوشة مفيش صوت عالي طالع من العربيات أو السواقين أو البياعين، مفيش زبالة في الشارع، مفيش محلات متبعترة في أي مكان، مفيش حمير ولا كلاب ولا قطط، كل شيء محسوب وليه نظام، بس اكتشفت أن الإمارات مكشوفة!، ومش معنى أن عندها كل حاجة إنها في أمان، لو حصل مثلا انقلاب أو إن حد طلعت في دماغه فكرة احتلالها ما هو كل شيء وارد في الدنيا دي ومفيش حاجة بعيد، مين هيدافع عن الوطن؟
رغم أن دبي تحديدا عندها حس امني ونظام امني صارم ما يعرفش اللوع أو المحسوبية والأيام بتقول ده في أي حادثة بتحصل فيها، لكن مفيش حد بيسمع عن جيشها، ومن أربع سنين أترفع علم باكستان فيها وكانت مصيبة خلت الحكام يفكروا اكتر في تحديد العمالة عموما فيها، بس لو أتحددت العمالة مين عندهم يشيل الليلة؟، كل ما يتحول الوطن لخدمة فكرة اسمه وفخامة عيشته ورفعة الانتماء لاسمه بس تبقى القصة بايظة بايظة مهما ارتفعت المباني ومهما كانت سابقة العالم في أبراج أو أملاك، لكن في الدوحة لقيت المواطنين أقل كتير وصدقت الدراسة إلي قالت أن المجتمع القطري مش اكتر من 16% من أجمالي سكانه إلي مكملوش 2 مليون؛
ياعيني دول ما يجوش حاجة في سكان شبرا عندنا، بس المواطن القطري أكثر تواضعا، وعندهم متحف للؤلؤ حاجة وهم بجد، شاشات عرض رهيبة بتورينا طريقة زراعته وصيده، واللولي الغريب والألوان إلي عمرك ما تتصور وجودها، وفيها كمان مجاهر تشوف بدقة القطاع العرضي والطولي للؤلؤ وفجأة لقيت سجادة من اللولي والفصوص الكريمة رهيبة تاخد العين ما ترجعهاش تاني، ولقيت مكتوب عليها إنها اتعملت من 750 مليون لؤلؤاية وشغلها دقيق ورهيب كان راجل هندي إلي عملها عشان يغطوا بيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومكتوب على اللوحة إلي جنب السجادة إنها عمرها ما وصلت للمدينة ابداَ! واتعرضت لقرصنة وسرقات عديدة عشان ما توصلش ومن سنتين بلد غربي اشترى منها سطرين ب8 مليار دولار!
سألت نفسي ولمؤاخذه كدة يبقى الدوحة دفعت فيها كام عشان تحطها في متحف؟، ما علينا القصة واحدة في الخليج، أموال ومصاريف عالية جدا والي قايم بالبلد ناس غير ناسها، ليه ناسها ما يكونش عندهم هدف أقوى من إنهم ينتموا لاسم الوطن مش اكتر؟، ليه ما يعتمدوش على مهندسين ومدرسين وأطباء وميديا من عندهم، على رأي خالد زكي لما كان عامل فيلم طباخ الريس "وديتو الشعب فين يا حازم؟"، وعرفت كمان إننا فعلا مواطن من الدرجة الرابعة لو فيه، حتى لبنان وسوريا رغم إنهم مش دول غنية ولا حاجة لكن نضاف في نفسهم وذوقهم وتعاملهم، معنوهومش حد نايم في كوم الزبالة ولا في المدافن، معندوهومش حد بيتف في الشارع أو يرمي حاجة من عربيته، يمكن معندوهوش حرية زي إلي عندنا لكن البني آدم ليه قيمة ووجود.
أنا كنت بتكسف من كتر الذوق والأدب في المعاملة وبقيت بسأل سؤال خطير في نفسي هو لو إحنا حصل معانا معجزة وبقينا بلد غني وفخم وحر هنعرف نتصرف؟، هو إحنا عارفين يعني أيه حق؟ طب هناخده ازاي؟ أيه هو الحق ده؟ بيتعمل بيه أيه ولّا لما ناخده هيخلينا عاملين أزاي من جوا، الظاهر إني ما بقتش بعرف أشوف الحاجة من برة وافتح بوقي ويدلدل لساني من الانبهار ادام ببقى عاوزة اتطمن بجد، حد يقدر يطمني؟
واقرأ أيضاً:
لما كنت... حرامية / لما كنت..... مأذون (3) / لما كنت بحب