لك الله يامصر فالندل لما حكم باع واشترى فيكِ...
الإصلاح... التطوير كلمتان جميلتان... وكم سعدت وأنا أقلب صفحات مجلة الإذاعة والتلفزيون التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون وبالتالي لوزارة الإعلام التي أتمنى أن أنام وأصحو فأجدها قد انمحت من الوجود وساعتها يمكن أن اصدق أن مصر ممكن أن تتقدم بنا فنحن مبتلون بوزير تطوير هكذا يسمي ويطبل ويروج لنفسه بفلوسنا إحنا الشعب المصري فتسميه المجلة التي يعين صحفييها ويصرف عليهم من كدنا وتعبنا وليس من أطيان السيد والده ب"وزير التطوير"...
ولكن ماذا تعرف أيها الوزير عن التطوير سوى الفيلم الذي أعددته عن كوبري ما.. هكذا أخبرتنا عند توليك منصبك كوزير للإعلام وكم كنت فخورا منتفخا بذاتك وإنجازاتك السابقة يا أيها الوزير الخطير يا وزير التطوير كما يسميك صحفيوك الموظفون عندك.. وأقولها وأكررها لك بمنتهى البساطة: التطوير ليس بالإمكانيات التي تسرف في إنفاقها ولكن التطوير فكر.. والفكر يعني مزيدا من الحرية وبدون حرية الفكر فلا إعلام مهما كانت الاستوديوهات مسلحة بالإمكانيات ومهما كان أشخاص الإعلام آخر شياكة ومن ثم فجوهر الإعلام هو هذه الكلمة السحرية ""الحرية"" ولكن يا حرية فينك فينك..
والحرية تعني الأمانة في العرض والانفتاح في الاستعراض.. والنموذج الأوضح هو قناة الجزيرة التي بدأت في شقة تشغل غرف قليلة في مبنى سكني عادي إلا أن تأثيرها رغم ذلك يتجاوز الحجم الصغير آلاف المرات وكذلك برنامج واحد كالعاشرة مساء على قناة دريم أو القاهرة اليوم على أوربت يتجاوز السبع أو الثماني قنوات إضافة إلى المتخصصات في هذا المبني المهول ذي الطوابق المهولة التي تقاطع السماء والمليئة بالفنيين والمتخصصين والإداريين والذي يحتاج إلى التطوير لكي يكون له تأثير...
إن التأثير الإعلامي يا وزيرالتطوير وهذا للعلم فيمكن أن يحدث من مدونة صغيرة أو غرفة صغيرة على سطح في شارع ضيق به مذيع واحد موهوب وكاميرا واحدة.
إذن فعندما نتكلم عن تطوير فإن أول مايجب أن نتكلم عنه الإنسان. ولكي يكون الإنسان مبدعا يجب أن يكون حرا، أما منطق القهر في التفكير ووضع الخطوط الحمراء والقولبة المحكمة وخلق المعابد والمقدسات التي لا يجب المساس بها سواء كانت تلك المقدسات أفكارا ممنوعة أو رؤساء لا يجب إغضابهم. كل هذا لا يخلق بيئة إعلامية صحية متطورة مهما بلغت فخامة المكان.
لقد عشت بين جدران ماسبيرو سنوات كثيرة من عمري وسمعت أثناء عملي كثيرا من الانتقادات التي يمكن أن ألخصها في كلمة "مشاغبة" وبصراحة أنا لا أنكر ذلك، لكني لم أستطع يوما أن أفهم كيف يكون الإعلامي الناجح إعلاميا مدجنا مهذبا لا يفكر ولا يتكلم إلا فيما يرضى عنه الرؤساء والقيادات. أن أقبل أن أتحول أنا وزملائي إلى نسخ باهتة تكرر بعضها بعضا.. تتشابه ولا تتمايز. وأنا لا زلت أتكلم عن التطوير فما الفرق بين أن نأتي بإعلاميين من الخارج أو من الداخل أو من قناة الCNN أو حتي من هوليود نفسها إذا كان مصيرهم أنهم سيكونون أسرى قوالب ماسبيرو وأبواق الحزب الوطني ولجنة سياساته.
اقرأ أيضاً:
الرأي الأمين في انتفاضة الإعلاميين/ هل نحن خرفنا وبنهيس؟