السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عانيت وأعاني همّاً وكآبة حقيقية، وجنوناً بنفس الوقت، وعصبية شديدة وفوبيا من الخروج من المنزل ودوار، عندما أكون متوترة طبعاً، سببه نفسي لأني خضعت لفحوصات عديدة كلها سليمة وقالوا أن السبب نفسي. توجهت إلى العيادة النفسية وكنت في تلك الفترة في الامتحانات النهائية في الثانوية، كنت مريضة ومهمومة من حالي فأعطوني دواء لمدة ثلاثة أشهر دون فائدة بل زادت حالتي، وبعدها ذهبت وأعطوني سيروكات أفادني قليلاً لكن نسيت شربه يوماً واحداً فقال الطبيب أن عليّ أن أقطع السيروكات نهائياً وليس بالتدريج فزادت معاناتي، وعادت حالتي إلى سابق عهدها وأشد.
من عذابي كنت سأنتحر أو أؤذي أحد أفراد أسرتي، لكنني مؤمنة وأعرف عاقبة من يفعل ذلك، لكن هذا من ألمي الذي يمزقني فذهبت للطبيب وأجبرني على النوم بالمستشفى لذلك لم يعطني الدواء. دخلت المستشفى ولم يعملوا لي جلسات مع أخصائية نفسية، كل ما قدّموه هو إعطائي دواء اسمه "ديابكين"، هل هذا الدواء سيساعدني؟ أني أحسست بعصبية شديدة وخوف غير طبيعي حين شربته وما زلت حتى اليوم. ولا أطيق نفسي ولا حياتي، أنا منتظمة في شربه من شهر وأسبوع ولم ألاحظ فرقاً كبيراً.
أريد أن أوضح أني مررت بضغوطات نفسية كثيرة مع الأسرة والمدرسة، وكنت أجلس قبل النوم أتذكرها وأجلس أبكي بشدة، أو أفكر مثلاً في أن أبي يطردني من البيت، يعني أفكر بسلبية لكي أبكي وأحاول نسيان الآلام.
سأنفجر من صراعي وضيقي، أحسست أن أهلي عرفوا قيمتي عندما علموا بمرضي، فمنذ سنين وأنا أحس أني عالة على أهلي وحياتي كلها هم وقهر وسوداوية، أسأل نفسي هل سأنجح بحياتي؟ أني مجنونة أعاني صراع الماضي والحاضر والمستقبل؟ كيف التخلص من هذه الأفكار السوداء؟.
سأنفجر! لم أتعالج نفسياً بجلسات نفسية، أو أنهم لا يهتمون للمرضى الذي مثل حالي، أو يعتبرون حالتي صعبة ويريدونني أن أنهار وأدخل المصحة العقلية طوال حياتي؟!. لقد تعبت، أنا أتعالج من سنة تقريباً ولم أستفد إلا القليل، أنا بحاجة إلى أحد يستمع لي، لا أحد يستمع لي، أحاول أن أجد ذلك الشخص الذي أتكلم معه؛ فأمي تذكرني بالدواء كثيراً، فأنا يئست منه ولا أنتظم فيه، وتقول أنها لا تريد أن تذهب إلى المصحة مرة ثانية، أنا لا أريد أن أتعبها لكني فعلاً يائسة، أريد الفضفضة مع أحد، صحيح أن الشكوى لغير الله مذلة لكن ما باليد حيلة. باختصار أنا أشعر أن هذه فترة يأس وقلق، وخوف شديد من الموت، يأتيني دوار وتعب وإغماء فأعتقد أنه الموت، وأخاف من الظلام والخروج من المنزل.
أبي ينصحني وينصحني لكي أخرج من هذه الدوامة لكني لا أقدر، أحس بشيء يسيطر عليّ تماماً، وأحس أن الأعراض رجعت مرة أخرى،
أفكر كثيراً، أحس أني الآن أعيش في غربة وتائهة، وأعيش جسداً بلا روح، لا طعم لشيء، وعادت لي الأفكار السوداء. أحس بغضب شديد، فقد سبب لي الدواء عصبيبة لا توصف، لا أحتمل شيئاً أبداً، أفكر ماذا ستكون ردة فعل أهلي لأنهم علموا بأني مجنونة، لأنهم ليس لديهم ثقافة بالصراع النفسي، أشعر بشعور شديد باليأس من الحياة وأتمنى الموت لأنه أرحم من العيش بعذاب.
أرجوك أرشدني، انصحني ماذا أفعل؟ كيف أسترد عافيتي وذاتي الميتة؟ كيف أتغلب على هذا الخوف والقلق الذي بنفسي الذي يسبب لي عدم استقرار؟ أريد أن أخرج من هذه الدوامة الآن لأني سأنفجر، هل الصعقات الكهربائية تشفي هذه العلة؟ أي شيء، أنا حاولت الخروج من غربتي بالتقرب إلى الله حين أحس أني محطمة لست قادرة على التحمل أكثر.
أتمنى منكم رداً وافياً ومفصلاً لكي أطمئن،
وجزاكم الله خيراً.
30/08/2009
رد المستشار
أختي الفاضلة:
رمضان كريم وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يشفيك. وبعد،
الواضح من رسالتك أنك تعانين من أعراض مرض الاكتئاب، ولكن هذه الأعراض ليست بأعراض الاكتئاب المتعارف عليه والمسمى بنوبة الاكتئاب العظمى، والتي يميزها الحزن الشديد وفقدان المتعة في الحياة وضعف التركيز والنسيان واضطراب الشهية، وقد يكون مصحوباً بحالة من الإمساك أو الإسهال، وحالة من الخمول أو عدم الاستقرار الحركي، وهو ما يعرف بالاهتياج النفسي، وقد يفكر المريض في بعض الأحيان بأفكار سوداوية مثل الانتحار لكي يتخلص من آلامه.
لكن في حالتك يبدو أنك تعانين من حالة من الاضطراب الوجداني والتي يميزها حالة القلق الشديد والعصبية وكثرة النرفزة، وهنا يجب أن نعرف تاريخك المرضي، مثلاً إذا سبق لك وأن مرضتِ بحالة نفسية مشابهة أو مغايرة في الأعوام السابقة كالهوس: وهي حالة تتميز بارتفاع في المزاج والتفاؤل المفرط واهتياج غير قابل للسيطرة، ويكون هذا الاضطراب مصحوباً بزيادة في الطاقة تؤدي إلى زيادة في النشاط وانخفاض الحاجة إلى النوم مع صعوبة في التركيز والانتباه والشعور بتضخيم تقدير الذات والعظمة مع الإقدام على مشروعات متهورة وتبذير المال أو يصبح عدوانياً أو مازحاً في ظروف غير مناسبة، وفي بعض الأحيان يكون شكّاكاً.
بمعنى آخر، إذا كنت تعانين من حالة اضطراب وجداني أحادي القطب (اكتئاب فقط) أو ثنائي القطب (نوبة هوس ونوبة اكتئاب)، وإذا كان هناك تاريخ عائلي مماثل، لأن العلاج يتوقف على نوع الحالة التي تعانين منها. كذلك يجب معرفه إذا ما كانت هناك أعراض ذهانية مثل الهلوسات السمعية والبصرية، أو أوهام الإشارة حيث يظن المريض أنه مراقب أو مسحور.
لذا فإن حالتك تستدعي العلاج بالمهدئات العصبية مثل مضادات القلق ومضادات الاكتئابن كما ينصح باستعمال مثبتات المزاج بجرعة خفيفة، واستخدام العلاج النفسي المبني على السلوك الإدراكي CBT وهذا طبعاً تحت إشراف العيادة النفسية.