أنفق مع زوجي .. هل أخطأت؟
بسم الله الرحمن الرحيم..
أنا معجبة جدا بآرائكم الحكيمة والسديدة في هذا الموقع التي تجمع العقل والشرع والمنطق في نفس الوقت في كل مجالات الحياة، ووفقكم الله تعالى.
أنا عمري 27 وعمر زوجي 31 عاما، بداية سوف أشرح لكم الوضع المادي لزوجي، وضعه المادي ضعيف نوعا ما، ولما خُطبنا اتفقنا أن نساعد بعضنا البعض من هذه الناحية، خصوصا أنني أعمل، وراتبه لا يكفي لكل مستلزمات البيت، وفعلا بدأنا نتعاون وكان والدي حفظه الله يعاوننا أحيانا إكراما لي وله.
وسؤالي: هل أبقى كما أنا، كلما يحتاج زوجي يجد عندي اللازم ماديا؟
فقد اعتاد أن المال ممكن أن أوفره دائما، وأن البيت إذا نقصه شيء أشتريه إذا لم يتوفر معه، ولكني في نفس الوقت لا أنكر أن زوجي إذا توفر لديه المال ينفقه على المنزل، وعلي.
ما دعاني لسؤالكم هو أنني أحسست أنه قد أكون مخطئة بأن أجعله يحس بأنني أستطيع التوفير لكل ما ينقص، خوفا من أن يعتمد علي كثيرا من الناحية المادية، خصوصا أنه حدث موقف بسيط بيننا لا أدري من المخطئ بالتصرف حقيقة أنا أم هو؟
فهو احتاج لمبلغ من المال، وأنا أعطيته جزءا بسيطا وقلت له ليس معي غير هذا. كنت مُتعمدة ذلك حتى أشعره أنه لا يمكنه أن يعتمد علي دائما.
وحقيقة، كان من الممكن أن أوفر المبلغ الذي يريده، فغضب مني يومها، وسألني كيف أعطيه هذا المبلغ وأنا أستطيع أن أعطيه ما يكفيه حينها؟ وكيف لم أقترح عليه أخذ بطاقتي الائتمانية؟
واعتبر بذلك أنني قد تخليت عنه في الوقت الذي احتاجني فيه، وقال لي: "أنت تعلمين لو أن هذا المبلغ معي وطلبتِه مني سأعطيك بلا تردد".
وبالفعل هو لا يقصر معي إذا كان معه المال، ولا أنكر ذلك، ولكني أجبته: "أنت مسؤول عني ولست أنا" ولمت نفسي بأنني من عوده على ذلك. وهذا ما دفعني للتفكير بأنني السبب في ذلك، أم أنني مخطئة بتفكيري وبطريقة تعاملي الجديدة؟
فهل علي أن أبقى كما أنا بالسابق فنحن شخص واحد ويجب أن نتعاون في أمور الحياة دون محاسبة أحدنا الآخر؟ لا أدري حقيقة كيف أعامله؟
فهو أحيانا يعاتبني لأنني أُشعره أن هناك فرقا بيننا "أحمله جميلة كما يقول" بما أدفع، فهو يقول دائما: "أنا أطلب منك معاونتي لأنك زوجتي المخلصة ولا أريد أن ألجأ للغريب". وأنا مقتنعة بما يقول ولا أقصر. ولكن أريد رأيكم الكريم بكل ما قلت وإذا أخطأت في التصرف فما هي الطرق الصحيحة في التعامل بين الأزواج في الأمور المالية؟
أتمنى إرشادي فأنا حقيقة لا أُطلع أحدا على مجريات حياتي الزوجية حتى أهلي.
لكم جزيل الشكر والامتنان مقدما.
31/3/2025
رد المستشار
أشكر لأمي الدكتورة نعمت عوض الله ما خطت يداها الكريمتان من معاني تربوية في العلاقة الزوجية في ردها على استشارة أنفق مع زوجي... هل أخطأت؟، ولتسمح لي وأنا ابنها أن أدلو ولو بشيء قليل فيما كتبت تأكيدا على ما ذهبت إليه.
وأقول مستعينا بالله تعالى:
العلاقة المالية بين الزوجين لها أساسان في التعامل:
الأساس الأول: هو تعامل العدل.
والأساس الثاني: هو تعامل الفضل.
أما أساس العدل ، فهو أن للمرأة ذمة مالية خاصة، وأن كل ما تملك من مال هو طوع أمرها ولا يجوز – بلغة الشرع- أن يتدخل فيه زوج أو أب أو أي أحد، والنفقة في الحياة الزوجية هي من مسؤولية الزوج وليس الزوجة ، ومع هذا ، فإن الله تعالى لا يكلف الإنسان فوق ما يطيق، بل كما قال تعالى : "لينفق ذو سعة من سعته"، فالزوج مطالب بالإنفاق حسب تيسير الله تعالى له دون إسراف أو تقتير، يعني أنه لا يحق للزوجة أن تكلف زوجها فوق طاقته، بل تعيش حسب مستواه الاجتماعي فيما يخص شئون البيت، أما فيما يخص شئونها فهي حرة تتصرف كيف تشاء، وليس لزوجها أن يسألها : ماذا أنفقت وفيم أنفقت، بل تراقب الله تعالى في تصرفاتها، فتنفق مالها فيما أحل الله وشرع، لأنها أمة من إماء الله، والله تعالى هو الذي يحاسبها على تصرفها في مالها وليس زوجها أو غيره.
أما الأساس الثاني: فهو أساس الفضل، يعني أن تطيب نفس الزوجة بما تنفق من مالها على زوجها دون إكراه أو إجبار منه، لأنها حين تفعل ذلك إنما تفعله طلبا للثواب وحبا للزوج وكرامة له، على أنه لا يحق للزوج أن يغضب أو يجد في نفسه غضاضة من أن تنفق زوجته أو ألا تعطيه من مالها، فالفضل لا يسأل عنه صاحبه، ولكنه يثاب عليه، وحين يكون أساس الشريعة واضحا يفض كل اشتباك بين المتنازعين.
هذه قواعد عامة يجب مراعاتها قبل طرح أي علاج للخلاف بين الزوجين في العلاقات المالية.
أما بخصوص تعود الزوج على أن تعطيه الزوجة ما يريده من المال، فهو وإن كان كرما من الزوجة ، فإنه يجب علينا سبر أغوار النفس البشرية، فالزوج ربما يكون عنده ما يجعله غاضبا من تغير الموقف، وإن لم يكن فيه محظور شرعي من ناحية الزوجة ، ولكنه يجب علينا أن ننظر للعلاج والتغيير، ولا تكون قواعد العدل هي الحاكمة إلا عند التنازع والخصام، أما في الحياة الزوجية الهادئة فيكون الحوار وطرق مداخل الإقناع بحرفية عالية لنوصل مرادنا للمخاطب بذكاء محافظين على مشاعره ، وخاصة أنه زوج، وفي هذا المقام أنصح الأخت بما يلي:
1-أن تتدرج في عدم تبليغ الزوج بكل ما تملك من مال، لأنه من الطبيعي أن يجد في نفسه عند حاجته ولا تعطيه زوجته وهو يعمل أن عندها مالا خاصا بها، فيكون الجهل بما معها بداية للمنع وعدم التعود على الأخذ، وخاصة أننا نعالج وضعا معينا.
2- أن تتدرج الزوجة في المنع، فلا تقطع الإنفاق دفعة واحدة، ولا تستمر في العطاء ما كان عنده سعة، بل تعطيه قليلا حين حاجته وتمنعه في حال كفايته.
3-أن تطلب منه كل ما يحتاجه البيت من الحاجات الأساسية دون إرهاق له، فإن هذا يوصل له معنى الإنفاق بشكل عملي، بل من الأفضل أن تجعله يجلب لها ما تحتاجه من أشياء.
4- أن يظهر من ممارستها في الإنفاق الحفاظ على الخصوصية المالية لها، بشكل يؤدي إلى المقصود مع الحفاظ على المشاعر.
5-عند الاختلاف يكون الحوار الهادئ الصريح هو السبيل للإفهام ووضع النقاط على الحروف.