أفيدوني، فأنا في أشد الحيرة، فقد أفتى معظم الفقهاء أن من حق المرأة ألا تقول لزوجها أو خطيبها على علاقتها السابقة سواء علاقات برئية أو غير برئية لأن هذا أصبح أمر نسبيا في زمن الانحطاط واللا أخلاق فعلى ماذا استند الفقهاء في هذه الفتوى، هل بحجة التستر وأي تستر هذا...
التستر على الخداع أم ماذا؟؟؟ وأليس من حق الرجل أن يعرف قبل الزواج بماضي زوجته أو العكس أن تعرف الزوجة ماضي زوجها (أفضل أن يعرف الزوج من الخارج بمحض الصدفة) وهو الذي يقرر أن يستمر أو لا.
بدل أن يعرف بعد الزواج ويكون هناك أطفال ويظل في و ضع محير وأمام أمر واقع لا يعرف ماذا يفعل فيه (زوجة في نظره غير شريفة أو لا يطيقها وأطفال لا ذنب لهم سوف يعيشون مشتتين في حالة الطلاق) ولا تقولوا لي إن الله غفور رحيم ستار لأن هذا من خصائص الله فهوالذي يرحم ويطيق هذا أما نحن كبشر فهناك كثيرون لا يطيقون هذا على أنفسهم فهل الحل هو الطلاق؟
و هل هذا هو مبدأ الإسلام الغش و التدليس قبل الزواج ثم على الزوج في حالة المعرفة أن يشرب المقلب و تكاليف الزواج والنفقة؟ شكرا للسادة الفقهاء الذين أفادونا بهذه الفتوة وجعلونا متناقضين ومتخبيطين أمام الأمم الأخرى وأود أن أذكر الدكاترة الذين يقولون أن هذا لو حدث مع امرأة أجنبية أسلمت لسامح الرجل الشرقي وبل كان فخور بها أمام أهله.
لكن أود أن أقول إن المرأة الأجنبية صريحة والمجتمع الغربي كله صريح وعادل في ما بينهما و في النهاية الرجل هو الذي يقرر أن يستطيع أن يقبل بهذا الوضع أم لا، عكس معظم مجتمعنا الكاذب المنحط أخلاقيا في الخفاء فقط، و في العلن نحن ملائكة (وانظروا إلى ما يحدث في مجتمعتنا العربية الآن، انظروا ماذا يحدث في الجامعات من قبل المحجبات وفي الشوارع وحدث ولا حرج ماذا يحدث في السيارات وفي الشوراع المظلمة ثم يعودوا إلى المنزل وسط الأسرة البنات المحجبات الملتزمات العفيفات أمام الأهل. وأيضا الشاب عندما يعود إلى المنزل بعد ما فعل من موبقات خارج المنزل فهو الشاب الملتزم الخلوق أمام الأب والأم فهل الإسلام عبادة أم أخلاقيات أولا؟) لا أعرف كيف أختار شريكة الحياة في وسط هذا التزييف والخداع، أود أن أذكر أن هذه الأسباب أصبحت من أسباب عزوف كثير من الشباب عن الزواج مع مقدراتهم المالية والصحية.
فكيف السبيل إلى الزواج في وسط هذه التناقضات والتخبطات وعدم الثقة في الطرف الآخر ومع الاهتمام فقط من جانب الأهل بالنواحي المادية وبطريقة جشعة (لو حبذا أخذ البنت بشنطة هدومها ويجب على العريس أن يجهز كل شيء من الألف إلى الياء ويا ويله لو خسع).
أريد أن أعرف رأي السادة الدكاترة في صفحتكم وماذا يفعل الشباب في وسط هذا المجتمع المتخبط والضعيف أخلاقيا.
(ولا تقولوا لي ابحث في الوسط الأسري أو الاجتماعي لأن هذا في غاية الصعوبة في وسط تخبطات الحياة وصعوبتها وأصبحت هذه الروابط محددوة إلى حد ما)
فكيف لي بمعرفة أن زوجة المستقبل لم تتخذ أخدان أو أصدقاء أو بوي فريند كما يحدث الآن أم نحن الشباب الذين ينتهجون منهج الدين الإسلامي نفكر بطريقة رجعية أو إسلامية متخلفة أو بطريقة متشددة إرهابية؟
فهل على الشباب أن يساير الموجة أم يتجه للانحراف أم يترهبن ويتعفف عن الزواج أم يتزوج منحرفة أم يتزوج أجنبية أم يتزوج عفيفة من الظاهر والله أعلم بالداخل والماضي أم ماذا يفعل بالتحديد؟
مع الشكر
وعذرا للاطالة
18/3/2025
رد المستشار
الأخ الكريم
شكرا لك على تساؤلاتك وعلى احتجاجاتك وعلى انتقاداتك لما هو سلبي في حياتنا المعاصرة ولكل مظاهر الازدواج والنفاق التي تستنكرها ونستنكرها جميعا.
ونود أن نشير إلى أن البشر بطبيعتهم لديهم الكثير من التناقضات ومن الأسرار ومن الخبايا بعضها قد نعلمه وبعضه لا يعلمه إلا الله، ومالا نعلمه نوكل أمره إلى الله سبحانه وتعالى ونتعامل مع ما يظهر من الناس لنا فلا نحاكم النوايا ولا نتلصص على خصوصيات غيرنا.
وهناك فرق مهم بين مفهوم الستر في الإسلام ومفهوم التستر الذي يمارسه كثير من الناس فالستر يعني أننا في لحظات ضعف وقعت منا بعض الأخطاء وتجاوزناها وارتقينا فوقها وتغيرنا وتبنا إلى الله واستغفرنا مما وقع منا ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه لا يدفعنا إلى أن نذل أنفسنا ونذهب لنعترف لرجل دين أو لغيرنا من البشر بما وقع منا ولكن يكفي أن نكف عن خطأنا ونستغفر ربنا ونرد المظالم إن كان ثمة مظالم تجاه أحد من البشر ونعزم على عدم العودة وهذا هو مفهوم التوبة العظيم في الإسلام ومعه مفهوم الستر.
أما التستر وهوا ذي تتحدث عنه وتنتقضه وننتقضه معك فهو حالة منا الازدواجية وحالة من الكذب وحالة من الخداع حيث يقوم الإنسان رجلا أو امرأة بفعل أشياء قبيحة ويتظاهر بعكسها وربما يستغل المتسترون بعض الفتاوى الفقهية للاستمرار في تسترهم على أنفسهم وعلى غيرهم، فالفتاوى الفقهية صدرت من منطلق مفهوم التوبة والستر للحظات ضعف تبنا عنها وتجاوزناها وبدأنا صفحة جديدة.
وليس من المفيد أن ننشر أخطائنا وخطايانا على الملأ لكي نثبت صدق نيتنا، فقد قمنا بالاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى وهذا يكفي، وفي موضوع الزواج بالذات فإن من الناحية النفسية إذا تطوعت الزوجة بأن تحكي كل أسرارها وأخطائها الماضية التي مرت وتابت هي عنها وسترها الله فإنها لو فعلت ذلك فإنها تزرع بذرة شك في نفس زوجها وتجعله دائم القلق من ناحيتها.
فمثلا إذا كانت هناك حالة من الإعجاب مرة بها في المرحلة الثانوية لأحد أقربائها أو لابن الجيران وصارحته هي بهذا الشعور فماذا سيفيده؟ بل إن المتوقع أنه يبدأ في التساؤل أكثر وأكثر عما إذا كانت هناك علاقات متبقية لديها لهؤلاء الأشخاص الذين ذكرتهم أو غيرهم وهذا يفتح عليهم باب جهنم من الشك والغيرة والقلق.
أما إذا كان هناك في حياة المرأة خطبة سابقة أو زواج سابق أو شيء معلوم وظاهر للناس فمن الأفضل أن تخبره بهذا الأمر حتى لا يعلمه من الخارج كما ذكرت ولكن حتى في حالة ذكرها لخطبة سابقة أو لعلاقة سابقة معروفة لدى الناس فيجب ألا تدخل في تفاصيل هذا الأمر وإنما تذكره مجملا حتى لا تجرح شعوره بالتفاصيل فليس من الحكمة أن تذكر تفاصيل ما كان بينها وبين خطيبها السابق أو زوجها السابق أو علاقاتها السابقة فإن ذلك يؤذيه ويجرح كرامته ويحرك نيران الشك بداخله.
لهذا ننصح من الناحية النفسية بألا تتطوع الزوجة أو يتطوع الزوج بذكر خبراتهم العاطفية أو غيرها للطرف الآخر، فعدم ذكر هذه الأشياء أفضل بكثير من ذكرها، ونحن هنا نوازن بين المنفعة والضرر فإذا كان البعض يرى في المصارحة بهذه الأشياء منفعة وشفافية فإن الضرر المترتب في الإفصاح عن هذه الأشياء أكثر بكثير من أي مزايا.
ونحن ندعو الجميع إلى الحفاظ على عفتهم وطهارتهم وإلى مراعاة الله سبحانه وتعالى في سلوكهم حتى يسود الإحساس بالطمأنينة في العلاقات بين البشر وحتى تزول سحب الشك التي تحدثت عنها من نفوس الشباب، تلك السحب التي ذكرت أنها وراء إحجام الكثير من الشباب عن الزواج نظرا لكثرة العلاقات المحرمة خارج إطار الزواج ونظرا لشيوع التستر على تلك العلاقات.
الإسلام هو دين العفة ودين الطهارة ودين الصدق فمن أراد أن يتحلى بهذه الصفات فهو يدخل في عالم السلام والطمأنينة والصدق والسكينة ويرزقه الله من حيث لا يحتسب.
أما في المجتمعات الغربية وعلى الرغم من قدرتهم على البوح بمثل هذه العلاقات مما قد يراه البعض صدقا وشفافية إلا أن لديهم مشكلات وكوارث كثيرة أخرى في علاقاتهم الزوجية والأسرية عموما.
فالأمر لديهم لا يخلو بل هو يتشبع بالخيانات والعلاقات المتعددة خارج إطار الزواج فليسوا بالنموذج الذي نصبو إليه خاصة في تلك العلاقات الإنسانية التي يشكون هم أنفسهم من تدهورها بشكل مريع، ومن عاش في الغرب يعرف حجم هذه المشكلات ويعرف أنهم ليسوا في الوضع المثالي الذي نحسدهم عليه.
واقرأ أيضا:
حتى لا تعمينا رغبة الزواج عن حكمة الاختيار
اختيار شريك الحياة: كيف أجد المناسب؟
غياب الخبرة.. والبحث عن حورية البحر المفقودة
عند الاختيار.. فتش عن التكافؤ وتجاهل الانبهار
أبحث عن شريك يشبهني.. نحن لا نتزوج أنفسنا