السلام عليكم
أنا فتى أبلغ من العمر 19 سنة، أحببت فتاة مقاربة لي في العمر، وأريد الزواج منها، ولكن التعقيدات التي تواجهنا ـ نحن معشر الشباب هذه الأيام ـ تحول بيني وبين ذلك، فأولاً: يجب أن أتخرج في الجامعة، ثم أعمل، وأكوِّن لنفسي مبلغاً ماليًّا كبيرًا؛ حتى أستطيع شراء شقة تمليك، وأن أفرش البيت بأثاث جديد...
أنا لا أعارض هذه الأمور، ولكنها حتى تتحقق تحتاج إلى عشر سنوات على الأقل، أنا أريد هذه الفتاة كزوجة لي، وهي تريدني أيضًا، والخُطَّاب بدءوا يتوافدون عليها، وأهلها يحاولون الضغط عليها للموافقة على أحدهم، علمًا بأنهم من عائلات كبيرة،... ماذا أفعل أنا حتى يفهم أهلي وأهل الفتاة أن الزواج ليس بالمظاهر والشقة، والأثاث، والحلي، والذهب؟
علمًا بأنني أستطيع أن أدبر شقة مفروشة بإيجار لفترة؛ حتى أشتري الشقة التمليك، وأنا حاليًا أعمل في مجال برمجة الحاسوب الذي هو مجال دراستي الجامعية إلى جانب الدراسة. هذا وأنا -والحمد لله- من الطلاب المجتهدين في الدراسة.
وأنا دائمًا من العشرة الأوائل على الدفعة التي تتكون من 200 طالب.......
أفيدوني أفادكم الله.
01/01/2025
رد المستشار
أخي العزيز، مشكلتك تثير قضية عامة، سبق وأن عالجناها من زوايا مختلفة، فصعوبة الزواج في مجتمعاتنا من شأنها أن تصل بنا إلى ما وصلنا إليه من أن الحرام قد صار أيسر من الحلال، وهو الوضع الذي يجب أن نتعاون جميعًا على الخروج منه، ولكنني أسارع بالتنبيه إلى أن صعوبة التبكير بالزواج لا تَكْمُن فقط في توفير الماديات التي يطمح إليها الكثيرون الآن بالحق أو بالباطل خالطين فيها بين الضروريات والكماليات، ولكن أيضًا في توافر النضج الكافي في الطرفين: الشاب والفتاة، واللازم لاختيار سليم، وإدارة ناجحة للحياة الزوجية والأسرية.
الزواج يا أخي كما تعرف ليس جنسًا فقط، وليس حبًّا عاطفيًّا رومانسيًّا فحسب، وإنما أيضًا مسؤوليات مادية ونفسية واجتماعية تحتاج إلى إعداد وتهيئة نفتقدها في بيوتنا ومدارسنا وإعلامنا، وفي الغالب يتدرب الزوجان "عمليًّا" بعد إقامة الأسرة!!
أقول لك هذا لأتجاوب مع ملامح الرجولة والمسؤولية البادية في جديتك وتوجهك لأبواب البيوت تطرقها بحثًا عن مرادك، لا كما يحلو للبعض أن يقفز من النوافذ، وهذا السمت المحترم هو الذي دفع أعضاء فريق الحلول إلى أن يوافقوا –من حيث المبدأ- على أن أمامك اختيارًا، وفرصة للنجاح في الظفر بالفتاة إذا ما توافرت عدة مسائل، منها: اقتناع أهلك أنت باختيارك وبمنطقك، واستعدادهم للوقوف بجانبك، إضافة إلى قدرة الفتاة على الصمود –لبعض الوقت- في انتظار تخرجك على الأقل، مع حفاظك على تفوقك الدراسي الذي أرى أنه أهم هذه الأمور على الإطلاق، فهذا التفوق هو الذي يَعِدُ بمستقبل مطمئن "إن شاء الله"، ويعطي الفرصة لقبولك زوجًا لابنتهم في حالة تقدمك خاطبًا لها قبل تخرجك، إذا أضفنا هذا التفوق إلى عملك الحالي لبعض الوقت، إضافة إلى موافقة أسرتك، وتمسك الفتاة بك نصبح أمام صورة معقولة يمكن أن تتيح موافقتهم على ارتباط مبدئي يتم استكماله تدريجيًّا وفق برنامج زمني تتفوق عليه: أسرتك وأسرتها، والزمن وجهدك المستمر فيه جزء من تدعيم ثقتهم فيك.
بالرجولة، وحسن إدارة الأمور دراسيًّا وعمليًّا، وبالإصرار والصبر سيقتنع أهلك وأهلها بأن الزواج ليس بالأثاث والمظاهر.. إلخ، وأنا دائمًا أقول: إن وهمًا يشيع بين الشباب مُؤَدَّاه أن أصعب عقبة تقف في وجه الزواج هي موافقة الأهل، والحقيقة أن هذه هي مجرد "الصدمة الأولى" في النزول من الأحلام والخيالات الرومانسية الرائعة إلى الواقع بكل صعوباته وتحدياته، والحاصل أيضًا أن الأمور الأخرى بعد ذلك من تحمل لأعباء الزواج، وإدارة الحياة الأسرية هي الأصعب، وتستطيع أن تتأكد من ذلك بنفسك حين ترى حولك نماذج كثيرة حصلوا على موافقة الأهل طواعية أو انتزاعًا، ثم فشلوا في إدارة حياتهم بسبب قلة الخبرة، ورعونة الأداء، وسوء التدبير؛ فكان الحصاد حالات طلاق سريع، وقلوبًا منكسرة عديدة، وفقدان ثقة واسعًا في الحب واعتبارات العواطف، رغم أن الخلل كامن في العقل لا في القلب.. تمنياتي لك بالتوفيق، وأحب أن أعرف تطورات موضوعك.. والسلام.
واقرأ أيضًا:
الزواج للجميع: الفكرة... الجمعية... التكاليف
الزواج المبكر... ونظرة الازدراء