أود أن أشكركم على الوقت الذي نأخذه منكم؛ فجزاكم الله خيرًا، أنا عمري 24 سنة، وأدرس في الجامعة، والنظام التعليمي هنا يتيح إعادة مقرر من المقررات لتحسين الدرجات والتقدير، وقد قمت بإعادة بعض المقررات؛ وبالتالي أنا في السنة الثانية، والمفروض أن أكون في الرابعة، والمشكلة أنني كسول جدًّا، وأشعر بالاكتئاب والوحدة، لا يوجد أصدقاء حولي لهم نفس الاهتمامات، أو يوجد قلائل ويسكنون بعيداً عني جدًّا، وهذه الوحدة كادت تقضي على دراستي في العام الماضي.
مثلاً نزلت في زيارة للوطن لمدة أسبوعين، وساعدني هذا كثيرًا، ولقد حاولت من قبل أن أتزوج امرأة مسلمة من هنا، ولكنهن معدودات على الأصابع، وإحضار واحدة من بلدي يكاد يكون مستحيلا بسبب المال اللازم لذلك، وأنا أعمل لبعض الوقت في شركة للإنترنت منذ شهرين، ولكن الاكتئاب يؤثر علي في عملي أيضا.
أنا أشعر بالضياع، وحاولت تنظيم حياتي مرات عديدة، ولكنني فشلت، حاولت مثلاً أن ألعب رياضة، ولكن رجلي انكسرت فتوقفت، وحاولت قبلها في رياضات أخرى، ولكن كنت أتوقف سريعاً بسبب الملل، وحدث نفس الشيء بالنسبة للعمل، فقد عملت في أماكن كثيرة، وكنت أترك المكان تلو المكان بعض قضاء فترة قصيرة في العمل، والعمل هام بالنسبة لي لأستعين به على تكاليف الحياة بجانب مبلغ المنحة –وهو قليل– ولا أستطيع مطالبة والدي بمال لأسباب متعددة.
هذا الشعور القاتل بالوحدة دفعني مرة للذهاب إلى نادٍ ليلي، وأنا لم أشرب خمرا والحمد لله، ولكن شعرت بالأسف والأسى بعدها، وأحياناً أشعر أن قراري بالحضور إلى الغرب للدراسة كان خاطئا من البداية؛ لأنه قد يؤدي إلى أن أفقد ديني، وأنا متأكد أن فعلي للحرام سيصيبني بالتعاسة، وأفكر بالرجوع إلى بلدي، ولكنني أعلم أنني إن فعلت – قبل الحصول على الشهادة فلن أكون موضع ترحيب، هذا بالإضافة إلى صعوبة إيجاد عمل مناسب، وأحيانا أشعر بأنني مجرم؛ لأنني تركت أخواتي البنات ووالدي ووالدتي.
زملائي يعتبرونني ذكيًّا، ولكني كسولٌ، وإنني أعتبر نفسي غبيًّا، وغير مسؤول، ولو أن عندي خططًا كثيرة بشأن المسلمين، وأتمنى أن أتزوج مسلمة؛
لأنني أشعر بالوحدة القاتلة الآن، وهو ما دفعني لكل هذه الإطالة.. جزاكم الله خيرًا.
18/9/2024
رد المستشار
أخي العزيز، بداية أنبه من خلال الإجابة عليك على أهمية ملء البيانات الخاصة بالسائل بشكل كامل: هل تتصور أنني حتى قبيل نهاية رسالتك لم أكن أعرف: أذكر أنت أم أنثى؟! لأنك أرسلت السؤال بالإنجليزية، وهي لغة لا تختلف فيها الأوصاف والصفات بين المذكر والمؤنث كما تعلم، أرجو بإلحاح أن يقوم أي سائل أو سائلة بملء استمارة البيانات بشكل كامل، وأكرر "كامل" بما يتضمن بلد الإقامة حالياً الذي يختلف أحياناً عن الموطن الأصلي، وتكون المعرفة به أساسية في الإجابة.
ساعدونا في تقديم خدمة أفضل لكم.. أرجوكم.
نعود لك ولحكايتك التي هي الوضع النفسي التقليدي لمغترب ترك وطنا به عيوب ومميزات إلى بلد فيه مميزات وعيوب، واختلاف العيوب بين بلدك الأصلي، والبلد الذي تدرس فيه لا ينفي المميزات هنا أو هناك، ولا يوجد مكسب بدون ثمن.
أقول لك: تحتاج إلى صحبة مناسبة ليست بالضرورة عربا أو مسلمين طالما يتعذر ذلك؛ في البشر من كل الملل والألوان ستجد الصالح والطالح، الطيب والشرير، ومن شأن هذه الصحبة تشجيعك على المبادرة في لعب الرياضة وغيرها، فالإنسان كائن اجتماعي يحتاج إلى التواصل مع البشر، والذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم خير ممن لا يخالطهم، ولا يصبر على أذاهم.. كما في الأثر.
ورغم أن الوحدة خير من جليس السوء، لكن الاختيار لا يكون بهذا الشكل دائما؛ فأنصحك بالتدقيق في زملائك، واختيار الأنسب لتقترب منه، وتتعرف عليه أكثر وتصاحبه بدرجة معقولة، كما يمكن أن تبحث على مهل عن زوجة المستقبل عبر الدوائر التي تتحرك فيها دراسيًّا واجتماعيًّا، وأنا أعرف أن سعر الانتقال في العطلات للطالب في البلدان الأوروبية –وأنت لم تذكر أين تدرس!!– يكون زهيدا، فلماذا لا تزور أصدقاء من مدينة أخرى، وتحضر أنشطة لمركز إسلامي، أو تجمع ثقافي يختلط فيه بالناس، وتتعرف على أحوال محيطك الذي تعيش فيه بحلوه ومره، وخيره وشره.. بدلاً من اجترار الذكريات عن الوطن، ومفارقة الأهل. وبين الجد والترويح النافع الممتع، سيمضي الوقت وتنهي دراستك وتقرر عندها هل ستعود إلى وطنك أم تستمر حيثما أنت، وتجلب أهلك للعيش معك كما يفعل كثيرون بحثا عما بحثت عنه أنت من فرص أفضل في التعليم والحياة.
الكهف الذي تحبس نفسك فيه مؤقت، وهش الجدران، ولا يحتاج إلا إلى القليل من الجهد لكسره، والخروج منه فهل تفعل؟!! أتمنى أن أسمع منك خطوات إيجابية تقوم بها في هذا الصدد.
واقرأ أيضًا:
الأعزب في الغربة: الحرام المتاح!
لحالي ووسواس قهري في الغربة!
أحزان كل مغترب: يحدث لفرائسنا السهلة!