الخطوبة
السلام عليكم صديقتي تعاني من الوساوس القهرية منذ الصغر يأتي وسواس ثم يختفي ليأتي محله وسواس آخر وهكذا حتى تفاهم الأمر وأصبحت تعاني من الاكتئاب وتدهورت حالتها الصحية وباتت تعاني من الإغماء والدوران ومؤخرا تقدم لخطبتها شاب وهي كانت تعلم أن عقد الزواج ينعقد بالإيجاب والقبول ونظرا لطبيعتها الوسواسية عندما اتصلت عائلة الشاب بعائلة صديقتي بحيث قالوا "هل أنتم موافقون وهل بنتكم موافقة فتم الرد بنحن موافقين مبدئيا وقابلين"
وبعد أيام اكتشفت الفتاة أن الشاب لا يصلي ويشاهد مواقع إباحية، فاتصلت عائلة الفتاة بالعائلة الأخرى وأخبروهم بأنه لا يوجد نصيب وانقطع الاتصال نهائيا لكن صديقتي الآن خائفة إن كان ما دار في الحوار هل هو خطوبة أم عقد ولا تدري ما كانت نيتها في تلك اللحظة؟ وعندما سألت والدها أخبرها أن ذلك مجرد خطبة خاصة أنه لم يتكلموا عن المهر والإجراءات التي تليه فهي كانت تعلم أن عقد الزواج يتم بالإيجاب والقبول وهل ما حدث هو إيجاب وقبول وهل الشك في القصد بحيث لم تعرف هل قصدت الخطوبة أم العقد يعني لا شيء عليها أرجوكم أفتوني حتى تتبين من أمرها خاصة أنها قرأت هذه الفتوى مفادها
* فأجاب بما حاصله: إن كانت العادة جارية بأن الخطبة وإجابتها بالقبول إنما هما توطئة للعقد الشرعي ليلة البناء، وأنه لا إلزام بما يقع بينهم، وإنما هي أمارات على ميل كل لصاحبه فلا إشكال في عدم انعقاد النكاح بذلك وعدم ترتب أحكامه عليه.
وإن كانت العادة أنهما جاريان مجرى العقد فيما يترتب عليه... فلا إشكال أن النكاح انعقد بهما وترتبت عليهما أحكامه.
وإن جُهل الحال بحيث لو سألوا : هل أرادوا الوعد أو الإبرام لا يجيبون بشيء منهما، فالذي أفتى به المزدغي: انعقاد النكاح وترتب أحكامه بهما، والذي أفتى به البقِّيني عدم ذلك كله. ثم قال التاودي: والحاصل: إن كانت العادة أن الخطبة والإجابة بالقبول عقد، ولو ممن ناب عن الزوج والولي وعلم الزوج والزوجة ورضيا به فالظاهر انعقاد النكاح بذلك وترتب أحكامه عليه، وإن كانت العادة أن ذلك مجرد قبول وسكوت أو وعد فلا والله أعلم .
على أن النظر للعادة إنما هو عند السكوت أما عند التصريح بالمواعدة على أن العقد الشرعي إنما يكون ليلة البناء فلا؛ إذْ هو ناسخ لها [أي للعادة] على فرض ثبوتها بأن ذلك عقد "انتهى من" فتاوى الشيخ عليش" (1/ 420). وينظر: شرح التاودي (1/ 17)، وشرح ميارة على تحفة الحكام (1/ 155).
والمشكلة أنها لا تعرف هل في تلك اللحظة قصدت قبول الخطبة أو العقد وهي الآن في دوامة بعد أن رفضت
ونعتذر على الإطالة وجزاكم الله خيرا
16/9/2024
وبعد 24 يوما أرسلت تقول:
الشك والانفصال عن الواقع
السلام عليكم لقد أرسلت استشارة من قبل ولا زلت أنتظر الإجابة إن شاء الله، لكن حدثت مشكلة أخرى وهي أنني التقيت بصديقتي المعنية بالأمر وتحدثنا عن انشغالاتنا وسألتها عن حالتها النفسية فقالت إنها ليست بخير وإنها لم تعد تعرف أن مايحدث معها أهي حقيقة أم مجرد شكوك ووساوس؟ فقلت لها وهل تحسبين أنه قد عقد عليك ويا ليتني لم أقل ذلك فأجابتني نعم فقلت لها لماذا أدخلت نفسك في هذه الدوامة خاصة أن والدها أخبرها أن ما حدث هو مجرد خطبة وأنهم لم يتكلموا أو يعطوها المهر فلماذا الخوف؟
وفجأة تجمدت صديقتي وبدأت بالبكاء وقالت لماذا سألتني ذلك السؤال "تحسبين أنه.." وأن إجابتها بنعم يدل على تأكيدها أنها ربما قصدت العقد وهي الآن تلومني
فهل قولها نعم لسؤالي يعني أنها ربما قصدت العقد أم أن هذه أيضا تدخل في مداخل الوسواس
أرجو الإجابة من فضلكم بالتفصيل وبالأدلة حتى تطمئن، وأتمنى لكم التوفيق
9/10/2024
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "ب" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
أعتذر بداية عن تأخرنا الطويل في الرد على استشارتك فقد أحلناها إلى د. رفيف الصباغ وكان ذلك قبل انتصار الثورة السورية المجيدة، ولأن الظروف الحياتية في دمشق وقتها كانت في منتهى السوء فقد كانت رفيف تتأخر طويلا، ولكن السائل يحظى برد من ذات السطور الذهبية في النهاية، لكن يا للأسف فقد دهمتها المنية صباح الأحد 28 شوال 1446- 27 أبريل نيسان 2025، وأصبح لزاما عليّ أن أرد على ما لم ترد عليه الفقيدة يرحمها الله، لكنني سأرد كطبيب نفساني (وليس كعالم فقه) بما يفيد إن شاء الله، فلا تنسوها من دعائكم.
كان من الأفضل أن تكتب صديقتك لنا بنفسها، لكن لا بأس، الفتوى الموجودة ومراجعها واضحة للجميع فما هو شائع في عالم اليوم هو أن كل ما حدث هو كما قال أبوها مجرد خطبة مبدئية وليست عقدا ولا نكاحا وهو أعلم منها بالعرف الشائع إن كانت تجهله... صديقتك مريضة وسواس قهري ومريض الوسواس يعاني من نقيصتين معرفيتين شعوريتين الأولى هي القابلية العالية للشك والثانية هي عَمَهُ الدَّوَاخِل وهاتان النقيصتان ينتج عنهما عدم قدرتها على التيقن من نيتها أو قصدها ليس فقط من الذاكرة، بل يمكن أن يشمل ذلك النية الحالية.... فصديقتك تختلط عليها دواخلها خاصة فيما يخص الزواج لأنها مريضة بوسواس الزواج القهري.
تشبه حالة صديقتك حالة المريض بوسواس قهري الطلاق والذي وصفناه في مقالة وسواس الطلاق والخلع والزواج حيث نقول إن طلاق الموسوس بالطلاق لا يقع إلا إن أخذ زوجته للمأذون الشرعي، والموسوس لا يستطيع كذلك تعليق طلاق زوجته أي أن الطلاق المعلق لا يقع منه لأنه عند السؤال ماذا كانت نيتك (إخافتها ومنعها من فعل كذا؟ أم تطليقها بالفعل إن فعلت كذا؟) سيعجز الموسوس بالطلاق عن التيقن من نيته ولذلك قال الفقهاء قديما كما علمتنا د. رفيف يرحمها الله، "طلاق الموسوس لا يقع لأنه لا يوقن من نفسه شيئا يبني عليه" أي لا يستطيع لا تحديد ولا التأكد من نيته، وهذا أحد أهم أسباب الخوف الحالي الذي تعيشه صديقتك.
كذلك تذكرنا حالة صديقتك بصاحبة الزواج على الواتساب: وسواس الزواج اللاإرادي م1 والتي راحت تسترجع المحادثات القديمة على الواتساب م5 لتتأكد هل حدث فعلا إيجاب وقبول؟
المهم رغم ذلك ليس موضوع حصول الزواج من عدمه لأن الأمر واضح للجميع، وإنما المهم هو أن صديقتك تعاني من مرض أو اضطراب نفساني مزمن وصفت لنا جزءًا من أعراضه الوسواسية، وقد يختفي هذا الوسواس لكن فقط كما قلت (ليأتي محله وسواس آخر وهكذا حتى تفاقم الأمر وأصبحت تعاني من الاكتئاب وتدهورت حالتها الصحية وباتت تعاني من الإغماء والدوران).... صديقتك مريضة تحتاج إلى تشخيص وعلاج مع طبيب ومعالج نفساني.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.