تساؤل يهم ديني عن بعض الأمور الأخروية
السلام عليكم، أنا شاب مسلم وقد بدأت أتعلم الدين شيئا فشيئا وأرجو من الله أن تقرأ كلامي بدقة وتجيبني بتفصيل.
لاحظت أني كرجل مطلوب مني تكاليف شرعية كثيرة ومنها الواجبة وفي المقابل النساء قل عندهم التكاليف وبل هناك إعفاء ظاهر لهن في كثير من الأمور حتى التي تستطيع هي القيام بها دون وجود أي مفاسد ظاهرة لنا لكني قلت في نفسي أن الله أعطانا أجساما أقوى وبعض المزايا الأخرى لذا من العدل أن نأخذ تكاليف أكثر كما أن التكاليف تجلب لنا الثواب عند الله إذ قمنا بها أو تزيل عنا السيئات.
السؤال الأول: بناء علي ما سبق نحن مكلفون أكثر مع القدرة على القيام بها ولكن هذا لا ينفي أن لنا حقا أخرويا إضافيا مقابل هذه الأعمال الإضافية لأن القدرة ليست بديلا عن المجهود المبذول... صحيح؟
السؤال الثاني: هل بعد قيامي بالتكاليف الإضافية أتساوى مع النساء في الآخرة ولا يكون لي فضل عليهن عند الله أم أتميز عليهن لأن الله جعلني أشقى أكثر في الدنيا؟
بفرض الإجابة نعم للسؤالين السابقين وهذا الرجاء الأعظم لي حاليا عند الله بعد الوقاية من النار ودخول الجنة ... فالسؤال ثالث حينئذ: لما لم يذكر في القرآن أو السنة أن الرجال الصالحون أفضل في الآخرة من النساء الصالحات؟ ما وجدت غير آية (وللرجال عليهن درجة) ولكن تقريبا كل المفسرين على أنه تفضيل دنيوي مثل القوامة وغيرها عدا ابن كثير الذي ذكر (والفضل في الدنيا والآخرة) فلا أدري أيقصد ما أقصده بالآخرة أم له قصد آخر.
السؤال الأخير ما صحة ما قاله الحسن البصري رحمه الله (الحلي في الجنة على الرجال أفضل منه على النساء) وما الدليل على صحتها؟
أرجو منك أن ترد علي بمنطقية مثل منهج ابن القيم وتقنعني بالصواب إن أخطأت لعلي أكون سبب لقربك لله عز وجل
بارك الله فيك
21/1/2024
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا وسهلا ومرحبا بكم "أ. محمد العمر" على موقعكم موقع مجانين.
أدام الله عليك نعمه ظاهرة وباطنة، وجعلك على الخير والحق دائما.. اللهم آمين.
- قرأتُ رسالتك بإمعان جدا وظهر من خلالها أمران، سأجيبك عنهما،إذ هما المحركان للأسئلة التي تسألها:
الأول:- تنظر إلى شأن التكاليف والعبادة نظرة مادية، أي سأدفع جهدا في العبادة، فما هو المقابل؟!.
الثاني:- ثم تنتقل إلى خطوة أخرى، هي المقارنة بينك وبين الآخرين- في هذا الجهد المبذول.
-الثاني:- هل نفعل شيئا على حقيقة الأمر.
وهنا؛ يتطلب الأمر منك أن تنظر من زوايا عديدة أيضا، ما دمت قررت النظر التأملي في الأمر، فتبدأ أولا بالسؤال عن:
- ما معنى التكليف، أو ما هي حقيقة التكليف الماورائية؟!، وحينها ستنضبط رؤيتك تلقائيا للنظر في حقيقة التكاليف الظاهرية؟!.
ثم نذهب في هذه رحلة التأملية التفكرية، في تجرد تام من كل معاني معاملات الدنيا، التي ترتكز على الأخذ والعطاء، كم سأدفع؟!، وكم سآخذ؟!، لأن هذه النظرة تكون في سياق آخر، هو التكافؤ بين المعطي والآخذ، ثم من خلال تفاوت التكافؤ هذا يكون تقدير الثمن في هذه المعاملة، لكن هل العلاقة مع الله -جل جلاله- يمكن تسير في هذا النسق، الله أجاد علينا بالوجود بادئ ذي بدء، ثم لما أجاد علينا بالوجود أعطانا من النعم ما لا يعد ولا يحصى، ثم طلب منا طلبا في جملة تلك النعم، هي أن نؤمن به ونعبده، فهل نفكر في أن العبادة له ثمن خلقه لنا مثلا، وثمن عطائه ونعمه؟!، إذا فكرنا على هذا النسق، فنحن نكون قد قبضنا الثمن بالفعل، لأننا نعبده مقابل خلقه لنا وعطاءاته الكثيرة لنا، ولكن ليس الأمر، حقيقة العبودية معنى أعظم وأعمق بكثير من أن نحصرها في سياق الدفع والمقابل،
وهنا نفهم شيئا من عن حقيقة العبودية التي هي معاني ما ورائية تعود على الروح أو النفس التي سر الله فينا، العبودية أن تُدرك الروح عظمة الخالق الذي خلقها، أن تدرك الروح جمال الوجود حين جاء بها الخالق فيه ولم يُبقها في ظلمات العدم، حين تدرك الروح أو تعي أو تتذوق شيئا ومعنى من حقيقة العبودية فإن الصورة تختلف تماما، ويفهم العقل حينها أن التكاليف التي تظنها النفس شيئا كبيرا ثقيلا هو أقل ما يمكن أن أقول به للخالق شكرا لك لأني خلقتني إنسانا وكرمتني في هذا الوجود ولم تُبقيني في اللا شيء- على ما في الدنيا من شقاء، لكن يبقى الوجود أجمل وأحلى-،
ثم حينها تنتقل النفس انتقالا آخر من خلال هذا الفهم العقلي وهي أن ترى معاني التكاليف من خلال رؤية أعمق، فتعلم أولا أن جود الله من جديد أعظم وأكبر إذ سيجازيني على صلواتي التي لا تأخذ مني ساعة في اليوم ولي باقي الثلاث وعشرون الآخرين، يجازيني على شهر واحد في السنة صوما والشهور الباقية لي، وهكذا تأمل في المطلوب منك كعبادة وجهد مقابل ما هو لك من أعمال وعوائد،
ورغم هذا سيعود ليجازيك جزاء عظيما في الآخرة على هذا، ستكون في جنان أبدية، بلا عبادة وتكاليف أصلا، محض وجود وحياة واستمتاع بلا ثمن ولا مقابل، فأي جمال هو لله وأي جود وأي حسن.
-لو نظرت إلى الأمر هكذا ستتحرر من النظرة المادية، لأنك ستعرف أن أمر التكاليف ما هو إلا الدليل الذي تقدمه لله على حبك له، وعلى امتثالك لأمره، وليست التكاليف ثمنا فعليا تدفع به فضل الله، ففضل الله لا نوافيه مهما انكببنا على عبادته.
-وهنا يأتي دور القلب، الذي نفهم به قول الله "إلا من أتى الله بقلب سليم"، فالسلامة القلبية عليها مدار الأمر كله، وليس العبادة والتكليف، ولذا قال الرسول فيم معنى الحديث فلا يحضرني الآن نصه حين كان يكلم أصحابه في معنى كهذا فقال "لن يدخل الجنة أحد بعمله" قالوا ولا أنت يا رسول الله، قال "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته"، ولكن لا يكون هذا وى على الاحباط فتظن أن جهدك يقع على الأرض، العكس تماما، نقول إن الله يضاعف العمل بفضله وكرمه وجوده فيجعل من الحسنة الواحدة عشرة، والعشر إلى أضعاف كثيرة،
لذا تزكية النفس وتطهيرها هو الأعظم "قد أفلح من زكاها" لأن تزكيتها تأخذ إلى "إلا من أتى الله بقلب سليم".
-وهنا أعتقد أن النظر لقضية الرجل والمرأة أصبح مختلفا، ما دمنا قد علمنا أن العبادة والتكاليف جزء من حقيقة الأمر وليست هي الأمر كله، لذا كان الفضل عند الله بالتقوى، لا لعربي على أعجمي ولا أسود على أبيض ولا رجل على امرأة،
ولو مصر على نقطة التخفيف عن المرأة في ظروف ما، فانظر حينها للثمن إذن-أقول هذا على سبيل الممازحة-،
إذ المرأة تعبها وتغير هرموناتها له ثمن ليس بالهين، يمكن أن تقرأ في ذلك في الكتب العلمية، أو تسأل عنه المتخصصين،
ولكن أعتقد أن الصورة اختلفت قليلا بإذن الله.
في النهاية أشكرك على مشاركتك الجميلة، وفي انتظار المزيد من المشاركات.
دمت سالما "أ. محمد العمر".
ويتبع>>>>>>: الميل للشذوذ وبعض المازوخية.. وشخصيات الكرتون م1