قلق ومخاوف.. والشعور بالذنب
السلام عليكم:
أنا طالب جامعي حاليًا، المشكلة: هي أتذكر مواقف حصلت لي، وما زالت تشكل لي تهديدًا، وتسبب لي الألم العميق، وتعاسة حقيقية، وقلق مستمر، وترقب، وتخوف، والإحساس بالذنب أحيانًا، ألوم نفسي، وأنعت نفسي بالجبان أو لا أمتلك شجاعةً كافيةً لمواجهة المواقف، وأشكك في قدراتي.
أنا شخصٌ لا أحب المشاكل والمشاجرات، مررت بمشاجرات لكن قليلة، أحب الهدوء، وأنا شخصٌ حساسٌ، عندما كنت صغيرًا كنت خجولا وطيبًا، وكنت متميزًا في الدراسة، وكنت اجتماعيًا نوعًا ما، لكن أتجنب الغرباء، كنت أحاول دائمًا عدم جلب المشاكل لعائلتي.
أتذكر عندما أكملت دراستي الابتدائية، صادفت شخصًا بعمري أو أكبر، وكأنه كان يعرف أبي؛ لذا تحدثت معه، لكن كلما أصادفه يتكلم معي، ثم يحاول ضربي بدافع المزاح أو بدافع الكره لا أعرف بالضبط، أحيانًا أتقبله، وأحيانًا أبتعد عنه، ولم أفكر حتى في مواجهته، بمرور الأيام نسيت الأمر، عندما أصبحت في الثانوية عانيت من هبوط مستوى دراستي، وإخفاقات مستمرة، لكنني تخطيتها، كنت في بعض الأوقات أحب الجلوس وحيدًا تلقائيًا، إلى أن أصبحت في آخر سنة من الثانوية بعمر 18انتقلت إلى ثانوية جديدة؛
في الأيام الأولى تعرف عليّ عدة أشخاص لم أشعر براحةٍ تجاههم، كانوا يتحدثون معي باستهزاء وبمزاح شديد، وكأنما أنا عبدهم، كنت أتحدث معهم وأتصرف بهدوء، بدأ القلق، كنت كثير الخوف والقلق على نفسي، وعلى شخصيتي؛ لذا كنت أتجنبهم، لكن لاجدوى، بمرور الأيام استفدت من عدة مواقف لقطع علاقتي بهم، ولم أتحدث معهم، شعرت بالراحة نسبيًا، لكن بقي القلق، وأيضًا بقي أحدهم يستخدم معي أسلوب الاستفزاز، كلما يمر بجانبي يحاول استفزازي، أو يصدر صوتًا، أو ينظر لي باستمرار.
واستمرت هذه الحالة لمدة أشهرٍ، وحتى في الطريق كنت أعلم بذلك لكن أتجنبه، كنت شديد الغضب، والقلق في داخلي بازدياد دقات قلبي، وكنت مستعدًا لأي شجارٍ محتملٍ، ولا أعرف ربما أكون أفعل ذلك؛ لأنني غير قادرٍ على المواجهة، بعدما أصبحت في الجامعة، كلما أشعر بالراحة تظهر في ذهني ما حصل لي سابقًا، يظهر القلق والخوف المتكرر يوميًان وأحيانًا ساعات في ذهني، وتتكرر أشكالهم وأفعالهم يومًا، وأتذكر مواقف هاتين الحادثتين، وحتى مواقف جديدة حصلت معي أحيانًا، أقول لنفسي هذا ماضٍ انتهى، لكن لا فائدة، أحيانًا أصف نفسي، وأقول جبان، لماذا لم أواجهه؟! ماذا لو صادفتهم مرة أخرى؟ أو ربما أصادفهم لأنني كنت أتخيل مواقف أمر بها وتحدث فعلا.
بدأ قلقي يصل لحد الخوف على شخصيتي والتفكير في المستقبل، لاسيما وقد أصبحت مختلفًا عما كنت بكثير، حتى أفكر أحيانًا عندما أرتبط، كيف أتصرف لو حدث معي نفس الفعل؟ وحتى حاليا لا أبادل الإعجاب بالطرف الآخر؛ بسبب هذا القلق، كيف أرتبط وأنا غير متاكد من قوة شخصيتي؟! مع العلم أني لا أشعر بأن شخصيتي ضعيفة، فتصرفاتي وأفعالي لا تدل على ذلك؛ لذا أشعر بالحزن الشديد، أشعر بالتعاسة، وحالات القلق متفاوتة، لكن خلال هذه الأشهر أشعر أحيانًا بأن البعض يراقبني، أكره رؤية الأماكن التي حصلت فيها المواقف أو حتى الذهاب إليها، حتى بدأت اكره الأيام الجميلة، ولا أشعر بطعمها.
حاليًا أصبحت أحقد على مَن يريد السوء بي، وقد تكون ردة فعلي قاسية جدًا تجاه مَن يحاول استفزازي، أصبحت أحيانًا لا أميز المزح عن الجد، وأواجه صعوبة التأقلم، قمت بالبحث عن هذا الأمر حاولت إيجاد حلولا، حاولت تطبيق دروس؛ لتخفيف حدة القلق، وحاولت التغير أو النسيان لكن لاجدوى .
متأسف على الإطالة.
أرجو وصف بالضبط ما الذي أمر به؟ وما العلاج؟ وما الطرق الممكنة؟
وهل هذا له تأثير على حياتي الخاصة مسقبلا؟
متمنيًا لكم التوفيق والنجاح الدائم.
06/06/2015
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إن ما حصل لك في صغرك يسمى "التنمر Bullying " أي أن هناك مجموعةً تستغل طيبة أو ضعف بعض أقرانهم ليؤذوهم بالسخرية والاستهزاء، ومعاملتهم كما ذكرت "كعبيد" وربما تطور الأمر للشجار والضرب، وهذه المعاملة تسببت في الشعور بالحقد تجاه الآخرين ولوم الذات "لِمَ لم أدافع عن نفسي؟" وللأسف فإن هذه الحالات منتشرة، وأنت لست وحدك.
وكون هذه الأفكار تلاحقك الآن في الثانوية وما بعدها، فإنها بدأت تسبب لك حالةً من الاكتئاب ربما البسيط، وضعف الثقة بالنفس، والجدير بالذكر أن حالتك لها العلاج المناسب _بإذن الله_ بالعلاج النفسي وتنمية ذاتك؛ لتقوية شخصيتك، وتستطيع أخذ حقوقك دون أن يتعدى الآخرون عليك، أنصحك بالتوجه إلى أقرب مركز للعلاج النفسي؛ ليتم تقييم حالتك ووضع برنامج علاجي لك؛ حتى لايتسسب الماضي في المزيد من الآلام لك، وتستطيع بناء حياتك.
وحسب ما تفضلتم به فإن تشخيص حالتك ممكن أن تندرج تحت حالات الاكتئاب المصاحبة بتدني الثقة بالنفس، من الضروري العلاج بالجلسات النفسية، والتي تسمى العلاج المعرفي السلوكي، وهي تعتبر جلسات لتغيير الأفكار السلبية، والقيام بالسلوكيات الإيجابية، وبإذن الله إن عولجت فلن يكون هناك تأثير كبير على المستقبل، أما إن لم تعالج فربما يعيد التاريخ نفسه في مواقع العمل والدراسة الجامعية.
ويتبع ......: من التنمر إلى الاكتئاب الخفيف م